قضايا وآراء

الفيلسوف الالماني فيختة وحقوق الانسان / قاسم خضير عباس

وللتأكيد على ما نذهب إليه أنظر (لإعلان حقوق الإنسان الأميركي ـ عام1776م)، و(لوثيقة إعلان حقوق الإنسان الفرنسية ـ عام 1789م)، و(للإعلان العالمي لحقوق الإنسان) الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948م تجدها جميعاً تدعو لحقوق الإنسان الأوروبي وفق المنهج الغربي وثقافته وفلسفته ومصالحه .

ولدي هنا ملاحظة جديرة بالاهتمام... وهي أن (الثورة الفرنسية)، و(وثيقة حقوق الإنسان) المنبثقة عنها اعتُبرتا (فكراً تحررياً كبيراً) اجتاح أوروبا وهيأ الأرضية لكتابة المنطلقات النظرية لحقوق الإنسان، ومن الذين استهوتهم (أفكار الحرية) الفيلسوف الألماني (فيخته) ـ عام 1800 ـ إلا أنه اكتشف خطأ ما آمن به بعد أن لمس عنصرية (وثيقة حقوق الإنسان الفرنسية)، (ففرنسا) لم ترد من هذه الوثيقة إلا حقوقها وحقوق أفرادها وحريتهم، وتحقيق مصالحها الإقليمية الضيقة.

لهذا ركّز (فيخته) جهوده بعد ذلك على إحياء نظرية (الدولة التجارية المطلقة)، التي اعتبرها أفضل الطرق لتوحيد (العرق الألماني بوطن قومي واحد وأمة ألمانية واحدة)، وإنشاء دولة اقتصادية قوية لها حقوق غير منقوصة عن حقوق (فرنسا وبريطانيا).

وقد اعتبرت جهود (فيخته) الأساس النظري الأول للأطروحة القومية التي نظر لها في كتابه احاديث الى الامة الالمانية ، التي استفاد منها (شارل موراس) و(بارس)، اللذان انطلقا ينظران ويكتبان عن (الأسس القومية الأوروبية)، فيما بلغ التعصب بـ(موراس) إلى اعتبار (العناصر القومية) مهمة لكي تتحول الأمة إلى (شخصية اعتبارية) تعطي السلطة الحاكمة (قوة استبدادية مطلقة) للتحكم بالفرد والمجتمع.

ويعتقد المؤرخون أن نظرية (القومية الأوروبية المتعصبة) قادت إلى ظهور (النازية والفاشية)، وسهّلت ظهور (دكتاتورية الدولة) في أوروبا، وحدوث الحروب العالمية.

وبعد قيام الأمم المتحدة أقرّت الدول الغربية مبدأ التنسيق والسلام فيما بينها، إلا أنها ظلت أسيرة (تعصب مصالحها القومية)، ويظهر هذا التعصب بين الآونة والأخرى في علاقاتها الاقتصادية والسياسية. إلا أن (التعصب القومي الأوروبي) يتجلى بوضوح في علاقة الغرب وسياسته العنصرية مع (العالم الثالث)، ونهب ثرواته، وسحق حقوقه الإنسانية.

وهكذا نعرف أن أوروبا تطرح شعار (حقوق الإنسان) وفق مصالحها... ووفق سياستها...

وإلا بربك كيف تفسر انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني من قبل العدو الصهيوني دون أي اعتراض غربي؟! وكيف تفسر موت 16 مليون أفريقي من الجوع حالياً في حين أن (الدول الصناعية السبع) تتفرج وتناقش دون حماس كيفية جدولة الديون الخارجية عن الدول الأكثر فقراً في العالم؟!

 

قاسم خضير عباس

كاتب وخبير قانوني متخصص

في القانون الجنائي الدولي

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2280 الثلاثاء 20 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم