قضايا

شاكر عبد موسى: مجتمع الاقتصاد المعرفي وأفاق الذكاء الاصطناعي في عالمنا العربي

المقدمة: الاقتصاد المعرفي: هو تطبيق المعرفة والابتكار في عمليات الإنتاج والتوزيع الاقتصادية، ويُعتبر الاقتصاد المعرفي نموذجًا اقتصاديًا حديثًا يعتمد على القدرة على خلق وتبادل المعرفة والابتكار كمحرك رئيسي للنمو والتنمية الاقتصادية.

أن الوصول إلى الاقتصاد المعرفي في العالم العربي يعد تحديًا كبيرًا، ويحتاج إلى بنية تحتية قوية تدعم الابتكار وتطور المعرفة وتبادلها، ومع ذلك، تعاني العديد من الدول العربية من نقص في التطوير التكنولوجي والبنية التحتية التكنولوجية، مما يعوق الانتقال إلى الاقتصاد المعرفي بشكله الكامل .

ويعُّرف اقتصاد المعرفة: أنه منظومة اقتصادية قائمة على ابتكار منتجات وخدمات بأسلوب علمي حديث، حيث يستفيد من الاكتشافات العلمية والدراسات، ويعتبر ذلك النسق أكثر شيوعاً في الاقتصادات المتطورة .

وبينما تميل دول العالم الثالث إلى إيلاء الاهتمام على الزراعة والتصنيع، تركز الدول المتطورة أكثر على المبادرات الاستثمارية القائمة على المعرفة، مثل الأبحاث، والدعم التقني، والاستشارات.

ومن الممكن توضيح مفهوم اقتصاد المعرفة بكونه سوقًا لإنتاج وبيع الاكتشافات العلمية والهندسية، حيث يمكن تغيير المعرفة إلى منتجات في طراز براءات اختراع أو غير ذاك من أنواع تأمين الحقوق الفكرية، ويعتبر منتجو مثل تلك البيانات كمثل المختصون العلميين، ومختبرات الدراسات جزءاً لا يتجزأ من اقتصاد المعرفة.

وقد بات الاستثمار الدولي أكثر اعتماداً على المعرفة بفضل العولمة، التي أسهمت في انتشار أفضل الإجراءات الاستثمارية التي تطبقها كل دولة .

أولاً: طرق الوصول الى المجتمع المعرفي

واحدة من المشكلات الرئيسية التي تواجه العالم العربي في الوصول إلى الاقتصاد المعرفي هي نقص الاستثمار في البحث العلمي والتطوير، حيث لا تُخصص الكثير من الدول العربية الميزانية الكافية للاستثمار في مجال البحث والتطوير، مما يؤثر سلبًا على قدرتها على التطور التكنولوجي والابتكار.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني عالمنا العربي من ضعف البنية التحتية اللازمة لدعم الاقتصاد المعرفي، والتي تحتاجها الشركات والمؤسسات للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخدمات الإنترنت، والبرمجيات الحديثة، لتمكين عمليات الابتكار وتبادل البيانات، وهو ما يعد من نقاط التخلف في العالم العربي.

علاوة على ذلك، هناك أيضًا نقص في القوى العاملة المهارة في العالم العربي، أذ تعاني العديد من البلدان العربية من نقص في التعليم والتدريب اللازمين لتطوير المهارات اللازمة للاقتصاد المعرفي. وهذا يؤثر على قدرات الدول العربية على استيعاب وتطبيق التكنولوجيا والمعرفة الجديدة في عمليات الإنتاج والتوزيع.

ومع ذلك، هناك بعض الجهود التي يتم بذلها في العالم العربي للوصول إلى الاقتصاد المعرفي، أذ يتم تشجيع التعليم العالي وتطوير البنية التحتية التكنولوجية في العديد من الدول العربية، من خلال أنشاء المزيد من المراكز البحثية والتكنولوجية لتعزيز الابتكار ونقل التكنولوجيا.

ومن الأمثلة على ذلك، قامت دبي في الإمارات العربية المتحدة بتطوير تجربة "دبي الذكية"، حيث تهدف إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة وتعزيز الابتكار لتحسين جودة الحياة في المدينة، وقد تم تُعمَّم هذه التجربة في العديد من الأماكن الأخرى في العالم العربي.

بالخلاصة، أن الوصول إلى الاقتصاد المعرفي في العالم العربي لا يزال يواجه تحديات كبيرة تتطلب هذه التحديات استثمارات أكبر في مجال البحث والتطوير وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتعليم وتدريب عالي الجودة، مع اتخاذ هذه الإجراءات، يمكن للعالم العربي أن يستغل التطور الهائل الذي يشهده عالم الذكاء الاصطناعي ويحقق التنمية الاقتصادية المستدامة.

ففي أرجاء العالم يعكف المشرّعون على دراسة الخيارات المتاحة أمامهم لسنّ قواعد لإدارة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وضبط بعض استخداماته المثيرة للقلق والهواجس، ويبدو مرجحاً أن يكون الاتحاد الأوروبي أول منطقة تتبع شكلاً من أشكال الرقابة والتنظيم في مسألة الذكاء الاصطناعي التوليدي.

أولا: الاقتصاد المعرفي العربي

يعتمد الاقتصاد المعرفي بشكل أساسي على العنصر الرئيس المتمثل في المعرفة، فما زالت المنطقة العربية تفتقر إلى توفر هذا العنصر، مما يجعلها متخلفة عن الاندماج في اقتصاد المعرفة العالمي، لذا يجب خلق مجتمع معرفي في المنطقة العربية يتسم بمنظومة مجتمعية قادرة على إنتاج ونشر المعرفة.

إقامة مجتمع المعرفة في المنطقة العربية يعد مطلبًا ضروريًا لتأسيس نمط جديد لإنتاج علمي يحل محل نمط الانتاج الريعي، الذي يعتمد بشكل أساسي على استخلاص المواد الخام، وخاصة النفط، لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية، ومن خلال تحليل رأسمال المعرفي في المنطقة العربية وقدرات الطلب على المعرفة، يظهر وجود فجوة كبيرة في المعرفة .. يجب أن يعالجها القائمون عليه .

يتطلب من المجتمع العربي دورًا تعاطفي في اكتساب المعرفة وتشكيل هيكلها المجتمعي وأدائها في مجالات الاقتصاد، و يجب على المجتمع العربي زيادة التركيز على المعرفة في حياتنا اليومية لزيادة عدد الأفراد العاملين في المجتمع المعرفي، كذلك تسريع إنتاج وتوظيف المعرفة في المنطقة العربية بمعدلات أسرع من تلك التي سادت في بداية تطور المعرفة في المجتمعات الأخرى.

إن جميع الدول تسعى لإقامة مجتمع المعرفة، لأن العائد التنموي ينخفض في المجتمعات التي يقل فيها اكتساب المعرفة، وهكذا نشأت الدول النامية، بدءًا من الدول العربية، التي لم تحقق التقدم والنمو الاقتصادي على الرغم من السياسات التي اعتمدتها، إذ كانت تعجز عن اكتساب المعرفة وتحويلها إلى قوة اقتصادية قادرة على تحقيق التنمية.

اليوم الكثير من الدول العربية أثبتت حرصها على استغلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من خلال اتخاذها تدابير تشريعية واضحة في هذا الصدد، وانطلقت جهود الدول العربية من أجل دراسة استخدامات التقنية بشكل أفضل وعلى نطاق أوسع، إضافة إلى دراسة الفوائد المرجوة والأخطار المحتملة لها.

ومن هذا المنطلق، تعتبر- الإمارات العربية المتحدة - واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال، حيث أنشأت أول وزارة عالمية للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مجلس الذكاء الاصطناعي والبرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي.

