قراءة في كتاب

مراجعة لكتاب الدولة اللوياثان الجديد لفالح عبد الجبار

1741  اللوياثانيمكن القول أن هناك قناعة تامة متشكلة عند الباحث الغربي بأنه أفضل من يدرس دوّلته، أما في عالمنا العربي بشكل عام، والعراقي بشكل خاص، فإننا ننتظر الدراسات الغربية التي تُقدم عن دوّلنا، ليتم ترجمتها ودراستها والاشتغال عليها، وفي الوقت نفسه، لا يمكن انكار أهمية بعض تلك الدراسات، التي تُقدم، نتيجة للحرية التي يتمتع بها كاتبها، وهذا ما ينبغي ملاحظته، لكن، في المقابل من ذلك، هناك عدم اهتمام بالدراسات العراقية التي تُقدم عن الدولة العراقية، وهذا ناتج، ربما، عن عدم الاعتراف بالذات والافتتان بالآخر أو لقصور بعض تلك الدراسات التي تقف عند المعلومة-التي هي بالنتيجة متوفرة للقارئ العراقي-، وتهمل المعنى .

عُرف عن فالح عبد الجبار، اشتغاله على فهم طبيعة الدولة العراقية، والحركات الاجتماعية الفاعلة فيها، وربما ينطبق عليه ما تم ذكره سابقاً من عدم الاهتمام بنتاجه، فالذي يتم تداوله لدى الباحثين بحدود المعلومة، بينما، هو، قد قدم فهماً للدولة العراقية، وهذا الأمر يفترض أن يُحفز الباحثين لدراسته والوقوف على فهم معناه ومنهجيته، وهذا الأمر لم يحصل إلا مع القليل جداً منهم، الذين جاءت كتاباتهم عن عبد الجبار كتأبين له بعد وفاته والإشارة إلى عنوانات كتبه فقط.

للوهلة الأولى، يُلاحظ من خلال كتاب الدولة اللوياثان الجديد اشتغال فالح عبد الجبار على البحث عن اطار نظري يُمكنه من فهم الحالة العراقية، إذ اعتمد في كتابه على توظيف مفاهيم جعل منها مدخلاً لأقامة شبكة العلاقات التي يسعى إلى تشكيلها، لذا فإن طرح أفكار، مثل: الدولة الأمة، والتوتاليتارية(Totalitarianism)-التي تُترجم أحياناً إلى الشمولية-، وغيرهما، تُعدّ مهمة وضرورية جداً، وذلك لأنها محاولة لفهم مالم يُفهم من النظم السياسية، التي حكمت على وفقها الدولة العراقية قبل 2003م .

منهجياً، هناك القراءة التي تعمل عند حدود التلقي المباشر، وتجتهد في أن يكون هذا التلقي بأكبر قدر ممكن من الأمانة بأقل تدخل ممكن تبرز ما يُبرز وتخفي ما يخفي، وهذه القراءة هي الغاية هنا، فهي تسعى إلى تقديم مراجعة أفقية للكتاب، وليست عمودية-أي التي تتبع تقسيمات الكتاب-، إنما افقية تشتغل على العنوان والمنهج، فضلاً عن الوقوف عند أبرز المفاهيم المتداولة فيه .

أولاً- فهم العنوان (كتاب الدولة اللوياثان الجديد):

