قضايا

عبد الجبار العبيدي: بين أصحاب السيد المسيح وأصحاب المهدي المنتظر

يعتقد المسيحيون ان السيد المسيح هو الأمين عليهم، هو حاميهم من الذنوب، هو حي باقٍ لا ينام ولا يموت، يقول السيد المسيح (ع)" تعالوا الي َ يا جميع المتعبين،من الحياة، أريحكم لتجدوا الراحة والنجاح في نفوسكم، أنجيل متى 28 "، لكن أتباعه يعتقدون انهم ليسوا بحاجة دائما الى الله (المسيح الباقي)، فالنجاح ليس بحاجة اليه ولا بدونه ولا حتى الراحة والفشل، فالفشل سبيله التراخي واختراق القانون.والراحة سبيلها العمل.فطريق النجاح هو الصدق والعدل والوفاء للرب والانسان وليست منية من أحدٍ،وهذه خصال انسانية يجب ان تتوفر فيك تلقائيا ايها المؤمن بالامين مَهما كانت ديانتك، ولا داعي لتُدخل الرب فيها، هنا ينتفي عندك التوسل والدعاء من اجل نيل الأصول، ويبقى الرب هو القدوة، ولا حاجة لرجال الدين، وتقول المسيحية ان الاعتماد على الدعاء يؤدي الى الفشل والكسل والاعتماد على الوهم حيث السقوط والموت الاكيد، لكنهم يؤمنون ان الرب لا ينام ولا يصيبه النعاس ابداً فهو الذي يرعاهم دون ان يرفعوا ايديهم اليه بالدعاء والتوسل بالقبول، نظرية في غاية الواقعية الصحيحة.

نعم، المسيحيون يؤمنون ان الكون وخالقه يسيران وفق قوانين السُنن الثابتة التي لا تتغير كما يقول القرآن الكريم:"لن تجد لسنة الله تبديلا،الاحزاب 62"، اذن، ما الجدوى من الدعاء وزيارة المراقد والوهمية منها؟ واللطم والبكاء على ميت مات قبل اكثر من 1400 سنة ولن يعود.وهو المقدر له دون تبديل وتغيير،؟ فلا زالت المسيحية تدعو للنظام والمحبة والحقوق، لا للوهم من مؤسسة الدين، فهل وجدت في بلدٍ مسيحي تفرقة بين الكاثوليكي والبروتستانتي في الحقوق، مستحيل، لماذا.؟لانهم يحتكمون بالقانون ويبقى الدين هو الرقيب، فالمذهب عندهم عقيدة رأي لا تفريق.

أما نحن المسلمون تصب علينا المصائب من السلطة والانسان الظالم ليل نهارونحن ندعو ونقول ربنا ارحمنا وخلصنا من الظالمين، وها نحن بعد أكثر من 1400 سنة ولن يستجب لنا القدر برفع ظلم الظالمين. فالى متى نبقى رافعين الأكف ننتظر رحمة رب العالمين، والصالحين؟ ولم يستجب لنا دعاء، فالدعاء فرية عند من لا يؤمنون بالقانون، انما العمل وعقيدة القانون هي المطلب الصحيح.

بينما نحن ندعو فلا يستجاب لنا وهم لا يدعون والحياة وفرة لهم كل ما يطلبون فأين الخلل؟، حتى اصبح المسلم يهرول من وراء الحاكم يستمد الامل، ولامجيب؟

الخلل، هم يطبقون السُنن بصحيح ونحن ندعومنها متكاسلين لا نفهم الحق والعدل الصحيح الا من تهريج رجل الدين، فهل ان دينهم يدعوللصلاح وديننا يدعو للهلاك والعدم، لا؟. الفرق بيننا وبينهم، هم رحماء بينهم بالقانون الذي يتساوى فيه الجميع وبلا رب يدعون، بينما نحن ندعو الرب ان يرحمنا ولا نؤمن بعدالة الله في القانون، الم يقل القرآن: "اعدلوا ولو كان ذا قربى، اذن علام َ تفرقون، بين العبيدي والموسوي في الحقوق، ان كنتم من الصادقين؟.

يقول يوسف وهو في سجنه مناديا صاحب السجن ": يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار،يوسف 39"، فكيف فسرت الاية عند المفسرين، وكيف فهمها المسلم في التطبيق؟

على المسلمين ان يفهموا ان الجهد لا يأتي من موضع الدعاء،كما ان الدعاء لا يشتغل في مكان الجهد، ولكن لابد منه في ظلمات فيها نوراًونصيباً من أمل، ابقوا ياقادة شيعة الفُرقة بين المسلمين على اللطم والدعاء والبكاء والنحيب والرادود يُجهلكم وانتم تلطمون، أملا في عودة المستحيل، مستحيل، فاذا كان الدعاء يقوم على السُنن،فالعقل له مكانة التكريم والاستجابة ليكون العلم والهدف والتسخير فمصدره السنن، لا الدعاء والعويل فثقافة الانسان يشكلها العقل والتفكيراليوم لا الوهم في عالم الظالمين الفاسدين.

