دراسات وبحوث

بيان محمد اليوسف: البديهيات السياسية للمشرق العربي (الشام والعراق)

هذا النص هو فكرة أولية لمشروع دراسة أسعى للعمل عليها وهو مكتوب هنا بصيغة المقال

المقدمة

إن محاولة وضع فلسفة نظرية للهوية الوطنية لدول منطقة المشرق العربي (الهلال الخصيب) هي مهمة تفترض بالضرورة وجود نسبة معقولة من الوعي السياسي والاجتماعي لتقبل هذه الفلسفة. أما محاولة وضع فلسفة سياسية فتتطلب بالضرورة وجود قوى سياسية واعية وعلى قدر من المسؤولية في المنطقة. وقد أثبتت العقود الأخيرة أن كلا الشرطين غير متوفرين. فأي فلسفة متعالية سيتم إنزالها إلى مستوى الخطاب الشعبوي، وأي أيديولوجيا سياسية سوف يتم تسخيفها بسهولة نتيجة التفكك التام للمجتمع وتناحر القوى السياسية. وأي رؤية فوقانية سيتم رميها إلى ساحة الصراع الدائر. ولذلك، أرى أن البحث عن فلسفة الهوية أو حتى هوية هذه المنطقة يمكن استنباطها من واقع الانهيار التام الحاصل. والبحث عن حلول يستلزم بالضرورة الاستناد على القوى الموجودة.

إن ما أسعى إليه هو التأسيس لذهنية فكرية ينطلق منها الفكر السياسي المنتمي إلى المشرق العربي، وذلك عن طريق تنظيم خلاصة استنتاجات ونظريات الفكر والعمل السياسي الذي بدأ منذ نهاية القرن التاسع عشر ومؤالفتها ضمن ذهنية موحدة ومتجانسة. وذلك ما ادعوه بالبديهيات السياسية التي تحتوي على الرؤية السليمة بمعايير المنطق النظري والعملي ومنطق الثقافة العربية المعاصرة والمستقبلية المحتملة لكل من جوانب التاريخ والهوية والمصالح القومية والأساليب السياسية وبنية الدولة. وهي ذهنية غير مقيدة بإطار أيديولوجي ولا انتماءات حزبية ولا مصالح شخصية. كما أنها قادرة على أن تكون المنطلق الأولي لغالبية القوى السياسية الموجودة والمستقبلية المحتملة التي تتحلى بالقدر الكافي من الانتماء الوطني والقومي والثقافي وأن تلزم الجميع بالاحتكام إليها. وهي باعتبارها "بديهيات" فهي تشمل السياسيين وغير السياسيين، ذلك أنها تحقق القدر اللازم من المعرفة العامة وبذات الوقت الدقيقة بالسياسية لكل أفراد المشرق العربي.

مدخل

لعل أنطون سعادة هو أول من نظّر لهلال خصيب متوحد. وقد كان يقصد حينها الوحدة السياسية والثقافية، بينما تجلت هذه الوحدة المنشودة بانهيار واحد على جميع المستويات. وهو انهيار يؤكد صحة الحدس الأولي عند أنطون سعادة ويجعل فكرته أكثر ضرورة وجلاءا. فجغرافية الهلال الخصيب التي نظّر لها سعادة قد صارت أكثر تفككا وتخلفا من أيامه، وذلك باستثناء قبرص وسيناء. بينما ما تزال الهوية "السورية" سائبة التحديد والتعريف بعد سقوط القومية العربية التي سادت المنطقة. ذلك أن حالة الانهيار التام في الهلال الخصيب تمثل ذروة الانحطاط المعاصر في العالم العربي، وهي بجوهرها نتيجة لفشل بناء الدولة. وما رأيناه ونراه من حالة الحرب الأهلية اللبنانية والسورية والحرب المفتوحة في فلسطين وحروب العراق ومن ثم احتلاله وما تبعه من صراعات أهلية لم تزل مفتوحة إلى الآن هو الحالة الأشد دلالة على مدى الانهيار السياسي والاجتماعي في هذه المنطقة. كل هذا يدل على أن الحل الحقيقي والجذري لهذه المنطقة يكمن في كيفية إعادة توحيدها السياسي من أجل بناء المجتمع والدولة. إن هذه الغاية ترتفع إلى مصاف الضرورة القصوى، وهي غير معنية بأسباب قومية وثقافية، وإنما بأسباب وجودية. ومن هنا أهمية تحديد البديهيات السياسية القادرة على أن تؤسس لهذه الوحدة المنشودة.

فكرة أنطون سعادة بهيكلها "السوري" لم تكن إجابة شافية آنذاك ولن تكون اليوم لأنها تعاني من تضخم في الهيكل الأيديولوجي وفراغ بالمحتوى الثقافي والتاريخي الهوياتي. ففكرة سعادة جغرافية أكثر منها تاريخية، وقومية أكثر منها ثقافية وهذا ما يتضاد مع جوهر الهوية "السورية" والعراقية، أو إذا ما استخدمنا التسميات العربية، العراق والشام. فجغرافية ""سوريا الكبرى" التي نظّر لها سعادة كانت في جوهرها جغرافية الممالك والإمارات العراقية والشامية القديمة ولولا الحياء لأضاف إليها سعادة صقلية وسردينيا ومالطا وتونس! فلا شك أن قبرص وكيليكيا وسيناء هما من الفضاء الثقافي للشام، لكنهم بذات الوقت من الفضاء الجيوسياسي والثقافي لليونان وتركيا ومصر. بمعنى أنه لا يمكن تخيل مصر بدون سيناء أو جزء من سيناء، لأن "الصندوق المصري" سيتعرض للقضم. بينما لا يمكن لتركيا أن تتخلى عن كامل كيليكيا لأنها ستهدد وحدتها الداخلية وستثير نزعات انفصالية ومطالبات بأراض متنازع عليها من عدة جهات ومن عدة أقوام. بينما يمكن الحديث عن استعادة لواء إسكندرونة ذات الغالبية العربية الساحقة فيما لو جرت مفاوضات عقلانية حول ذلك. أما قبرص، فهي بعيدة المنال أكثر من غيرها، على الأقل بالصيغة السياسية. وذلك بسبب اللغة والدين والجغرافية السياسية، فقبرص أوروبية ولن تتخلى عن أوروبيتها كما لن تتخلى عنها أوروبا. وهذه معادلة حددتها القرون الثلاثة في الصراع العثماني الأوروبي. أما الجغرافية المتبقية، أي الشام والعراق، فهي جوهر الفكرة المنطقية والعملية عند سعادة. وهنا يتبدى ضعف المحتوى الثقافي بالهوية السورية عند سعادة. فقد رأى سعادة "سوريا الكبرى" بأعين "لبنان الكبير". بينما الحقيقة الجلية تقول أن الشام والعراق هما وحدتان جغرافيتان ثقافيتان متجانستان داخليا ومتناغمتان إلا أنهما لا يتطابقان كليا. فالشام تاريخيا هي وحدة المدن الداخلية والساحلية، والعراق هو وحدة الجنوب والوسط والشمال، بينما يتقاسم كل منهما منطقة الجزيرة عن طريق ذوبان مكونات البلدين العرقية والثقافية والدينية فيها. ولو أردنا الحديث عن الشام تحديدا ونسيان العراق قليلا، باعتبار أن سعادة نفسه كان ينّظر للفكرة السورية قاصدا الشام أولا ومن ثم قد ضم لها العراق لاحقا. فسوريا التي يراها سعادة هي سوريا السريانية، وهو يحدد تاريخها منذ بداية التاريخ وحتى نهاية العصر الأموي. فهو يجعل الدولة الأموية دولة سورية لأنها اعتمدت على