إن موضوع الدولة الواقعية ينبغي أن يأخذ اهتماماً واسعاً من الباحثين، الذين –ربما- انشغلوا بموضوعات ثانوية أو جزئية وتركوا الكل الذي تنتمي إليه تلك الجزئيات. وفي هذا السياق، هناك رأي لـ محمد عابد الجابري جدير بالاهتمام، يقول فيه: "إن نقطة الضعف الخطيرة التي عاناها الفكر العربي النهضوي الحديث والمعاصر، ومازال يعانيها الى اليوم، هي تقاعسه أو احجامه أو عجزه عن طرح مسألة الدولة في الوطن العربي قديماً وحديثاً: كيف تشكلت؟ وكيف تعيد تشكيل نفسها؟ وما مقومات وجودها؟ وكيف تحافظ على هذا الوجود؟ وما نوع الشرعية التي تستند إليه؟ وما دورها الاجتماعي؟ وما طبيعة علاقتها بمواطنيها؟". وفي السياق نفسه، إن الفكر العربي المعاصر على رأي عبدالله العروي لا يهتم بالدولة العربية القائمة، إنما ينساق حول طوبائيات جديدة هي المجتمع (المجتمع العصري الليبرالي) و(المجتمع اللاطبقي الماركسي) و(المجتمع العربي الاشتراكي الموحد)، وهذا الأمر قد أدركه فالح عبد الجبار، إذ أشار إلى أن الكتابات العربية عن الدولة قليلة جداً، ومساعي التنميط والتحليل أقل، وهذا واضح للعيان لأي مختص يشتغل بمجال الفكر السياسي ويعنى بالواقع العربي. وربما اختياره جزء من عنوان الكتاب (كتاب الدولة ....) يأتي لتأكيد أهمية الاشتغال على الدولة الراهنة  .

يتركز كتاب الدولة اللوياثان الجديد على تحديد عوامل صعود نمط التوتاليتارية، الذي نشأت مقدماته (الحزب الواحد، الاقتصاد المركزي-الدولتي، تأليه الزعيم، والواحدية الايديولوجية)، في العالم العربي، وقد بلغ ذروته في العراق مابين 1970-2003م، وعلى رأي عبد الجبار فإن "هذا الكتاب هو دراسة للدولة العراقية لجهة قيامها بخلق ما يمكن تسميته الأمة الحديثة في اطار نظام ليبرالي اقتصادي وسياسي(1921-1963م)، ثم نزوع الدولة، لاحقاً، في مجرى تحولها من دولة تسلطية عسكرية إلى دولة توتاليتارية-قرابية، إلى تمزيق نسيج الامة(1963-2003). وعلى الرغم من أن فالح عبد الجبار اشتغل في مضمون كتابه على مفهوم التوتاليتارية، إلا إنه لم يذكره في العنوان، وذلك لقناعته بأن مفاهيم: (الكلية، والتوتاليتارية، والشمولية) غريبة على وقع أو ايقاع الجرس العربي، لذا استعمل عنوان كتاب الدولة، الذي استعاره من احد الكُتاب العراقيين على حد قوله، إلا أنه قد استعمل مفهوم التوتاليتارية في أحد عنوانات كتبه السابقة، فضلاً عن أن تسمية اللوياثان الذي هو الشق الثاني من العنوان (كتاب الدولة اللوياثان الجديد) يُعد أكثر غرابة .

وبعيداً عن علاقة اللوياثان بالأساطير المروية، فإن هوبز يُعد أول من ربط اللوياثان بالدولة، وإن دولة اللوياثان تعني على وفق رأي هوبز: "نوع من وحدة الجميع الفعلية في شخص واحد، قائمة بموجب اتفاقية كل فرد مع كل فرد"، لكن هذا الشكل يختلف عن دولة البعث، التي لم تأتِ من تخويل أو عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، إنما حُكمت وفق سياسة الخوف، وهذا الجانب الآخر من دولة اللوياثان، فعلى الرغم من أن هوبز قد اشتغل في جانب على العقد الاجتماعي في تشكيل الدولة، إلا أنه في جانب آخر أكد هوبز وجود الخوف كذلك .

ثانياً- منهجية الكتاب:

يحتوي الكتاب على اطار نظري له أهمية للباحثين المعنيين بالشأن العراقي، إذ يناقش فيه أبرز المشتغلين في العالم الغربي على تحليل النظم التوتاليتارية، سواء أكانت مع الفاشية والنازية أم مع الستالينية، على الرغم من أن هذا الإطار النظري سواء أكان المتعلق منه بالتوتاليتارية أم بدراسة الدولة الأمة قد تكرر في دراسات ومحاضرات سابقة لـ فالح عبد الجبار.

إن منهجية الكتاب تعتمد على التحليل التاريخي البنيوي، وما يمكن قوله باختصار عن منهجية فالح عبد الجبار في هذا الكتاب، إنه قد اشتغل على تاريخ الأجل الطويل فهو قد غطى في الكتاب موضوعاً استغرق مائة وخمسين عاماً تقريباً من منتصف القرن التاسع عشر مع الدولة العثمانية حتى 2003م، وتغطية هذه الفترة، لا يمكن دراستها على الرؤية والفرضية التي اشتغل عليها عبد الجبار، بافضل النتائج إلا من خلال المنهج التحليلي البنيوي الذي عُرف غربياً مع مدرسة الحوليات الفرنسية، ولا سيما فرناند بروديل، وفضلاً عن ما تم ذكره، فقد اهتم بالقراءة الأفقية للتاريخ التي تعتمد على المفاهيم، وهذه القراءة تقترب أيضاً من البنيوية من خلال تشكيل نسق للدولة العراقية وهو التوتاليتارية أو اللوياثان .

ثالثاً- تكوين الدولة، تشكيل الأمة (الدولة الأمة):

في الأدبيات السياسية هناك نماذج يتم الاشتغال عليها، مثل: الأنموذج الأميركي، المتضمن عملية الفصل بين بناء الدولة وبناء الأمة، والأنموذج الأوربي بعد معاهدة ويستفاليا 1648م، التي مهدت لبناء الدولة الأمة، وبمعنى آخر إن الأمة يُمكنها بناء دولة، وأحياناً يطلق على هذه العملية، عربياً بالدولة القومية أو الدولة الأمة أو الدولة الوطنية، وفي العراق يلاحظ مع تأسيس الدولة العراقية إنه تم الاشتغال على وفق مفهوم الدولة الأمة، لكن بمعنى مغاير عن التجربة الأوربية الفرنسية والالمانية، إذ إن الدولة العراقية كانت تسعى لبناء أمة وليس العكس، وهنا حدثت اشكالية لأن العراق دولة متعددة القوميات، فكيف يُمكن للدولة بناء أمة واحدة، لهذا ادرك فالح عبد الجبار ضرورة الفصل بين عملية بناء الدولة وبناء الأمة كي لا تؤثر الأخيرة على الأولى.

أ- تكوين الدولة:

ادرك فالح عبد الجبار أن عملية بناء الدولة لا تعني أنها بناء أمة، فمسألة بناء الدولة وبناء الأمة عبر عملية واحدة تنفع في المجتمعات المتجانسة ثقافياً، ولا تنفع في الدول غير المتجانسة أو المتعددة على رأي أحد المختصين بهذا المجال. ومن الواجب القول على رأي عبد الجبار"إن تكوين الدولة يتصل بعملية ايجاد منظومة المؤسسات التي تشكل النظام السياسي، وتحديد المجال الاقليمي للكيان السياسي الجديد، نظامه القانوني وغيره من الأنظمة، وهيكليات السلطة، والعملة، والعلم، والعاصمة، وما إلى ذلك، أما بناء الأمة، فهو ينطوي، على العكس من ذلك، على الآليات الضرورية لضمان رضا ومشاركة مختلف الجماعات الاثنية، والدينية، والثقافية المبعثرة التي تقع داخل حدود الرقعة الجغرافية في مؤسسات الدولة".

وعلى وفق رأي عبد الجبار إن العامل الخارجي هو الذي ساهم بتكوين الدولة العراقية، فبريطانيا هي من كونت مملكة دستورية تمثيلية، وثبتت حدودها الجغرافية، فضلاً عن تحديد نظام الادارة البيروقراطية، والانظمة القضائية، والاقتصادية، والثقافية –عبر التعليم المركزي-، وهنا ينبغي القول إن العراق، عادة، ما يوصف بالدولة الاصطناعية أو المخترعة، ذلك من منظور إنه لم يكن تنظيماً اجتماعياً واحداً، إنما مجموعة من التنظيمات تمثلت بالولايات الثلاث: البصرة وبغداد والموصل، رغم أن الباحث يتفق مع القول إن كل الدول تعد اصطناعية، فكل الدول تُعد حديثة النشأة على وفق الفهم المعاصر، وليست الدولة العراقية فقط .

ب- تشكيل الأمة:

يستعمل عبد الجبار مصطلح بناء الأمة للدلالة على ضم مختلف الجماعات الاثنية، والطائفية، والثقافية، في دولة موحدة عبر مؤسسات المشاركة السياسية والاقتصادية والادارية والثقافية. ووفق رأي ماكس فيبر  إن المعنى المقصود من مصطلح أمة واحدة يكمن في السياسة أي إن الأمة مجتمع قادر على انتاج دولة خاصة به. إن مصطح بناء الامة على وفق رأي فالح عبد الجبار قد استعمل بشكل فضفاض، وهو يميل الى رأي اميتاي اتسيوني، تحديداً من خلال بناء الجماعة الوطنية وإلى كتابات جلنر وبندكت اندرسون. وهنا ينبغي الاشارة إلى أن عبد الجبار لم يذكر أو يشر إلى دور المثقفين في بناء الأمة، فاختراع أمة بحد ذاته يتطلب عملاً فكرياً يرتبط بإعادة بناء الذاكرة ومناهج التعليم ومجموعة من الفعاليات الثقافية التي ترسخ مفهوم الأمة .

ج- مشكلة الدولة الأمة في العراق:

يؤكد عبد الجبار إن مشكلات الدولة –الأمة كما تجلت في العراق تمتد بجذورها من الاخفاقات والتوترات، التي شهدتها حقب سابقة، بدءاً من الاصلاحات العثمانية في القرن التاسع عشر، واستمرت مع الاستعمار البريطاني، والنظام الملكي وما بعده، ويناقش تشكّل الأمة في العراق على وفق الموضوعات الآتية:-

1- دور العامل اللغوي في تشكيل الامة

2- الاختلافات المذهبية والدينية لا تعرقل بناء الأمة:

3- الموقف من العهد الملكي والجمهوري في بناء الامة:

يرى عبد الجبار غن النظام الملكي قد أفلح في سعيه إلى صناعة آليات عملية، وإن كانت انتقالية، لبناء الأمة وتكوين الدولة، وبعد 1958م تحتم أن يُعاد بناء الدولة كنظام حكم وكدولة متعددة القوميات، ما زج العراق في حقبة من اللاستقرار المزمن وغموض المآلات.

رابعاً- التوتاليتارية العراقية:

يلاحظ القارئ إن فالح عبد الجبار يُعيد في كتاب الدولة واللوياثان الجديد ما نشره عن التوتاليتارية سنة 1998م، تقريباً، بشكل حرفي، إذ لم يُغير في الأفكار وطريقة العرض. وهو يعد التوتاليتارية خطاباً نخبوياً مرتكزاً الى فلسفات مختلفة، وحركات اجتماعية تنتمي إلى المجتمعات الحضرية الجماهيرية المميزة لأوائل القرن العشرين، وهي نظام هيمنة دولة الحزب  .

يرتكز فالح عبد الجبار في فهمه للتوتاليتارية على التتبع التاريخي لتطور المفهوم، بدءاً من أفكار المفكر الايطالي جيوفاني جنتيلي(1875-1944م) في أوائل العشرينيات من القرن العشرين، من ثم ينتقل إلى فهم أفكار فرانز نويمان في كتاب البهيموث1942 م الذي تُرجم مؤخراً الى العربية، وعلى وفق رأي عبد الجبار إن ما كتبته حنه ارندت في كتابها: اسس التوتاليتارية، أو كتابات كارل فريدريش، ما هي إلا اعادة تدوير لأهم أفكار نويمان، من دون ذكره كمصدر لهذه الأفكار، لكن في المقابل مما ذُكر، فإن الاشتغال والاهتمام بالتوتاليتارية في الثقافة السياسية قد اقترن باسم حنه ارندت.