وفي – السعودية - أيضًا، تم تشكيل هيئة خاصة تعنى بالذكاء الاصطناعي، بجانب وجود استراتيجية وطنية متعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف البحث عن طرق استخدامها بالشكل الأمثل. هذه الجهود التشريعية تعكس التزام الدول العربية بتطوير الذكاء الاصطناعي وتنظيم استخدامه بطرق فعالة ومسؤولة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه الجهود بيئة تشجع على الابتكار وتعزز التطور التكنولوجي في المنطقة.

ثانياً: واقع المنطقة العربية الراهن

1- تتميز المنطقة العربية بأنها تجمع بين الدول الغنية المتقدمة، والدول متوسطة الدخل، والدول الفقيرة، والدول الأقل تطوراً، وبذلك تضم المنطقة العربية بلداناً تندرج ضمن التصنيفات الأربعة للتطور الاقتصادي، مما ينعكس على قطاعات الاتصالات والصناعة والزراعة .

فإذا نظرنا إلى منطقة الخليج العربي على سبيل المثال، لرأيناها من أوائل المناطق العالمية التي أطلقت شبكات الجيل الخامس، ولوجدنا كذلك أنها في طليعة بلدان العالم من نواحٍ كثيرة تشمل النفاذ إلى الألياف الضوئية، والإنترنت عالي السرعة، والتحول إلى الحكومات الإلكترونية، والتحول إلى الاستخدامات الإلكترونية، والتحول إلى التجارة الإلكترونية.

في المقابل ثمة دول أخرى في المنطقة لا يوجد لديها شبكات الجيل الرابع مثلاً، وتفتقر إلى سرعات الإنترنت العالية، والأمر المؤسف أن منطقتنا تضم دولاً تعاني من حروب وأزمات سياسية واجتماعية واقتصادية، كسوريا والسودان واليمن وفلسطين ولبنان.

2- ومن هذا المنطلق يسعنا القول إنّ الحلول تختلف باختلاف المشكلات لدى تلك الدول، فعلى سبيل المثال تدرك المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى أنّها تشهد نمواً سكانياً في هذه الفترة، وتعلم جيداً أنّ لديها مجتمعاً فتياً متعلماً، لأجل هذا تسعى تلك الدول إلى فتح آفاق الاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة.

ولهذا أولت الدول الخليجية تركيزها لتنويع موارد الاقتصاد بحيث لا تعتمد على النفط فقط، مما استدعى منها تحرير سوق العمل وفتح مجالات الاستثمار، واعتمد ذلك على ركائز أساسية هي التحول الرقمي الحكومي ووجود قطاع اتصالات قوي، فهذان الأمران مهمان جداً للتحول نحو مجتمع الاقتصاد المعرفي.

-3 لقد عكست نتائج مؤشر المعرفة العالمي/ 2023، حالة من التباين بين دول تتخلف عن الركب وأخرى تواصل خطواتها نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة، ومن بين 133 دولة يغطيها المؤشر، حلت الإمارات في المرتبة الأولى عربيا والـ 26 عالميا، وقطر في المرتبة التاسعة والثلاثين تليها مباشرة السعودية ثم لحقتها الكويت في المرتبة الـ 44 .

ووفق خبراء، فإن التحول الرقمي نحو الاقتصاد الجديد في المنطقة العربية يُولد قيمة اقتصادية جديدة في عدة قطاعات من بينها قطاع الصحة، فيما يتطلب الأمر خلق توازن بين التقنيات الحديثة والطاقات البشرية سيما مع تطور التطبيقات التكنولوجية المستقبلية ومساعي دمج التقنيات المادية والرقمية والحيوية.

أما في دبي، ووفق خطط السنوات العشر المقبلة، فإن أجندتَها الاقتصادية تهدف لمضاعفة حجم اقتصادها وتنفيذ 100 مشروع تحولي مستقبلي ودعم نمو 30 شركة في القطاعات الجديدة لتكون شركات يونيكورن عالمية، فيما متوقع أن يضيف التحول الرقمي الحالي 100 مليار درهم لاقتصادها سنوياً.