السريان ولأن مركزها كان الشام. بينما يرى الدولة العباسية انحدار نحو الانغلاق الديني والبدوية العربية مما أوقف تمدن العرب. إن هذه الرؤية تعاني من عقدة الأقلية. فما يريد قوله سعادة هنا، أن العنصر السوري هو عنصر سرياني، وبالتالي مسيحي. يتخلى سعادة ضمنيا عن تاريخ الشام العربي كما أنه يتخلى عن وجودها العربي المعاصر، رغم إصراره على أن الأمة السورية قائدة القومية العربية! إن الانفصام في فكر سعادة هنا سببه عدم قدرته على فهم حقيقة الهوية العربية والإسلامية التي تنتمي إليها بلاد الشام مع الحفاظ على هويتها الجزئية وكيانها الداخلي. فقد ظهر العرب كأمة متكاملة عن طريق الإسلام وتحدد وجود الإسلام بوجودهم، مما جعل من الإسلام والعرب كيانا ثقافيا واحدا وهذا ما ندعوه بالثقافة العربية الإسلامية. ولم يكن ذلك بتعارض مع الهوية السريانية أو الرافيدينية للمنطقة، بل استكمالا لها. بمعنى أن الإسلام أعاد تجربة المسيحية السريانية، ولكن بنجاح. فهو ليس دين الصحراء وإنما ثقافة المنطقة ذاتها. ولا يعني كلام سعادة بأن العرب والمسلمين سيطروا على الشام لخمسة عشر قرن، إلا أن هويتها بقيت سريانية، سوى إدراكه الجزئي لحقيقة ذوبان السريان وغيرهم من شعوب المنطقة بالعرب والإسلام وذوبان العرب والمسلمين فيهم. لذلك لا يمكن الحديث عن السريان كعرق أو هوية نقية، بل عن الهوية الشامية كهوية ثقافية مرت بعدة حقب ثقافية كبرى، كان الإسلام أكبرها وآخرها. بمعنى أنه لا داعي لتنقية تاريخنا من حقب وتواريخ لا تناسب وجهات نظرنا، ولا حتى من الفترة العثمانية الأكثر تخلفا، فتأثير كل حقبة لا يحدده الزمن ولا الأقوام الحاكمة وإنما مدى تأثيرها بالهوية. ولو عدنا وأضفنا العراق على حساباتنا فستبدو سريانية "سوريا الكبرى" أكثر تهافتا. فالعنصر العربي في العراق يشكل الأغلبية الساحقة من السكان وهو الطابع الغالب على جنوبه ووسطه وشماله. كما أنه لا يمكن أن نعقل العراق بدون فترة الحكم العباسي فيه، فهي جزء تاريخي أساسي في تكوين الهوية العراقية. أما الإسلام فقد تكونت معظم فرقه ومدارسه الكبرى في العراق، وفي العراق النجف وكربلاء وبغداد. ولذلك لا معنى للحديث حول سريانية أو فينيقية أو حتى عربية بلاد الشام أو العراق أو أجزاء منها. لأنها كلها نسب منفية ضمن الهوية والواقع الحالي للشام والعراق. كما أن الانتماء للأمة العربية والعالم الإسلامي أمر بديهي ولا يحتاج إلى فكرة قومية لكي تختلقه.

