قراءات نقدية

يحيى السماوي وعزلة الأوفياء

akeel alabodلست مبالغا، صرت احمل دموع الوطن عبر بكاء القصيدة، ودموع القصيدة عبر بكاء الوطن.

قرأتها للوهلة الاولى عزلة السماوي، لكنني في الوهلة الثانية، أيقنت ان الشعراء همومهم، اي مساحتها، تكاد ان تكون بقدر هموم هذا الشعب، الذي ألم به الالم، وضج به الحزن، وطاف في أرجائه الموت، حيث مع الصبر طويلا، ارهقه العناء، ليبقى هكذا أنشودة تستجلي أيقونة الكبرياء.

هنا لأجل اهاتها واستغاثاتها؛ دموع دجلة والفرات خارطة في حضرتها يصلي الشعر، ومن انهارها وخصبها يغترف الشعراء، ينصتون عبر منابرهم الى بكاءات المعذبين فيها، وراياتهم، تلك التي ما زالت اكفهم تحملها، لاجل مستقبل الفقراء والمتعبين.

هنا شاعرنا الذي نحتفي وإياه، كلماته في كل زمان كما هو ثائرة، لا يهمها قوانين الطغاة وجورهم.

يحيى السماوي لست بشاعر فقط، انما هو كما غيره من الأحرار، منارة جارت عليها احداث الزمان واتعبها الحنين.

قصيدة تزهو بطقوس غربتها المعفرة بتراب الثائرين، تتطلع الى مستقبل تستضاء به ظلمة الارض وتتغنى بها قوافل الطيبين.

تواريخ تحمل بين طيات اغترابها حضارة الوركاء وأور وسومر، تلك التي خان امانتها المتآمرون، بينما على اعقابها وقف إنسان تحشرجت في صوته دموعه عذابات السنين، ليصرخ مستنكرا هكذا، على شاكلة آهات بقعة من الزمان أغار عليها السلاطين؛ تمزقت اوصالها بفعل دسائس ممن لا يهمهم مصير هذا الإرث الذي بقي متحديا، رغم مؤامراتهم، يحمل بين أوجاعه جميع تفاصيل الامم.

هنا حيث يفترش كبار الشعر وصغاره موائد الاحتفاء، أقف انا مع صغار القوم، إكبارا وإجلالا، لكبارهم، احمل باقات ورد معطرة برسائل المحبين، لاقلد شاعر العراق وسام دجلة، وحضارة الرافدين، مستنكرا ما قام به أنفار الخسة والمنافقين، أولئك الذين لم يقدموا للعراق الا آفات الموت، وأعاصير الخراب.

وبهذا سأبقى أتطلع الى عزلة يحيى، عبر اغتراب الوطن، بينما محفل الشعر والشعراء يجمع بصمات التكريم الثاني ليكللها بالورد، هي خارطة العراق هدية معطرة، وقلادة محبه، تلك التي يدنسها اليوم ساسة البلاء، اقدمها وساما لمن يستحقها، لاحتفي مع الأوفياء والمخلصين بمهرجان الغربة هذا، اتقدم بها مع محفل المجتمعين جميعا في ساحة المثقف، متمنيا لشاعرنا السماوي دوام القصيدة.

 

عقيل العبود/ساندياكو

 

في المثقف اليوم