كما يشار إلى أن مؤشر المعرفة العالمي هو أداة تركز على التحديات وسبل التطوير لتنمية مستدامة للمجتمعات، ويتكون من سبعة مؤشرات فرعية مركبة تركز على أداء ست قطاعات منها التعليم وتكنولوجيا المعلومات، والبحث، والتطوير، والاقتصاد.

ثالثاً: التطورات التكنلوجية

تلعب المؤسسات الأكاديمية دورًا أساسيًا في اقتصاد المعرفة، فهي تعمل على توليد المعرفة الجديدة من خلال البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ومن خلال توفير التعليم العالي والتدريب التقني، تساهم هذه المؤسسات في تطوير مهارات العاملين وزيادة إنتاجية القوى العاملة في مختلف القطاعات.

بجانب ذلك، تعتبر الشركات المشاركة في البحوث والتطوير جزءًا هامًا في اقتصاد المعرفة، فهي تعمل على تحويل نتائج البحوث الأكاديمية إلى منتجات وخدمات عملية قابلة للتسويق، بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية، تعزز هذه الشركات الابتكار وتطوير التكنولوجيا وتحفز النمو الاقتصادي.

أما المبرمجون الذين يطورون برامج جديدة فهم أيضًا ركيزة أساسية في اقتصاد المعرفة، فهم يعملون على تصميم وتطوير البرمجيات والتطبيقات التي تحسن العمليات وتمكِّن الشركات من تحقيق التنافسية العالية في السوق، يستعين هؤلاء المبرمجون بالمعرفة والمهارات التقنية لتحويل الأفكار إلى حقيقة ومنتجات رقمية مبتكرة.

بالإضافة إلى ذلك، يسهم العاملون في مجال الصحة الذين يستخدمون البيانات في تحسين العلاجات في اقتصاد المعرفة، من خلال تحليل البيانات الصحية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، يمكن لهؤلاء العاملين تحسين الرعاية الصحية وتقديم علاجات أفضل وأكثر فاعلية للمرضى.

إذًا، جميع هؤلاء المشاركين في اقتصاد المعرفة - المؤسسات الأكاديمية، الشركات المشاركة في البحوث والتطوير، المبرمجون الذين يطورون برامج جديدة، والعاملون في مجال الصحة - يعتبرون أنهم مكونات أساسية في دعم هذا النوع الجديد من الاقتصاد.

وعلى الرغم من صعوبة تحديد قيمته بدقة، إلا أنه يمكن الوصول إلى تقدير قيمته الاقتصادية من خلال قياس قيمة بعض مكوناته الرئيسية.

- ووفقاً لمؤشر المعرفة العالمي تحتل سويسرا المرتبة الأولى في قائمة الدول التي لديها أكبر اقتصاد معرفي، تليها السويد والولايات المتحدة الأمريكية.

- ويصنف المؤشر الدول في هذا الإطار بناءً على عدة عوامل من بينها مستويات التعليم، الابتكار، تكنولوجيا الاتصالات، والتدريب التقني والمهني.

مثال على ذلك

توجد بعض التطورات التكنولوجية التي تسمح بمعالجة مشكلة المناطق الوعرة، فعلى سبيل المثال: إذا كان لدينا مدينة مكتظة بالسكان الذي يعيشون في عمارات مرتفعة، فمن السهولة استخدام الألياف الضوئية في عملية الاتصال بالإنترنت.

في المقابل إذا كان لدينا مناطق جبلية وعرة غير مكتظة بالسكان ومتباعدة المنازل، لا تعد الألياف الضوئية أفضل الوسائل المناسبة لتوصيل الإنترنت عالي السرعة إليها، لكن شبكات الجيل الخامس، وتكنولوجيا الوصول اللاسلكي الثابت (Fixed wireless access)، يتيح تزويد تلك المناطق بإنترنت عالي السرعة بنفس مواصفات وقدرات الألياف الضوئية.

ولا شكّ أنّ هذا الأمر من مميزات شبكات الجيل الخامس واستخداماتها الأساسية، فهي توفر للمستخدمين اتصالاً سريعاً بشبكة الإنترنت مشابهاً لمواصفات الألياف الضوئية، مما يساهم في توفير النفقات أولاً، وإتاحة خدمة الإنترنت للمناطق الوعرة وغير المكتظة بالسكان ثانياً .

رابعاً: اللغة قد تكون مشكلة

اللغة هي وسيلة اتصال أساسية بين البشر، وتلعب دورًا مهمًا في الأعمال والتجارة والعلوم، إن تطور التكنولوجيا وظهور الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة قد غيرت تفاعلنا مع اللغة وتأثيرها على الاقتصاد المعرفي، ويعد التفاهم اللغوي واستخدام اللغة كوسيلة توجيه المعلومات وتبادلها أمراً حيوياً في المجتمع الحديث .

1- اللغة والتفاهم اللغوي:

* التواصل عبر اللغة هو المفتاح لفهم الغير وتبادل المعرفة والأفكار.

* اللغة تساعد في تنظيم الفكر والمعرفة وتحويلها إلى معلومات.

* اللغة تساهم في بناء العلاقات والثقة بين الأفراد والشركات والدول.

2- اللغة والتجارة:

* تساعد اللغة في تسهيل التجارة والأعمال العالمية.

* يجب أن تكون لغة مشتركة عالمية حتى يتمكن الأفراد والشركات من التفاهم وتبادل المعلومات بسهولة.

* توظيف العاملين الذين يجيدون لغات متعددة لمؤسسات الأعمال العالمية.

3- اللغة والعلوم والبحث العلمي:

* اللغة مهمة في عملية نقل الأفكار والاكتشافات العلمية.

* تساعد في تأليف البحوث العلمية والمقالات والكتب.

* تسهم في تواصل العلماء والباحثين من مختلف الدول.

4 - اللغة والذكاء الاصطناعي:

* ظهور الذكاء الاصطناعي غير طرق تفاعلنا مع اللغة.

* يتم استخدام اللغة كوسيلة لتعلم الروبوتات وتفاعلها مع البشر.

* يتم استخدام تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية والترجمة التلقائية في تطوير الذكاء الاصطناعي.

5- عندما تفكر بالسفر إلى اليابان، فإن أول ما يشغل بالك هو كيفية التواصل مع سكان البلد، كحاجة إنسانية أساسية للتعايش.. فعلى مدار التاريخ وجد كل مجموعة من البشر طريقة للعيش مع بعضهم تُدعى "اللغة"، ليصل عدد اللغات حول العالم إلى أكثر من 6500 لغة.

الأمر نفسه لا بُدّ أن يحدث مع الأدوات التكنولوجية المتاحة بين أيدي البشر، إذ يبحث الفرد عن اللغة الأسهل له في التعامل مع التقنيات الحديثة، ولكن في الأغلب لا يجد سوى لغات معدودة يضطر إلى التكيّف معها، أو تعلُم القليل منها.

لذا يعمل المبتكرون على توفير حلول تكنولوجية تساعد على تسهيل الحياة اليومية للناس وتسهل التواصل، فقد ظهرت تطبيقات التراسل النصي التي تسمح بإرسال رسائل صوتية، ونحن الآن على وشك رؤية ظهور أجهزة إلكترونية بدون لوحات مفاتيح وفأرة وأدوات واجهة المستخدم التقليدية .

في هذه الحالة، يعتمد التواصل على التواصل الشفوي، وذلك بفضل تطور تقنية التعرف التلقائي على الكلام، والتي تسمح للأجهزة بتحويل الكلمات المنطوقة إلى نص مكتوب يمكن استخدامه في التواصل والبحث وحتى الشراء، ومع ذلك، تبقى مشكلة اللغة عقبة أمام استخدام هذه التقنية بالكامل.

