قضايا

دور المؤسسات السياحية بازدهارالاقتصاد العراقي.. السياحة الدينية انموذجا

السياحة وكما هو معروف تاريخياً كان لها أثر فاعل في تطوير العديد من المجتمعات اقتصاديا وثقافيا، فقد حظيت السياحة باهتمام كبير من قبل العديد من دول العالم من خلال الدراسات الاقتصادية، ووضع السبل الكفيلة للوصول الى أفضل الطرق الاستثمارية من أجل تحقيق مردودات وعائدات اقتصادية وفيره مما يؤكد أهمية تشغيل قطاع السياحة بطريقة اقتصادية صحيحة، فهناك العديد من الدول تعد السياحة بالنسبة لها أحد المصادر الرئيسية في تكوين دخلها الوطني. فعلى سبيل المثال نجد ان دول تعتمد في مواردها الاقتصادية بشكل رئيسي على السياحة وزيارة المواقع الاثرية او الدينية، فقطاع السياحة يكتسب اهمية لاتقل عن أهمية بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى وقد يتبوأ هذا القطاع المرتبة الاولى بين القطاعات الاخرى في بعض الدول ومن هذه الدول: نذكر على سبيل المثال اسبانيا فبعد سبع سنوات من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بإسبانيا، عادت السياحة بقوة لتنتشل الاقتصاد من عثرته. فقد زار أسبانيا نحو 29.2 مليون سائح دولي في عام 2015. وفي عام 2016 بلغ معدل نمو الاقتصاد في إسبانيا 70%، وهي أسرع وتيرة للنمو منذ عام 2007. وسجلت السياحة الإسبانية مستويات قياسية بعدما نمت بنحو 80% في النصف الأول من عام 2017، في إشارة إلى عودة إسبانيا للمنافسة على المرتبة الأولى على مستوى العالم والتي تحتلها فرنسا حاليًا.

اما في اليونان فقد كانت من اكثر الدول التي عانت من اثار الازمة الاقتصادية العالمية ولكنها كدوله تتمتع بمورود سياحي سنوي عالمي استطاعت شيئا فشيئا ان تقلص من حجم هذه الازمة.

فمن الممكن أن يكون للسياحة الدينية شأن كبير في انتعاش الدخل الوطني العراقي بما تمتلكه من مقومات قادرة على أستقطاب ملايين الزوار المسلمين وغيرهم سنوياً. فالدخل الوطني يتكون من خلال الفعاليات التي تمارسها القطاعات الأخرى المختلفة (زراعية، صناعية، خدمية) على مدار السنة، وكل قطاع منها يمتلك مجموعة مشاريع تتمثل بالمعامل والمصانع والمزارع والمنشآت والمؤسسات وغيرها. وتقوم هذه الوحدات بمزج عناصر الإنتاج مع بعضها لكي تحولها إلى سلع وخدمات نافعة للمجتمع.

لذا يمكن للسياحة الدينية أن تكون مصدراً مالياً مهماً لخزينة الدولة عن طريق الإيرادات التي تحققها الرسوم المستوفاة من الزوار ومن الخدمات التي تقدم لهم، فالعراق بإمكانه أن يعيش بترف عال من السياحة فقط لان هذا النوع من السياحة يمثل مورد اقتصادي ومالي لاينضب فأهميته لاتقل عن اهمية النفط، لذا بأمكاننا بقليل من الاهتمام والتخطيط، تصبح السياحة الدينية مورادا هاما وجديدا للعراق، ولكن الامر يحتاج الى دراسات لخبراء في هذا المجال مع دقة وحرص في التنفيذ فهي فضلا عن امكانية ان تشكل لنا مصدرا ماليا اقتصاديا هائلا، فإنها تسهم بصورة فعالة في تسريع بناء الدولة واركانها وتضاعف من قوة مؤسساتها لذا ندعو الحكومة والجهات المعنية الى تشكيل لجنة او مجموعة لجان مختصة لدراسة هذا الموضوع بصورة جادة من الناحية الاقتصادية وهو أمر ليس بالصعب اذا توافرت الارادة والتخطيط والخبرة.

لكننا نلاحظ في العراق الإهمال الكبير في التعامل مع النشاطات السياحية على نطاق سياسة الدولة وخططها الاقتصادية ومحدودية التعامل معه كمورد اقتصادي مهم من موارد الدولة، والاعتماد الكامل على مردودات البترول في دعم اقتصاد البلد مع العلم أن مستقبل البترول آيل للنضوب بعكس السياحة التي تعد نفطاً لا ينضب.

 

م. ايناس صادق حمودي

 

في المثقف اليوم