قراءة في كتاب

مضر الحلو: الدين والظمأ الانطلوجي.. مشروع تحديث التفكير الديني في الا سلام عند العلامة الرفاعي

mudar alhilwيستوقف القارئ لكتاب (الدين والظمأ الانطلوجي) الكم الهائل من الافكار البِكْر التي برع العلّامة الرفاعي في نسجها بلغة لاتصدر إلّا عنه اذ يُشعرك وانت تقرأه ان اللغة طيعة بين يديه ممتثلة لارادته يكيفها كما يشاء، متى يشاء، ناهيك عما حواه الكتاب من البوح الصريح بتجربته الشخصية؛

 

بوح جسور لايخشى تشريح ذاته..

بوح الشجعان الذين لايهابون الضياء يسلطوه على الذات وتجاربها ليكتشفوا مافيها من سلبي وايجابي، فشل ونجاح، ضعف وقوة، ضياء وظُلمة، هشاشة وصلابة ليمارسوا النقد القاسي لما هو سلبي ويكرسوا ويجذروا ماهو ايجابي..

 البوح بحالات يعتبرها الكثيرون من اقرانه اسرارا لاينبغي هتكها والافصاح عنها، وخصوصيات لايجوز فضحها. لم نكد نرى من اقدم على ذلك من الخط المتقدم منهم سواه. واحسبني غير مجانب للحقيقة ان ادعيت ان كتاب الرفاعي هذا والذي يترجم مشروعه الفكري من اهم ماكتب في مجاله (فلسفة الدين) في فترتنا الراهنة لما اتصف به من جدة في افكاره، وجرأة في طرحه، وصراحة في بوحه، ومباشرة في تناول موضوعاته، ووضوح في رؤيته.

وساذكر باختصار شديد بعض المقاربات التي احسب ان افكار الكتاب تمحورت حولها وهي:

- الدعوة الى اكتشاف الذات، والاقتراب منها، والتصالح معها، وتخليصها من الهجران والاغتراب وإحياء التجربة الدينية في رحابها.

- انقاذ الدين وتخليصه من براثن الآيديولوجيا. باعتباره قيمة روحية قبل أن يكون منظومة في العقائد وقبل كونه شريعة، ومحاولة إرجاعه إلى حقله الطبيعي الذي لايعدو روح الإنسان ووجدانه بعد أن تم ترحيله من قبل الجماعات الإسلامية إلى مجالات خارج العوالم الجوانية للإنسان.

- محاولة إعادة رسم صورة الله الذي كتب على نفسه الرحمة والذي وسعت رحمته كل شيء، وتخليصها مما شوهها من عنف وتوحش كل ذلك من خلال تحديث التفكير الديني مايعني بالنتيجة صياغة لاهوت جديد.

- طرح تصور جديد عن التصوف يركز على تعميق الايمان وإثراء التجربة الروحية بعيدا عن هجاء الحياة وهجرانها، يرفض الانزواء عنها، وينبذ إزدراء الذات وامتهانها.

- ان الدين والإيمان ليس مما يفرض على الإنسان من خارجه بأدلة عقلية مجردة بل هو قبل ذلك حاجة وجودية وجدانية، بعبارة اخرى أن صلة الإنسان بالدين والإيمان لم تكن معرفية وإنما انطلوجية وجودية وهو عين مايشي به عنوان االكتاب.

 

في المثقف اليوم