اذن الدعاء ما هو الا بدعة من الفقهاء ورجال الدين، لتجهيل المسلم ووضعه في دائرة الأرتخاء النفسي والكسل الجسمي وانغلاقية الفكر في التفكير، فكلما زاد المقدس في فكرك زاد ت الانغلاقية في التفكير، وكسب المكاسب الباطلة من اموال الجهلة والمغفلين، كما في العتبات المقدسة، ولا علاقة له بالمراد منه ابداً، فمتى نصحو على الصحيح،؟ أمر تشجعه حكومات الفاسدين زيادة في التجهيل، وتعتقد المسيحية ان المسيح الانسان سيظهر ممجدا مطاعا في اخر الزمان. (يوم القيامة) بنص قرآني بلا احداث رهيبة، بل سينتهي بعودته ابليس ليظهر العرش العظيم حين تظهر معه الحالة الابدية، ليتحقق الخلاص النهائي للمؤمنين به دون عقاب، وهذه هي ابدية الخلاص من الذنوب، دون وعود وترهيب، وهذا هو اعلان الخلاص لكل انسان منهم دون تفريق.فهم يقدمون للانسان الواجب المراد الذي نادى به السيد المسيح ولا يظلون منتظرين العودة بلا امل في القريب.

ونحن ونظرية المهدي المنتظر الوهمية، الى اين،؟ النظرية لم تأت بنص مكين كما ذكر المسيح، بل مجرد وهم من مؤسسة الدين ولا نص فيها ابدا حتى من اهل البيت(ع)، أصحاب الشأن الكبير.

اذن نظريته مخترعة من رجال الدين لالهاء الناس بالاخرة وصدهم عن الدنيا ولكسبهم السلطة والمال دون تحقيق،كما هم في نهب المال العام اليوم دون حدود، بعد ان اعتقدوا انه ملك سائب لهم بلا قانون. نظرية مبنية على الوهم، ولا نص فيها ولا اثبات صحيح، فماذا سنحصد ممن ابتكر الوهم الذي.لا صحيح.

كتبنا فيها الكثير وبالتفصيل فمن يقرأ ومن يكتب والحاكم همه ايهام الواهمين.

ورغم ان المسيحية تدعي ان المسيح بن مريم قد صلب ومات ودفن وصعدت به الارادة الآلهية الى السماء، لكن القرآن ينفي ذلك،: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم،النساء 157". الفرق ان ما تدعية المسيحية جاء بنص يهودي قديم،وهم يدعون انه حي عند الله حسب نظرية التثليث، ففي كلتا الحالتين هو عرج الى السماء لتدعي فيه الابدية، فحققت لاتباعها الكثير في الحرية والحقوق وبنت لهم وطنا فاق اوطان الاخرين، وكلنا اليوم نعيش في ظل ما ابتكروا واخترعوا واوجدوا من دساتير وقوانين، رغم انهم انحرفوا عن جادة الصحيح حين ساهموا بدمار بلدان الاخرين في حروب سلطوا علينا فيها امعات الشعوب، فدمروا الانسان والقانون، لكن تطبيقا انهم ساهموا في الكثير.بينما نحن بقينا نفتش في أوهام مؤسسات الدين والادعية والاقاويل، ولا غير دون تحقيق.

ونحن نفتش ما جاء في الديانات التي نقلوها لنا من اساطير الآولين لنحوله الى تحقيق، حتى شكلت الجزء الكبير من اساسيات الفكر العربي المسلم بالتعاليم الدينية الوهمية التي اتخذت المنحى التعليمي والوعظي لا التطبيق، حتى استطاعت السيطرة على عقولنا، مستمدة قوتها من القوى الخفية في غياهب الجب الوهمية،متمثلة في الجنة والنار، والفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق، واطاعة ولي الامر حتى لو كان ظالما وفاسداً،والخوف من عذابات القبر الوهمية،والغيبيات التي لا اول لها ولا اخر، والقرآن يقول: لا يعلم الغيب الا الله العظيم "لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء الأعراف 188"،

من هنا تلقفها المنهج المدرسي السلطوي، ليعلمها للصغاء والكبار حتى حَفَر في اذهانهم كل التخاريف. فتحولت الحقائق الى اوهام يصعب نزعها اليوم في ظل دولة الوهم واللاقانون، حتى أصبحت الاساطير اديان آلهية صبت في التشريع الديني المقدس عند الغالبية فكانت المذهبية الباطلة المخترعة من فقهاء السلطة ومارافقتها من تقاليد، تنخر في الصدور.

من هنا باتت تزرع فينا معتقد الموت والأخرة، هي المقصد كماجاء في النص المقدس: "الحياة الاخرة خير وابقى "ونسينا ان المقصود من النص هو الاستقامة في الحياة والاخرة هي الجزاء العادل للمؤمنين، فضعنا وضاع المجتمع في ظل حكومات تعتقد في الوهم دون القانون في حكم الأغلبية من اصحاب المعرفة والعرفان والمفضلين في السلطة والمال السائب لهم دون الاخرين، وما دروا ان المال لا يشتري المواطنين، فعملية العودة للصحيح باتت مستحيلة في ظل السيف وقوة السلطة الظالمة والتنفيذ دون وازعٍ من احساس انساني وضمير، لكن النهاية للحق ابداً، لذا سيفشلون، بعد ان اقرت الرسالة الانسانية بأنتهاء عصر الاحادية، ومجيء عصر الاجتهادية في التطبيق؟.

***

د. عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم