قضايا

الاختيار وحرية الانسان

"ان حرية الانسان تكمن باختياره نوع الحياة التي يريد، حتى الانسان التعيس، اختار ان يكون تعيسا بارادته، والا فعليه على الاقل ان يرفض التعاسة، وذلك بحد ذاته اختيار"..

ياتي الانسان الى هذا العالم بلا خيار، لايملك حق اختيار جنسه او لونه، لايملك حق اختيار والديه، ووطنه الذي ولد فيه وانتمى اليه، لايملك حق اختيار اسمه، او عقيدته، اي انه مسيرا ليس مخيرا الى ان يبلغ اشده ليملك فيما بعد حق اختيار تفاصيل حياته بالطريقة التي تلائمه، وعلى هذا الاختيار تترتب اموره الحياتية ديناميكيا، فاذا حالفه الحظ وكان اختياره صحيحا باختيار نوع الدراسة التي يرغب بها مثلا، وفيما بعد ممارسة المهنة التي يحب، ثم اختيار شريك الحياة الذي يرغب الاقتران به و يكون مبنيا على مستوى متكافئ اجتماعيا وثقافيا، ففي هذه الحالة ستفتح الحياة ذراعاتها له ويكون النجاح حليفه اينما حل، وتتوج مشاريعه بالنجاح لحسن اختياره، لان الاساس القوي يبنى عليه بنيانا اقوى..

اما اذا اساء الاختيار او فرض عليه خيارا ما تحت اي ظرف، او انه اتخذ قرار الاختيار دون تمحيص ودراسة، بل بناءً على موقف ما اوكرد فعل للحظة ولدت بوقتها، او نزوة عابرة- خصوصا اذا كان زواج- او اي امر مصيري اخر كالطلاق مثلا او الاصرار على امر غير مناسب، فان حياته ستكون ثمنا لسوء الاختيار، وتبدأ الاخفاقات الواحدة تلو الاخرى، ومن فشل الى فشل، خصوصا ان الشماعة موجودة وجاهزة دائما ليعلق عليها الانسان اخفاقاته المتكررة..

وعليه فان الاختيار الصائب من البداية له اهمية كبرى لرسم الخطوط العريضة للحياة، وخصوصا اختيار الشريك الذي له الاثر الاكبر في راحة الانسان واستقراره ونجاحه ثم ابداعه وتميزه في كل مناحي الحياة، فكم من شريك دعم وساند نصفه الاخر ودعمه بكل مايملك معتبرا نجاحه نجاحا للاسرة باكملها، وكان ذلك مدعاة لسعادته في الحياة، وكم من اختيار خاطئ دفع الانسان ثمنه غال، وربما تكون حياته هي الثمن، فاذا كنت لاتستطع ان تصر على اختيار معين، فعلى الاقل عليك ان ترفض باصرار الامر المفروض عليك..

يقول مصطفى محمود"ليس امامي سبيل غير ان اختار، لابد ان اختار في كل لحظة فاذا اضربت عن الاختيار كان اضرابي نوعا من الاختيار"

وقد يخضع الاختيار لاعتبارات معينة، قد تكون فردية وهي ان يفضل الفرد مصلحته الشخصية على الاخرين- وهو امر وارد- والعكس صحيح فقد يكون الاختيار لصالح المجموع على الفرد، وعندها سيكون الامر في غاية الصعوبة، لذا فان تحقيق الانسجام في هذه الحالة مطلوب جدا وان التروي والاقناع يكون السبيل الناجع للخروج من هكذا مازق..

وان اصعب الخيارات، هي تلك التي تصل الى مفترق الطريق يكون عندها الانسان عاجزا، مترددا، تاركا الامر للصدفة كي تختار له مسلما بقدره، كما ان اقسى اختيار ان يختار الانسان بين امرين احلاهما مرليقنع نفسه بانه اختار الافضل- افضل المرّين- في حين ان عليه ان يترك الامرين معاان كان ذلك ممكنا والبحث عن خيار اخر..

يقول هنري وارد بيتشر"ان عيش الحياة ليس خيارا مطروحا فلابد ان تعيش الحياة- الخيار الحقيقي هو كيف تعيشها"

من كل ماذكرنا نستشف الامور التالية:

- ليكن اختيارك صحيحا ومدروسا منذ البداية، فعليه تعتمد حياتك كلها.

- تمسك بخياراتك- الصحيحة- ودافع عنها كي لاتبقى فريسة للندم والياس.

- اذا لم تخترماتريد، ستبقى متعكزا على تفاصيل باتت من الماضي، وتتمنى ان يرجع الزمن الى الوراء لتختر من جديد، لكن الزمان لن يعود ثانية.

- حرية الانسان تعتمد على حسن اختياره والا وقع في براثن الندم.

- اي تردد سيتركك فريسة للصدفة، وستفرض عليك الخيارات عنوة، وستظطر للقبول تحت اي ظرف..

واخيرا اقول:كن حرا باختيارك ولاتكن عبدا لسوء اختيارك..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم