قضايا

ثقافة نفسية (145): ما لا تعرفه عن الانفعالات

qassim salihyيرى عالما النفس فيهر ورسيل ان (كلّ شخص يعرف ما هي الانفعالات، الى ان يطلب منه اعطاء تعريف، حيث يبدو الامر بعدها وكأن احدا لا يعرف). ويشير الاصطلاح الذي نستخدمه الى ان الانفعالات مشاعر محسوسه. فأنت تشعر بالانفعالات ولا تفكر فيها. فحين يقول شخص شيئا ما او يفعل شيئا ما له اهمية على المستوى الشخصي، فان انفعالاتك تستجيب لذلك، مصحوبة بافكار ترتبط بها، وتغيرات فسيولوجية ورغبة في القيام بشيء ما. فاذا طلب منك زميل درجته الوظيفية اقل منك ان تسجل ملاحظات في احد الاجتماعات، فقد تشعر بالغضب، وتقول: (من هو ليملي عليّ افعالي؟) .. فتتغير حالتك الفسيولوجية كما يرتفع ضغط دمك، وتشعر بالرغبة في اهانته.

يمكن ان تكون الانفعالات ايجابية او سلبية، وترقى الايجابية منها بشعور الشخص الى حاله افضل، وسواء كان هذا الشعور احساسا بالفخر او الامل او الارتياح، فهو يجعل المرء يشعر بأنه في حالة طيبة. وفي التفاوض، فأن التفاعل بايجابية مع الشخص الآخر ينطوي على احتمال بناء التناغم، بعلاقة يميزها حسن النيه والتفاهم والشعور بالانسجام. وعلى النقيض من ذلك، فأن الغضب والاحباط وغير ذلك من الانفعالات السلبية من شأنها ان تشعرك بالكآبه، كما يقل معها احتمال بناء التناغم.

عليك ان تعلم ان الانفعالات يمكنها ان تقضي على اية امكانية للوصول الى اتفاق حكيم، كما يمكنها ان تحول علاقة ودية الى عداء دائم يلحق الضرر بالجميع.

والانفعالات يمكن ان تحول انتباهك عن الامور المهمة. فاذا ما شعرت بالضيق .. انت او الشخص الآخر، فسيكون على كل منكما التعامل مع العديد من الانفعالات المتضاربة وستطرح بعض الاسئلة نفسها: هل تغادر المكان مندفعا؟ ام تعتذر؟ ام تجلس بهدوء وتغلي غضبا؟ .. اي ان انتباهك سيتشتت بين الوصول الى اتفاق مرض وحماية نفسك وبين مهاجمة الطرف الأخر.

واعلم ان الانفعالات يمكن ان تستخدم لاستغلالك!. فاذا ما احجمت عن سماع اقتراح يقدمه من يفاوضك او ترددت في اخباره بما تريد، فستكشف ردود افعالك الملحوظة عن شواغلك (الحقيقة) ونقاط ضعفك، كما يمكن لمن يلاحظ بعناية ردود افعالك الانفعالية ان يعرف كيف يستغلها (غمر الفتاة بالرومانسية .. تسحرها، واستفزاز المنفعل يؤدي الى خسارته القضية).

كان هذا من كتاب (بعيدا عن العقل) الفائز بجائزة الكتاب المتميز لمؤلفيه روجر فيشر و دانييل شابيرو.

 

تعليق:

مع ان الانفعالات (سعادة، حزن، غضب، حب، كره .. . ) موجودة عند جميع البشر الا ان طريقة التعبير عنها تختلف من ثقافة الى ثقافة اخرى. ونرى ان الشخصية العراقية تغالي في التعبير عن انفعالاتها. فالعراقي اذا كره .. كره بحقد وانتقام، واذا وقع بالحب فانه يحب بجنون. اما في الغضب فياويل المغضوب من الغاضب. تأمل حين ينفعل (الزوج او الزوجة) فأن المشهد يكون ان احدهما يرمي بالحطب والاخر يصب النفط عليه .. ويتصاعد (الحريق) ليتحول بينهما من حبّ وودّ الى رماد، ويكون الاضعف هو الضحية.

وتأمل مشاهد (الكاميرا الخفيه) في الثقافتين الاوربية والعراقية فستجد ان الاوربي الذي يضعونه في مقلب (ينصبون عليه) يتصرف بمزاج لطيف ودم بارد فيما العراقي، يتصرف بمزاج حاد ودم حار .. وكثيرا ما يحصل ضرب بالايدي وركل بالارجل و (ملاطش بالعكل .. جمع عقال) و (فشاير غط وجهك عنها) يضطر المخرج الى (لطشها) بموسيقى.

والأهم، ان الانفعالات لها دور رئيس بفشلنا في التفاوض السياسي، واننا كنّا لهذا الدور من الغافلين! .. وما زلنا!!.

 

في المثقف اليوم