هوية بلاد الشام

إن استكناه حقيقة الأنا الجماعية لا يقل صعوبة وتعقيدا عن إدراك أنا الذات الفردية. وإن كانت مكونات الأنا الفردية هي الجسد والذاكرة والتربية والعقل والوجدان، فإن مكونات الأنا الجماعية هي الجغرافية والتاريخ والتجربة التاريخية والثقافة والوجدان. والخلاصة الشاعرية لهذه المكونات هي الروح. وكما أن للأفراد أرواح، فإن للأمم والشعوب أرواح كذلك. وإن كانت عبارة درويش "الهوية بنت صاحبها" نتيجة استنتاجه النهائي لحالة الهجرة القسرية لأبناء فلسطين، فإن المتصوفة جعلت من الإرادة خاصية الإنسان التي يربط بها بين الفكرة والواقع، فيحقق بها ذاته. وهذا ما دعته بثلاثية الملك والملكوت والجبروت. وإن كان جبروت الأمة ما يزال يبحث عن "طريقه" ليحقق بها ذاته، فيتوجب علينا البحث أولا في ملك وملكوت هذه الأم، أي مكوناتها الروحية والمادية، لإدراك مكونات الهوية لبلاد الشام.

التاريخ

الهوية هي مجموعة من العلاقات المختلفة، وليس من الضرورة أن تكون هذه العلاقات متساوية. ولا يوجد معيار عالمي لنسب الهوية بين الأمم والشعوب. فالتاريخ يلعب دورًا أكبر بالضرورة لدى الشعوب والأمم ذات التاريخ الحضاري العظيم، بينما يكون أقل بالنسبة للشعوب والأمم الناشئة حديثًا. فالتاريخ لا يحمل الأهمية الكبيرة بالنسبة للأمريكيين مثلما يحمله للعرب، إذ تقوم الهوية الأمريكية على فكرة العالم الجديد، ويرى الأمريكيون أنفسهم استمرارًا لأوروبا، ولكن مدنهم وقصصهم ليست جزءًا من تاريخ الولايات المتحدة. وهذا ينطبق أيضًا على الهنود الأصليين. بالمقابل، ينظر العرب إلى أنفسهم كتمثيل لتاريخ المنطقة، حيث ينظر العرب إلى الأكاديين والسومريين والفينيقيين بنفس النظرة التي ينظرون بها إلى العرب في الجاهلية والإسلام. وبذلك، يعتبرون جميعًا سابقة تاريخية. ومع ذلك، تتشابه نسبة العنصر الثقافي في الهوية العربية والأمريكية. فالأمريكيون ينتمون ثقافيًا، وليس عرقيًا، وعلى الأقل هناك انفتاحًا على مختلف الأعراق البيضاء، سواء كانوا من المهاجرين الإنجليز أو الألمان أو الفرنسيين وما إلى ذلك. وبالمثل، يكون العرب مفتوحين على الأعراق، حيث يعتبر السوداني العربي مساويًا للسوري أو اليمني.

الجغرافية

هنالك الكثير من الهويات القائمة على أساس جغرافي، إلا أن العالم العربي ليس أحدها. وبلاد الشام ليست استثناء. بمعنى أن العامل الأساسي في الهوية لم يكن المكان، بل الأفكار، إلا أن المكان حاجة وضرورة كما أن الجسد حاجة وضرورة وبذات الوقت إمكانية. وجغرافية بلاد الشام المقصودة ليست مجرد مكان، بل هي مكان حدوث التاريخ. أي أنها تكمل ثنائية الزمكان الحضارية (التاريخ والجغرافية). وهي محكومة بذاتها (جبال وسهول…) وبعلاقتها وموقعها ضمن الحضارة. لذلك يصعب الحديث عن جغرافية محددة بالكامل، ذلك أننا نعلم أن لكل حضارة جسد بحدود متحركة، وبلاد الشام كانت جزءا من عدة حضارات. لكن يمكن الحديث عن جسد بحجم معقول قابل للنمو الطبيعي والنمو المفرط إلى درجة التضخم وبذات الوقت قابل للضمور الطبيعي والتقلص والتفتت نتيجة الأمراض الداخلية والحوادث الطارئة. ولتحديد تضاريس جسد بلاد الشام علينا معاينة حدوده الجغرافية البحتة كالبحار والصحاري والجبال العالية وحدوده المتحركة (التاريخية). وللاختصار فهي تشمل دول بلاد الشام الأربعة بالإضافة إلى لواء إسكندرونة مع إمكانية التخلي عن الأجزاء الشمالية الشرقية لصالح دولة كردية ناشئة.

هوية العراق

بالنسبة للهوية العراقية فأكتفي بالإشارة إلى ثلاثية الراحل ميثم الجنابي "فلسفة المستقبل العراقي". فالكتاب المذكور أكثر من كاف في هذا المجال.

البديهيات

يمكننا القول أن أنطون سعادة حدس بضرورة الوحدة الإقليمية واستحالة الوحدة الكبرى للعالم العربي، بل وخطورتها فيما لو تمت. وهي فكرة أثبتتها سنوات القرن العشرين. ولم يكن تأسيسه للحزب القومي وارتماءه في العمل السياسي واستشهاده نتيجة ذلك سوى دليل على أن فكرة سعادة فكرة عملية. وتتجلى المهمة الآن في إعادة التأسيس النظري لحدس سعادة الأولي مع الأخذ بعين الاعتبار استحالة الوحدة السياسية في دولة واحدة. وهذا ما يجعل الوحدة الثقافية والوحدة الهوياتية هي الهدف الأولي الذي يجب تحقيقه. وهي وحدة عليها أن تراعي التقسيمات السياسية للهلال الخصيب، كما عليها أن تراعي الاختلاف بين العراق والشام وعدم السعي إلى الدمج السافر بينهما. فلن يؤدي ذلك إلا زيادة النفور بين البلدين. كما أن "سوريا الكبرى" لا تحتاج إلى "قومية سورية" بل تحتاج إلى أحزاب سياسية اجتماعية وطنية. بمعنى آخر، أن هدف "القومية السورية" هو تحقيق الوحدة السياسية والروحية "للأمة السورية"، مما يعني أن القومية نفسها هي مجرد وسيلة لا غاية ولذلك علينا أن ننظر إلى المبادئ الإصلاحية التي وضعها أنطون سعادة كفصل الدين عن الدولة وغيرها كبرنامج حزبي وليس أولويات في تشكيل الدولة "السورية". بل أن الواقع الحالي وتجربة الأمم الأخرى تجعلنا ندرك أهمية الدين نفسه في بناء الدولة. فدخول الأحزاب الدينية لعبة السياسة يذلل العقائد الدينية فيها ويبرز الجانب السياسي في الدين، وكذلك الأمر بالنسبة للعرقيات. فالأحزاب القومية قادرة على تذليل الانتماء العرقي فيما لو جعلت فكرة الوطنية "انتماءا مقدسا". بمعنى جعل الفكرة القومية فكرة ثقافية. والواقع الحالي يثبت ضرورة النوعين. فالطائفية والعرقية الموجودة في الهلال الخصيب لا يمكن أن تتلاشى في حال إعلان "علمانية" الدولة، ففي أحسن الأحوال ستتحول الدولة إلى نظام شمولي مستبد منفصل عن المجتمع. لأن الدين والعشائرية والعرقية هي تنظيمات اجتماعية مرافقة لمرحلة ما قبل الدولة بشكل عام وما قبل الدولة المعاصرة بشكل خاص. ولا يمكن تذليلها إلا باكتمالها في تنظيمات سياسية تمارس العمل السياسي بعد قبولها بمرجعية "الوطنية". ويجب استغلال الوحدة الدينية من أجل بناء مرجعيات الوحدة الوطنية. فيمكن تحويل النجف وكربلاء والقدس وأنطاكيا من مدن مقدسة دينية إلى وحدات ثقافية كبرى إلى جانب بغداد والبصرة والموصل ودمشق وحلب وعمان وبيروت ورام الله. أي السعي نحو جعل المدن مركزيات ثقافية كبرى جامعة. فلا يجب النظر إلى اختلافها المذهبي وإنما وحدتها باعتبارها سلسلة المدنية الناشئة. أما بالنسبة للقوميات، فإنه يجب دعم نشوء الأحزاب الأرمنية والتركمانية والكردية والعربية، لأن ذلك سيجعل الجميع يدركون حجمهم الطبيعي ودورهم ونسبتهم بالوجود الثقافي والسياسي في العراق والشام. كل هذا يجعل من الفكرة الإصلاحية وليس الثورية هي منطلق البديهيات السياسية بالنسبة إلينا في المشرق العربي.

تختلف الفكرة الإصلاحية عن الفكرة الثورية بأنها لا تريد الابتداء من الصفر، بل تتقبل ما هو موجود وتسعى إلى إعادة تنظيمه. لذلك هي متسامحة بالضرورة رغم دعوتها إلى وضع حدود، وعملية رغم أن من يدعو إليها هم المفكرون. ذلك أن الإصلاح ليس مجرد فك لعقد دينية وسياسية واجتماعية، بل إعادة تنظيم لفوضى دينية وسياسية واجتماعية. أي أن الإصلاح هو في جوهره فكرة شمولية تسعى إلى بناء منظومة متعددة الأبعاد. وبما أن العالم العربي يعيش فوضى أفكار ونظم سياسية وطبقات اجتماعية متباينة ومتناقضة أحيانا وغريبة تماما عن بعضها البعض، فإن الفكرة الإصلاحية عليها أن تسعى إلى البحث عن جميع القواسم المشتركة وتنظيمها وتنسيقها بمختلف الأبعاد لتبني منظومة عملية.

فالجانب السياسي له ثلاثة أبعاد أساسية: الأمة والدولة والنظام السياسي. والجانب الاجتماعي له أيضا ثلاثة: الشعب والدولة والثقافة. والجانب الثقافي له ثلاثة أبعاد كذلك: الإسلام واللغة والتاريخ. والفكرة الإصلاحية عليها أن تراعي في كل جانب أبعاده الثلاثة بدون أن تغفل الجانب الأخرى. وهي أبعاد متداخلة فيما بينها بدون شك، لكن لكل منه مجال تأثير خاص.

