قراءات نقدية

هشام صيام: قراءة نقدية لنص الشاعر: كامل فرحان

من هزائم رجل

أينَ سأجدُ ملامحِي

في غياهبِ النسيان

جِئْتَ

أبحث عن ذاتي

عن حبِ مرأةٍ

تَضحكُ طهراً

تبكِي غدراً

تلوذُ بقلب يحنو

كل حنوٍ

يعشق بكل ما يؤتى

من ودٍ

بضميِر تعفّفٓ عن كُلِ قبيح

يعتقد أن جمال الكون حبيبة

ضحكتها من صور الجنة

عفتها  مفاتن هذا الكون

لم أعتقد  أن الحب

جريمة نكراء

ترفع عن جنسِ الأنثى

حتى تعثَر بكِ صدفة

زلزلتِ كل قناعته

ليعشَق بكل مَكامنُ قَلبه

ثُمَ يعوُد مهزوماً

مهزوماً

ما أقبحه

من مكرٍ وخيانة

***

كامل فرحان ....

....

مِن هزائم رجل

عنونة تبدأ هنا وفي هذا الحلول الرؤيوي بحرف جر / مِن / يفيد التبعيض في إسقاط على الانتقاء حسب أهمية  الأثر المتروك في النفس من تلك الهزائم، مع منحها حلولية الذكريات مع محاولة مستترة للتجهيل وشت بها حضورية لفظ / رجل / مجهلة بدون الألف  واللام وتلك عادة أو لنقل صفة يتوارى خلفها المرء عندما يطيب لنفسه التعري وكشف بعض المستور هنا يفور الموروث الذكوري الذي لا يريد بأي حال من الأحوال أن ينشر عورة الهزيمة على الملأ  فيضع الحقيقة العارية  مجهلة وهي  تحمل نبرة الإشارة للأخر،

وفي تأويل أخر قد يصبح الزج بمفردة رجل كناية عن التفخيم ومنح الأمر نكهة تحيط الأمر بتورية رؤيوية تحمل النصر بجوار الهزيمة فلفظ رجل تحمل الأنفة فهي صفة لا تمنح لكل ما هو ذكر ولكن تمنح لمن يملك القدرة على تحمل أعباء المسؤولية ومن هنا يصبح التأويل الثاني به جوانب من الصواب كونها مجهلة لتحمل حضورها الوصفي وليس المشخصن،

مادام هناك رجولة فهناك هزيمة يعقبها نصر يفرضه الجلد والصبر،

العنونة رغم بساطتها وخلوها من الفلسفة إلا أنها حملت الكثير من الرسائل الموجهة ما بين الشجن وبين الانتقاء الذي يعني مراجعة ما كان حتى لا يقع في براثنه من جديد،

في تحوير مشهدي تم به وضع حلولية صاحبة تأثير وأثر مع تنحية الزمان والمكان،

ومن حضورية حرف/ مِن / كأداة جر تفيد التبعيض ها هنا ولدت تلك الصورة التي تحمل مشهد الانتقاء ليتحول المعنوي / هزائم/ صاحب الأثر إلى مجسدات مختلفة العظم والصغر يتم المفاضلة بينها والانتقاء ثم تحوير تم توريتة في عمق المعنى به تحول المجسد إلى حلقات زمانية - ذكريات - يتم انتقاء بعض منها للتدبر والنقاش،

مشهد مركب والبديع فيه أنه من جملة سلسة جدا،

وفي عودة مع العتبة ...

نرى هذا التصوير المولود بعنفوان يحمل تحول زماني مكاني من المعنوي،

/ أين / ظرف مبني على الفتح يتم الإستفهام به عن المكان،

من تلك الحضورية لعكاز الإستفهام بكيفية مثولة والتي أصابت منتصف جبهة الحوارية ما بين الأنا العليا والعميقة نحن على موعد ومشهد تصويري تم به تحوير صفة بشرية معنوية ملموس أثرها على أرض الواقع بعنف / النسيان/ إلى حلولية مكانية غارقة في العمق السحيق أورثها الحضور تعبير / في غياهب / والذي بدأ بحرف جر  / في / يدل على  الظرفية المكانية أودع المعنى التجسيدي المكاني حلول راسخ مع  حلول معجمية غياهب التي أتت في ماهية الجمع كدليل على الكثرة والتي تعني الغفلة الشديدة والتي اجتمعت ولفظ نسيان لتضع النسيان في أشد بل أقصى حالاته وكأنه زهايمر،

وقد منح هذا الغيهب والنسيان حضورهما المكاني ضربة مزدوجة تم استخدام حروف الجر فيها  التي تسقط على حلولية مكانية ليتم التحول ما بين المجسدات بقوة في مشهد يحمل في ظاهره البحث عن ملامح بطل الحبر وفي إسقاط على ما توارى خلفها من رمزية مفردة /  ملامح / والتي تسقط على ما تركت  يداه من التجربة على وجنات الحياة،

فحلقات عمر الإنسان هي ملامحه بالفعل التي يتركها عرضة لعوامل تعرية الزمان،

في توافق تام مع ما يتركه الزمان على ملامح وجودنا،

أبحث عن عن ذاتي

عن حب امرأة

تضحك طهرا

تبكي غدرا

تلوذ بقلب يحنو

كل حنو

يعشق كل ما يؤتى

من ود

توحد تام ما بين الذات وهذا العشق الذي مس الكيان،

في تناغم ....

.... في حضورية إيحاء المفردات مع حضورها من خلال عتبة في الزمان الماضي،

من خلال العنعنة التي ربطت ما بيت:

عن ...ذاتي

عن حب مرأة

وكأنه يبحث في المجهول فهو يبحث عن عشق وليس امرأة بذاتها ولكنه عشق امرأة كحد صفة في توافق مع حضورية صفة الرجولة في العنونة،

مع إنزياح بديع/ تضحك .. تبكي/ و/ طهر .. غدر/ مع هذا الملاذ - رجل الحبر - القلب،

ثم هذا التعبير الذي يبدوا أنه يحمل كينونة واحدة / يعشق .. ود /

ليحدث هذا المزج ما بيت الشغف والولع الذي في العشق والذي يتوافق مع حضور المفردة في زمان المضارع كون العشق حالى تزداد مع صدور الأشواق وتأججها،

وما بين الود الذي يحمل معنى المحبة  هو الذي قرنه عز وجل مع الرحمة فهو الحب الحليم الذي يخلق في الوجدان فيستمر بذات الكيفية،

في إسقاط على عشق جامع في طور التطور- الفعل المضارع دليل الاستمرار- يعقبه هدوء يحمل النضج مع المودة والرحمة،

في سيناريو بديع الحلول الرؤيوي،

يؤكد هذا تعبير/ بضمير تعف، ضحكتها في صورة الجنة، عفتها مفاتن هذا الكون / في فوران مع إنزباح داهش ما بين العفة والمفاتن المكملة بتعبير / هذا الكون / والذي تحول فيه الإنزياح إلى مشهد مركب يحض على الاخلاق العالية التي ترافق العشق كتمهيد لنتيجة/ اعتقدت يوما ان الحب جريمة نكراء / كسؤال تقريري لا يحتاج إجابة فهو حد إجابة تعني انه عاد ليؤمن بالحب من جديد عقب صدفة اللقاء،

ثم ختام يحمل لحظة الإفصاح عن هذا البعض من الهزائم الذي تحدث عنها في  العنونة وتلك الهزيمة التي لا تعني وأد الحب بقدر ما تعني وأد الأمل فيه،

النص حمل خواص السهل الممتنع وابتعد عن التأمل التكثيف ليخرج لنا عبر الدفق نص وجداني راق ينساب بين شعاب وجدان القراء .

مودتي وضوع نيل دياري

***

هشام صيام ..

في المثقف اليوم