خامساً: الاستنتاجات

يعتبر الاقتصاد المعرفي مجالًا حديثًا نسبيًا في علوم الاقتصاد، أذ يركز على دور المعرفة والمعلومات في تطور ونمو الاقتصاد، وبالنظر للتحولات الاقتصادية السريعة التي يشهدها العالم في الوقت الحالي، فإن النقاش حول الاقتصاد المعرفي وأهميته يعد ذا أهمية بالغة.

سنتناول أهم الاستنتاجات التي توصل إليها البحث في مجال الاقتصاد المعرفي:

1 - أبرز استنتاجات بحث الاقتصاد المعرفي:

* رأس مال المعرفة: الاعتراف بدور المعرفة والمعلومات كمصدر للقوة الاقتصادية.

* الابتكار والمشاركة: أهمية التعاون والتفاعل بين الأفراد والمؤسسات لتطوير القدرات المعرفية وتعزيز التنمية الاقتصادية.

* مجتمع المعرفة: تعزيز التعليم والتعلم كأدوات لتأهيل وتطوير القوى العاملة.

* الابتكار الاجتماعي: دور الابتكار في حل المشاكل الاجتماعية والبيئية وتحسين جودة الحياة.

2- إمكانية الوصول إلى مجتمع معرفي من خلال:

* تعزيز التعليم وتطوير المهارات: تركيز على رفع مستوى التعليم وتعلم المهارات الأساسية والتكنولوجية.

* تشجيع الابتكار والبحث والتطوير: إيجاد بيئة داعمة للابتكار وتشجيع البحث العلمي وتطوير المنتجات والخدمات.

* الاستثمار في البنى التحتية: توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير المعرفة وتنمية القدرات الاقتصادية.

* تحسين التواصل والتعاون: تشجيع التعاون بين جميع الفئات والمؤسسات لتبادل المعرفة وتنمية القدرات.

بعد تحليل بحث الاقتصاد المعرفي والنقاش حول إمكانية الوصول إلى مجتمع معرفي، يمكن القول بأنه من الممكن تحقيق تحول اقتصادي يستند على المعرفة والابتكار، ومن أجل ذلك، ينبغي على الحكومات العربية أن تبذل جهودًا مستمرة لتعزيز التعليم وتطوير المهارات، وتشجيع الابتكار ومشاركة المعرفة وتحسين البنى التحتية المعرفية.

و يجب أن يكون هناك تعاون شامل بين الأفراد والمؤسسات والحكومات لتحقيق مجتمع معرفي قادر على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للجميع.

***

شاكر عبد موسى/ العراق

.......................

المصادر:

1. الكفاءات العرفانية. منشورات هارفارد بزنس بريس.

https://arabianpdfbooks.info/ktb_qwt_ldf_lshby_lhr-hrfrd_bzns_ryfyw_l_dd_21_10272.htm.

2. Landfall، B. 1992)). الابتكار والنمو الاقتصادي. دراسات في الاقتصاد والسياسات.

3. Foray، D. 2004)). الاقتصاد المعرفي: المعرفة والابتكار في الدورة الاقتصادية. دار النشر لندن.

4. World Bank. 2019)). تقرير البنك الدولي حول التنمية العالمية: المجتمعات المعرفية. صحافة البنك الدولي.

5. Caravans، E. G.، & Campbell، D. F. 2009)). القرن الحادي والعشرون للابتكار: العمل عبر الحدود لتحقيق التنمية والمجتمعات المعرفية. مجلة الابتكار والتعلم الديناميكي.

6. Soete، L. 2008)). التحول إلى مجتمع المعرفة: دور الاعتماد والتنظيم. إدارة الابتكار والتكنولوجيا.

7. موقع الحدث الاقتصادي/ الاقتصاد المعرفي وإمكانيات الوصول الى مجتمع معرفي/ د. أحمد عمر الراوي. https://almadapaper.net/sub/03-622/p19.htm.

8. CNBC عربية / أين الدول العربية في مؤشر المعرفة العالمي للعام 2023، الخميس 23 نوفمبر 2023. https://www.cnbcarabia.com/116442/2023/11/23/.

في المثقف اليوم