فإن بناء الدولة الحديثة يتطلب بكل تأكيد وجود مفهوم الأمة، لكن الأمة العربية ليست مرادفة لمعنى الأمة الغربي الذي يستخدمها كمرادف لكلمة شعب. أي أن الأمة العربية تتألف من عدة شعوب بملامح مستقلة، وهذه الشعوب هي أساس بناء الدولة، لكن فكرة الأمة هي مكون من مكونات استراتيجية الدولة. وهنا نرى تداخل الجانبين السياسي والاجتماعي، وما أن نطرح السؤال: ما هي الأمة وما هو الشعب؟ حتى نرانا صرنا نحتاج الجانب الثقافي. وهنا تتبين أهمية الشمولية بالنسبة للفكرة الإصلاحية لكن بدون أن تسعى إلى طغيان جانب على الجوانب الأخرى ولا بعد على أبعاد أخرى. والفكر الإصلاحي الحديث لم يتلاف هذه المشكلة، فكان أحادي المكون كالفكر الإصلاحي الإسلامي، أو الفكر القومي العربي، أو الفكر القومي القطري، أو الفكر "العلماني" الساعي إلى مسائل الحقوق الاجتماعية.

وهنا تتجلى أهمية وجود "بديهيات" يمكن للجميع الاحتكام إليها. أي استمرارية التنوع والاختلاف لكن مع القدر اللازم من الوحدة الضرورية لاستمرار وجودنا التاريخي والمستقبلي وإمكانية التطوير المستمر بدون الوقوع في شرك الرؤية الأحادية الضيقة والمتضخمة الذات بحيث لا تدرك أهمية وجود الأخرين وتنسى أنها مجرد نسبة من نسب الوجود ولا يمكن أن تكون كله.

البديهيات:

* المشرق العربي ينتمي إلى العالم العربي ومنه إلى العالم الإسلامي

* المشرق العربي وحدة جغرافية تاريخية ثقافية سياسية تتألف من مكونين: العراق وبلاد الشام

* السعي إلى تحقيق هذه الوحدة سياسيا واقتصاديا وثقافيا عن طريق عقد اتفاقيات سياسية واقتصادية وأمنية وليس بشكل قسري

* اعتبار دائرة المشرق العربي هي المجال الحيوي الأول بالنسبة للدول الخمسة

* توحيد الاستراتيجيات والأهداف الاقتصادية مع مراعاة مصالح الدول الخمسة

* توحيد الموقف الدولي والإقليمي

- اعتبار المشرق العربي هو المجال الحيوي لجميع الأحزاب الحالية والمستقبلية

- التعامل مع تركيا وإيران باعتبار المشرق العربي كتلة سياسية واحدة

- التعامل مع العالم العربي باعتبار المشرق العربي كتلة سياسية واحدة

- استغلال علاقات دول المشرق العربي المختلفة مع الخارج (العراق-أمريكا، سورية-روسيا) لتأمين مصالح جميع دول المشرق العربي

* عقد اتفاقات أمنية وعسكرية ملزمة للجميع مع استثناء الدولة الفلسطينية

* السعي إلى فك الحصار عن قطاع الضفة الغربية وغزة

* توحيد مجال التعليم

الإمكانيات

لا أخفي جهلي بالإحصائيات والأرقام الخاصة بمختلف المجالات الحيوية في منطقة الهلال الخصيب، رغم أهميتها البالغة. وهذا الأمر عائد لأمرين، الأول هو صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة وواسعة من جهة ومن ترتيبها وتنظيمها من جهة أخرى. والأمر الثاني هو عدم ضرورتها بالنسبة لغاية هذا البحث، ذلك أنني أبحث في البديهيات العامة والضرورية في نشأة فكر سياسي سليم، ولا أسعى لوضع خطط عملية. إلا أن الإمكانيات البديهية والتي لا تحتاج النقاش تتوزع بين ثلاث أمور جوهرية:

