قضايا

آفة التحضر.. المثلية!!.. هو مَن هو؟

(ليس ثمة في الواقع من وجود بشري لا يندرج في شبكة قرابة مُكونًا ما يسميه تبادل الكينونة)... سلنس.

لسنا ضد من يعانون من حالات نفسية عميقة من الاضطرابات أو الانحرافات من كلا الجنسين "اقصد الذكور والاناث" أو الجنس الثالث، هي معاناة حقيقية والأمر سواء بين كل من يعاني بطريقته أو أسلوبه، أو نمط حياته أعني كبت رغبته في تحقيقها، أو قدرته على التسامي كوسيلة للمواجهة وللعلاج إن أستطاع، أو التكيف مع واقعه.

فرضُ رأي على المجتمع ونشره كفكر هذه كارثة رفضتها الأنظمة الغربية والرسمالية ما بعد الحرب العالمية الثانية حينما شعرت بأن الفكر الماركسي في الاتحاد السوفيتي المنتصر على النازية بدأ يتوسع وينتشر، فحاربته بكل ما أوتيت من قوة وقدرة غير معلنة حتى أسقطت النظام السوفيتي، وكذلك الرياح التي هبت من أواسط أسيا " افغانستان" وأتهم الغرب والولايات المتحدة في دعمها وتأسيسها، فحاربته وهدمت دول من أجل عدم نشر الفكر المتطرف، وأشاعت فكر جديد وخلقت حالة فوبيا "رهاب جمعي" منه وهو الاسلام فوبيا، وغطى اعلام الغرب كل صغيرة وكبيرة مكانيًا وزمانيًا في العالم، وغردت للعولمة وجعلتها قمة التحضر في عالم اليوم، وكانت البديل الأعرج لنظام عالمي جديد وليد كسيح يتصف بشلل مثل شلل الأطفال، واليوم يدعو الغرب إلى إنصاف حقوق المثلية Homosexual .

لا أعتقد هناك من البشر من لم يشعر بمعاناة إنسان آخر لديه معاناة لا يستطيع التخلص من اعباءها، ولم يقدم لها المساعدة قدر ما يستطيع، ولكن تفرض بعض الانظمة وهي أساسًا سبب رئيس في معاناة وتجويع شعوب لعدة قرون منها الهند، وأفريقيا، والعرب، ودول أسيا، واليهود في العالم هم أول من أضطهدهم وحرقهم بمحارق النازية الشهيرة، وشتتوهم عبر مغارب الأرض ومشارقها، اليوم الغرب يدعو إلى حرية هي أول من قمعها، وأول من أذاق مرضاها الويلات، وأول من أتهمها بالشذوذ، أول من واجهها بشتى أنواع العنف لغاية الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن العشرين، تعلن وفجأة أن لهذه الشريحة حقوق، وانها مظلومة، وأنهم أصحاب حق في الحياة وتحقيق رغباتهم، لا أعتقد يوجد عاقل في هذا الكون لا يتفق مع تطبيق رغبات هذه الشريحة لأنها مبتلاة بعلة لا يمكن الفكاك منها، أو معالجتها، ولكن تفرض على الشعوب في كل مجتمعات العالم بالقوة الناعمة، والاعلام الخشن الملمس، السيء الصيت والمتلاعب بالألفاظ والكلمات والأفكار كمثل المجنون في لحظة هلوسته وهذاءاته، هذا هو الغرب اليوم، من يدعي الديمقراطية الملبسة بدكتاتورية استعمارية مقيتة، جربتها الشعوب في كل اصقاع العالم عبر أكثر من قرنين، اليوم أصبحت المثلية والشذوذ، قضية ديمقراطية مُلبسة بدكتاورية الغرب في استعباد الشعوب في افريقيا وفي اسيا وفي الدول العربية وفي معظم دول العالم ومنها راعية الديمقراطية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

السؤال لماذا يفرض هؤلاء الغرب فكر ماركسي جديد بلباس الشذوذ، رفضوا الماركسية وحاربوها لأنه ضد الدين، ضد القيم، ضد الشعوب، أما الفكر الاممي في الشذوذ ليس خطير، ولا يهدم المجتمع والاسرة والطبيعة البشرية. يقول العلامة مصطفى صفوان المحلل النفسي المصري الفرنسي في كتابه ما بعد الحضارة الأوديبية ص113 يجب معرفة كيف يتكون الطاغية، ذاك الذي ينتحل قوة استعباد رغبة الآخر، حسنًا، إذا كانت الرغبة اللاشعورية بمعنى الأمنية، هي اساسًا الصيغة التي يتم بحسبها دخول الذات في مجال القانون، تظل الحقيقة أن الذات، حين تُعَد الرغبة من زاوية علاقتها بالعالم، لا تجنح إلى التمتع بالموضوع بقدر جنوحها إلى التمتع بالقوة التي ترتهن بها المتعة.

