قضايا
عبد المجيب رحمون: ضعف وعُسر قراءة البلاغات في صفوف تلاميذ المرحلة الثانوية

نحو تعزيز للكفاية القرائية والتواصلية
لا يرتبط هذا الموضوع بصعوبة القراءة وتهجية الحروف، عند تلاميذ المرحلة الثانوية، فهذا العائق اللغوي واللساني يمكن أن يُطرح في المرحلة الأولية والابتدائية، فأين يتجلى إذن عُسر القراءة لدى التلاميذ؟ وماهي أسبابه؟
إن القراءة التي نقصدها هنا هي القراءة التي تتبناها نظرية التواصل وتحليل الخطاب، إنها القراءة التحليلية البسيطة لمختلف البلاغات، والبيانات التي تقصد الإخبار لا غير، وأما الفهم؛ فهو مرتبط بمؤشرات القراءة التحليلية، ودرجات الفهم المتحصل عليها. يعرف البلاغيون البلاغة بالإبانة، والقدرة على إيصال المعنى، ويتحدث اللسانيون عن الرسالة لكونها حلقة تواصل بين المرسل والمرسل إليه، بينما يؤكد التربويون، على ضرورة تحقيق التواصل بين الذات والموضوع في إطار بث الخبر/ الرسالة/ المحتوى. من هذا المنطلق يستفسر أحيانا بعض التلاميذ عن مضمون بلاغ معين بعد انقضاء أجله، أو يتساءلون بسذاجة بالغة مثلا: الدراسة توقفت ليوم السبت هل ستتوقف يوم الاثنين؟، علما أن البلاغ كان بسيطا في صياغته، يحدد بخط عريض عن توقيف الدراسة ليوم واحد فقط. إن سؤال هؤلاء التلاميذ لا ينبغي أن نمر عليه، دون الانتباه إلى خطورته ولا ينبغي اعتباره سؤالا طبيعيا، قد يرى البعض بأنها مبالغة في الطرح، مادام عينة قليلة اختلط عليها الأمر، وتشابهت عليها البلاغات واستشكلت. إن الموضوع يرتبط بمسؤولية كبيرة، مسؤولية الأطر التربوية والإدارية والأسرة، والإعلام.
لا شك أن التلميذ لم يتوصل إلى قراءة البلاغ، ولم يهتد إلى فهم مضمونه، أو أن سؤاله يضمر سؤالا آخر: هل هناك بلاغ جديد يفيد بتوقيف الدراسة ؟ في جميع الأحوال فإن السؤالين يكشفان عن ضعف قراءة التلميذ للبلاغات، وضعف تتبعه للمستجدات، الأول نصنفه ضمن الكفاية القرائية، والثاني يقع ضمن الكفاية التكنولوجية التواصلية، هذه التي تحدثت عنها بإسهاب "العلوم الرقمية".
كيف إذن يتم تحقيق هاتين الكفايتين على مستوى المؤسسات التعليمية ؟ لا يمكن لحيز هذا المقال الإحاطة الشاملة بالسؤال ولكن حسبنا آثرنا إشكالية معرفية وتربوية، وسوف نقدم بعض المقترحات العملية، لعلها تضيء الإشكال.
ـ أولا: ضرورة التعامل مع النصوص والصور بوصفها محفزات للسؤال، وليست محتويات جاهزة يتم تحديد عناصرها ويجب على الأستاذ تحفيز المتعلم لفهم وقراءة النص/ الصورة عبر استثارة أسئلة منهجية إشكالية.
ـ ثانيا: تجميع الأفكار والأسئلة وصياغتها ضمن مضمون واحد، ومناقشة الاختلافات بينها.
ـ ثالثا: وضع التلميذ في وضعية مشكلة بسؤال مثلا ماذا ينقص النص/ الصورة لكي تكون على جانب من القراءة والفهم.
ـ رابعا: اعتماد المقارنة بين النصوص والصور.
ـ خامسا: استحضار النصوص/ البلاغات الموازية وقراءتها.
ـ سادسا: اعتماد مهارة البحث عبر مواقع التواصل، ومواقع الأنترنيت للوصول إلى الخبر.
ـ سابعا: الدعوة إلى صياغة النصوص والصور وترك حرية للتلاميذ للتعبير عنها عبر مجموعات صفية.
ـ ثامنا: انفتاح مجالس الأقسام على الإدارة التربوية، لمناقشة الإعلانات/ البلاغات وجدواها.
ـ تاسعا: مشاركة التلاميذ في صياغة المحاضر، وتقارير مجالس المؤسسة وإعلاناتها.
ـ عاشراً: الاهتمام بنوادي القراءة، وتطوير المهارات الذاتية والمعرفية.
هذه بعض الاقتراحات نحسب أنها تستجيب لمختلف الكفايات، والمقاربات التي تحرص عليها البيداغوجيا الحديثة وهي الكفاية التواصلية، المهارية، المنهجية، التكنولوجية، المعرفية، المقاربة بالخطأ، بالمشروع...، وتعد رهانات تربوية ينبغي أن تسهر على استحضارها المناهج، والمقررات الدراسية، والممارسات التعلمية التعليمية بشكل يضمن تفعيلها، ويعزز من قيمتها.
***
د. عبد المجيب رحمون