* السكان

* المكان

* الثقافة

إن الوحدة الثقافية بين العراق والشام أو بين بلدان الشام نفسها لا تحتاج أن تكون وحدة على جميع الأصعدة، بل وحدة النموذج الاجتماعي والسياسي. والتأسيس السليم لهذه الوحدة يتطلب إشراك القوى الاجتماعية والسياسية والدول القائمة في ذلك. وفي حالة الانهيار الحاصلة لا يمكن تجاهل حتى القوى الرجعية أو المخربة، ببساطة، لأنها موجودة. كما أنه لا يمكن تجاهل القوى الدينية، فنحن نعلم أن الأحزاب أو الحركات الدينية هي القوى الكبرى في العراق ولبنان. وانفتاح القوى الشيعية على بعضها البعض، بما في ذلك على إيران، هو شكل من أشكال التفاعل الحي. كما أن حركة اللجوء التي ابتدأت مع اللاجئين الفلسطينيين ومن ثم اللاجئين العراقيين في الشام في التسعينات وبعد الغزو الأمريكي ومن ثم حركة اللجوء السوري التي شكلت ذروة هذه الظاهرة، هي بجوهرها حركة تفاعل كبرى في المنطقة. ولعلها أكبر حركة إعادة انتشار ديموغرافي منذ سيطرة العثمانيين على المنطقة. وصحيح أن طابعها المأساوي يخيم على الذاكرة والذهن معا، إلا أن ذلك لا ينفي أهميتها. فهي بشكل ما قد أعادت مزج مكونات المنطقة. ومن خلال تأملها يمكن تحديد مستوى التقارب بين هذه البلدان. فإننا نجد أن سوريا ولبنان أكثر البلدان الحالية تقاربا من جميع النواحي ويشكلان معا لب بلاد الشام. بينما يعمل ثقل اللاجئين السوريين والفلسطينيين على استرجاع الأردن من عزلتها وربطها بمصير بلاد الشام، رغم محاولة الدولة الأردنية الانخلاع من هذا الانتماء المكلف. على الجهة الأخرى نجد سوريا أقرب البلدان إلى العراق من القسم الشامي ومن يليها لبنان بسبب حضور الشيعة هناك. ويتجلى الارتباط السوري العراقي بوحدة الإشكاليات والصراعات بين البلدين. وقد تمثل ذلك بسيطرة البعث، وصراع الجيران الأقوياء، والعداء التاريخي مع الخليج، ومن ثم صعود الحركات السلفية المتشددة. وبينهما التدخل الغربي العلني في العراق والمضمر في سوريا. أي أن الاختلاف بين البلدين كان في نسبة تأثير ما ذكرت وليس في وجودها.

