قراءات نقدية

فرح دوسكي عبر مجموعتها الثانية: أحاول دحرجة الأيام .. استبدالُ الحبيبِ بالوطن

ahmad alhiliأحرّضُ النبوءاتِ في طُرفةِ عين

لأرى طائراً كونياً يخطفُ الوردةَ

حينَ ينبتُ الصُبّارُ تحتَ ردائي

رُبّما ،

يُشيّدُ البرابرةُ للحمامةِ عُشاً ،

يتفيّأ بحُلُمِ امرأةٍ ،

مبعثرةِ الأناملِ متعبة ....

ها هي حمامةُ الشعر والوجد والألم العراقي النبيل ، الشاعرة فرح دوسكي تحط بأجنحتها البنفسجية عبر مجموعتها الشعرية هذه ...

فرح دوسكي ، المرأة التي كنتُ شاهد إثباتٍ على مدى صدقها ووفائها وتضحيتها الجسيمة ...

بعد أن أصدرت ديوانها الأول " تائهٌ بذاتي" ، وأهدته لم اختار أن يتوارى خلف حُجبٍ كثيفةٍ من الضباب والدخان ،

أنظرُ إليكَ بارتباكٍ

من ثُقبِ عباءة الغرباء

أرى ممالك الفقراءِ

مفتونةً بروايةٍ

لا تستيقظوا

قبلَ أن تأذنَ لكم الجماجمُ !

أو تخاطب ذاتها عبر صرخة مدوّية من خلال غيابه ؛

أترمّلُ بين وردتين !

أو هي تخاطب ذاتها ، أو المرآة التي ظلّت الشاهدة الوحيدة على فداحة الوقت ؛

لمن أتعطّر ، وفي القلبِ ألفُ سكّينٍ وخنجرْ ؟

وتعود ثانية لثيمتها الأثيرة أو شوكتها الواخزة ، ثيمة الحب والوجد والشغف ؛

أدسُّ جسدي في أنفاس الكلمات

أرسلها ضوءاً أخضرْ

أعاند ذاتي حيثُ وقفتْ

أغازلُ تسابيحَ الغياب

وغالباً ما نراها تتقمص دور كاهنة العصور السحيقة ، التي تُنذر بالويل وتستنزل اللعنات على رؤوس كل من تسبب بهذا الخراب للبلاد أو الأحبة ...

آنَ لي ، أن أتوطّنَ في فجرٍ غابَ عنّي

وأعلّق الروحَ برفقة النتظار

لأولد فيه يرقةً ، تنسجُ من زهوها ضوءاً

تتكسّرُ إذا استطال الخراب !

" أحاول دحرجة الأيام " ، الذي كانت ثيمته الأساس تتمحور حول الوطن وما يمور فيه ويختلج محاولةً لملمة جٌرحها النازف ، أو هي بالأحرى لا ترغب أن يتوقف نزفه ...، ويبدو لنا بوضوح أنها قررت ، وبعد كل المعاناة والألم أن تستبدل حبيبها الغائب ، الذي تمادى كثيراً في ابتعاده وأوغل المسير في درب متاهته التي ربما اعتبرها خلاصاً ...، أن تستبدله بالوطن المثخن بالجراح مثلها والماكث أبداً مثلها في ذات الرقعة والمكان ....

 

ما زلتُ أخفي الجُرحَ في داخلي

أفتّشُ في الزوايا

عن مكانٍ

يسكنُ فيه غدي !

وفي وسط هذا الضياع والاستلاب ، الذي صاغت لنا من خلال عذابات ماساتها النادرة نراها تُطل علينا في خاتمة الديوان ؛

مشرعةٌ للبيعِ أو للموت بابي

أخشى أن يُكتَبَ على مفتاحِها ؛

بابٌ للإيجار !

 

في المثقف اليوم