والخلاصة التي يتوصل إليها عبد الجبار من خلال مناقشة أفكار من ذكروا عن التوتاليتارية إلى القول أن التوتاليتارية، "ظاهرة متعددة المستويات: فهي أولاً، حركة اجتماعية لتعبئة الجماهير، وهي ثانياً، خطاب نخبوي وعبادة cult ثقافية، وهي اخيراً شكل معين من أشكال النظام السياسي يلغي تقسيم السلطات، ويرسي تقنيات للسيطرة والهندسة الاجتماعية خاصة بعصر المجتمعات الحضرية الجماهيرية، هي نظام يحاول انهاء الفصل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، ومركزة السلطة السياسية عبر تدمير استقلالية المجتمع المدني".

في الحالة العراقية على رأي عبد الجبار، تم القفز من الديمقراطية إلى التسلطية ثم إلى أغوار التوتاليتارية. وكانت الجمهوريتان الثانية والثالثة بمثابة الحاضنة لإنماء الغول التوتاليتاري. وقد انشأ حزب البعث نظاماً توتاليتارياً أُسري السمات بدأ عام 1968م، يشبه الأنموذجين النازي الالماني أو الستاليني شبهاً كبيراً من حيث حكم الحزب الواحد، والاقتصاد الأوامري، والآيديولوجية القومية الاشتراكية ووحدة الأمة في ظل الفوهور (القائد)، ولكن خلافاً للأنموذج الاوربي الكلاسيكي، يشير لفظ الأسري المضاف إلى التعريف الوجه الثاني للأنموذج العراقي، ألا وهو العشيرة أو القرابة . وإن الجماعات المشكلة للنظام التوتاليتاري في العراق:

1- الزمرة العسكرية .

2- النخب القرابية من قبيلة البوناصر .

3- النشطاء الحزبيون الايديولوجيون .

4- (الجيش، العشيرة التقليدية، والحزب الجماهيري الحضري) .

خامساً- تعقيب نقدي:

يمكن القول إن كتاب فالح عبد الجبار يُعدّ كتاباً نخبوياً، بمعنى آخر يحتاج القارئ إلى الأحاطة بمجموعة من الأفكار الغربية، ليفهم اطاره النظري، الذي يُعنى بدراسة القومية، والأمة، والدولة الأمة، والتوتاليتارية....الخ، وفي الوقت نفسه، ربما التكرار النظري وتفصيلاته، الذي ورد في كتاب عبد الجبار، التي ذكرها في دراساته السابقة، قد ارهقت النص، ولا سيما إن الكتاب قد كُتب لمتلق غربي مختص-لأنه كتب باللغة الانجليزية أولاً كما ذُكر، على الرغم من أن الباحث لم يجد نسخته الانجليزية أو إشارة إليها- يدرك النقاشات النظرية التي تدور حول اغلب المفاهيم المذكورة في الكتاب، أما المتلقي العراقي، فقد اطلع على المفاهيم الواردة في كتابات عبد الجبار السابقة سواء أكان مع كتاب التوتاليتارية أم مع العمامة والأفندي .

يُعد كتاب عبد الجبار مكملاً  لنص كنعان مكية (جمهورية الخوف)، إلا أن فالح عبد الجبار لم يشتغل بشكل مباشر على المفاهيم التي اعتمدها مفكرو الغرب المشتغلون في دراسة التوتاليتارية، إنما حاول توظيفها بين طيات دراسته، فلو تمت مقارنة كتاب فالح عبد الجبار مع  كتاب كنعان مكية لوجد إن توظيفات مكية لها تمثيل مباشر، أما عبد الجبار، فقد حاول تقديم فهم مُرتكز إلى تلك المفاهيم من دون الارتكاز إليها بشكل مباشر، إذ قدم مفاهيماً، واشتغل عليها بشكل أفقي، وناقشها على وفق تاريخ العراق من منتصف القرن التاسع عشر وحتى 2003م.

يضاف كتاب عبد الجبار إلى سلسلة الكتب التأسيسية لفهم الدولة العراقية قبل 2003م، ويمنح المهتمين منهجاً ورؤية يمكن الإفادة منها في تطوير دراساتهم، أو اعادة قراءة تلك الحقبة.

 

د. قيس ناصر راهي

 

 

في المثقف اليوم