أعتقد أن حقوق المثلية هي سوى هذيان في واقع لم يستطع المثلي تحقيقة، فكان دعم الطاغية له " السيد- الدكتاتور" بكل ما أوتي من قوة وسلطة في أطلاق الأوامر على العبد " وهي الشعوب المغلوب على أمرها.. الاستعمار الانكليزي في الهند، أنموذجًا، الاستعمار الفرنسي في الجزائر وافريقيا، أنموذجًا، الاحتلال الامريكي للعراق حاليًا، إنموذجًا.. التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، إنموذجًا، شبح إيران على دول الخليج العربي، إنموذجًا.. وغيرها من تجارب لم تدم غير قرون في حياة الأمم" ويضيف " صفوان في كتابه لأن قلب القانون الأخلاقي لا يسحب الذات من خضوعها لقانون الرغبة، الذي يقل تعبيره عن نفسه في هذا الانقلاب.

أن المثلية "الإنحرافات بكل أنواعها" المدعومة لن تستطيع أن تخترق جدران البيوت عنوة أو بقوة العقيدة الجديدة، أو الايديولوجية، فالأديان السماوية وغير السماوية لم تشترى لكي تبايع الغرب في توجهه لدعم المثلية وفرضها كايديولوجية على الشعوب في الكرة الأرضية، قطر وكأس العالم" مونديال قطر"، إنموذجًا.

 نحن نقول ونعترف بأن هناك حالات شاذة من الرغبات ذكرها سيجموند فرويد مؤسس التحليل النفسي قبل أكثر من قرن مضى .. قوله:  هؤلاء شطبوا الفارق بين الجنسين – إن صح التعبير – من برنامجهم في الحياة، فلا يستثير رغبتهم الجنسية إلا أفراد من نفس جنسهم، أما أفراد الجنس الآخر (وخاصة أعضائهم التناسلية) فلا تحرك منهم ساكنًا على الأطلاق، بل قد تثير فيهم التقزز والاستفظاع في الحالات المتطرفة" كتاب محاضرات تمهيدية في التحليل النفسي، ص 335" ويضيف " سيجموند فرويد هؤلاء من نسميهم " المستجنسين" Homosexuals  أو " المرتكسين Inverts  وهم أغلب الأحيان – لا على الدوام - رجال ونساء على درجة لا بأس بها من الثقافة والتربية، وفي مستوى فكري وخلقي رفيع، إلا أنهم مصابون بهذا الشذوذ المؤسف ليس غير.

إن الشذوذ عندما يتحول إلى فكر فهو إستهداف لهذه الشريحة التي ظلمت عبر التاريخ، وجاء الغرب لكي يضعها هدفًا لدى الامم الملتزمة بمعتقداتها" أقصد المعتقد هنا الذي هو من الصعب تغييره" وهو راسخ ودينامي متحور مع الظرف الذي يمر به الإنسان، فالشيوعية خلال المرحلة السوفيتية أذابت الأفكار والاديان والمعتقدات خلال مرحلة من الزمن من حكمها لشعوب وأمم، ولكنها أنبثقت بأكثر نشاطًا وقوة في جمهوريات الاتحاد السوفيتي بعد انحلاله في العام 1991، فكانت المسيحية تعود بمركز عالمي في موسكو، وكذلك المسلمين في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، فأعلنت أنها جمهوريات اسلامية، وبعضها جمهوريات مسيحية، وكذلك الحال الآن في الدعوات إلى محو أثر المثليين باعلانه ايديولوجية لها حقوق، ويجب فرضها على كل دول العالم، ومنتدياته الرياضية والثقافية والاجتماعية والتعليم والتربية، هي بداية لذبح هذه الشريحة من الناس التي لديها معاناة حقيقية. هذه الشريحة المسالمة الوديعة اللطيفة، كل أمنياتها تنصب على أشباع الرغبة الجنسية لا غير، لا يهمها السياسة بقدر ما يهمها الإشباع الجنسي الناقص، رغبة غير مكتملة فحسب، ولذلك فإن الشفاء من هذا الإنحراف هو خدعة، ولأن المنحرف "الشاذ" بمعنى التحليل النفسي في حالة تواصل مع رغبته الجنسية اللامنتهية، اللامشبعه، فهو لا يكتفي بتحقيقها، تظل هذه الرغبة في حالة خوف مزمن، وقلق دائم، فإينما يجد "مكانًا وزمانًا" من يشبع رغبته " المثيل له، أو من يرغب ولو بشكل طارئ" يرمي بنفسه ليحقق هذه الرغبة المبتسرة، الناقصة، غير المشبعة إطلاقًا، وهو كلام جازم، ونتفق مع التحليل النفسي بطروحاته العميقة وهي: الأكثر مأساوية أن إشباع مُتطلبات الرغبات مُستحيل، والسبب لأن المتطلبات الجامحة تتوق دومًا إلى تخطي النتائج المُحققة، مهما كانت، كما عبر ذلك العلامة مصصطفى صفوان. 

***

الدكتور اسعد شريف الامارة

في المثقف اليوم