بعد كل ما ذكرت يمكننا فهم الخطاب الداعي إلى التوجه إلى الشرق. وهو خطاب سليم في أولياته، لكن غالبية من ينادي به محسوب على القوى الدائرة في فلك النظام السوري. وهو خطاب يخلط بين التوجه الخارجي: الصين وروسيا، وبين التوجه الإقليمي: إيران، وبين التوجه الداخلي: الشام والعراق. وأنا أرى أن التوجه الداخلي هو الأكثر أهمية وعلى أساسه يمكن تحديد التوجهات الإقليمية والخارجية. فالارتباط مع الصين وروسيا وإيران هو من حيث الجوهر سياسة الدولة السورية، والمطالبة بجعل هذه السياسة سياسة المشرق العربي ككل هو مطلب قصير النظر. فعلاقات العراق والأردن مع الولايات المتحدة تشكل عصب العلاقات الخارجية للبلدين. أما علاقة العراق مع تركيا فهي إيجابية، رغم أن تركيا تشغل العراق في كثير من الملفات. من هنا يجب العمل على تأسيس هذا "الشرق" لا الاتجاه شرقا. فالشرق المطلوب هو الشرق العربي. إن النظر إلى الهلال الخصيب ككتلة موحدة، هو في حده ذاته إمكانية. فاقتصاديا يجعله سوق كبير وضخم ويحتوي على قوى إنتاج هائلة. كما أنه يتمتع بمكانة جغرافية هائلة الأهمية، خصوصا إذا ما تم ربط خطوط المواصلات البحرية والبرية بشكل يسمح بربط البحر المتوسط بالخليج العربي وكليهما بالبحر الأحمر. ومد خط بريي يصل إلى إيران ومنها إلى روسيا والصين والهند. وهو ما يواجه أي عزلة أو حصار غربي أو حتى تركي مستقبلي. وسياسيا، يصبح قوى إقليمية هائلة الحجم وموازية وبذات الوقت رادعة للجيران الأقوياء. وثقافيا، فهو من أكثر المناطق عربيا تأثيرا وقادر أن يعزز مكانته ليستعيد مكانته كمركز ورأس العالم العربي وبذات الوقت أحد المراكز العالم الإسلامي. إن هذه الإمكانيات المجموعة نظريا تحتاج دراسة معلوماتية متأنية لمراكز قوى الإنتاج الزراعي والصناعي والثروات الباطنية ومن ثم وضع استراتيجية عامة في كيفية زيادة نمو هذه القوى وربطها مع بعضها البعض بدون أن تعيق أو تتنافس فيما بينها تنافسا هداما، ودفعها للتنافس الاقتصادي والثقافي المنتج. أما على الصعيد السياسي، فيجب التنسيق بين مجموعة الدول الخمسة والاتفاق على المصالح القومية الكبرى ووضع خطوط حمراء واستراتيجيات مشتركة في السياسات الداخلية والخارجية. وهذا ما يجعل مهمة توحيد المشرق العربي (وليس الهلال الخصيب) في مرحلة ما قبل الدولة الموحدة هي المهمة الرئيسية لجميع القوى الفاعلة، وذلك في: مجال السياسة ومجال الاقتصاد والمجال العسكري ومجال الدين ومجال التعليم ومجال الرياضة ومجال الإعلام ومجال الثقافة الفنون، بينما يأتي على المستوى الثاني العلاقات الإقليمية، وهي تشمل بشكل رئيسي العالقات مع إيران وتركيا والعالم العربي. وهنا يمكن لوحدة الموقف العراقي السوري أن تحل كثير من الأزمات مع الجاريين القويين، بالإضافة إلى تحديد مستوى التقارب الضروري مع العالم العربي بدون أن يجعل منه، وخصوصا دول الخليج، تهديدا مستمرا يظهر نفسه بين الحين والآخر. أي وضع حد لسياسة الخليج العدائية وبذات الوقت احتوائها. أما العلاقات الخارجية فمن الصعب حصرها بالصين وروسيا، فنحن نعلم أن العالم أوسع من ذلك ونحن نعلم أنه لا يمكن تجاهل الغرب.

مثال: نموذج التعليم

إن العلم في جوهره هو غاية ووسيلة، وللتعليم غايات ووسائل أيضا. وواقعيا، فإن تحديد الغايات لا ينفصل عن الإمكانيات الموجودة. ولعل الغاية النهائية التي لا يمكن أن يُختلف عليها هي الوصول إلى احترافيين في كل مجال علمي وعملي من المجالات الضرورية في تكوين الدولة. أما الإمكانيات فهي متفرقة ومختلفة بين جميع شعوب المشرق العربي، ولذلك فإن تقديم الوسائل القصوى يفترض بالضرورة استغلال إمكانيات المشرق العربي بشكل موحد ومنظم. وبما أن الحالة العامة في المشرق العربي هي حالة كارثية وحالة حرب مختلفة الوجوه (عسكرية وسياسية واقتصادية)، فإنني أدعو أن تكون خططنا في مجال التعليم خطط حربية. أي استغلال أرخص وأقل الإمكانيات لتحقيق أهم وأكثر أهدافنا جوهرية. والوسائل الرئيسي للتعليم بالنسبة لأي دولة وأي شعب هي تعليم اللغة باعتبارها أداة التواصل أولا، وكيفية التفكير العلمي والمنطقي باعتباره جوهر العلم ثانيا، وتوسيع الرؤية الجمالية والفنية باعتبارها جزء من تهذيب الإنسان ثالثا، والوصول إلى معايير متوسطة وعالية دوليا رابعا. إن هذه الأهداف الأربعة هي عقيدة نظام التعليم الذي أطرحه بالنسبة للمدى القريب (ثلاث أجيال على الأقل). وهنا يجب مراعاة الانتماء القطري (الشعب) والقومي (الأمة العربية) والإقليمي (تركيا وإيران) والثقافي (العربي الإسلامي) والعالمي-الإنساني (اللغات الأجنبية، التاريخ، الجغرافية) في تحديد استراتيجيات نظام التعليم. أما الوسائل فهي كالتالي:

* توحيد مناهج التعليم مع استثناءات طفيفة بخصوص الجغرافيا والتاريخ القطري

* العمل على إصلاح مناهج التعليم عن طريق:

- جعل اللغة العربية الفصحى لغة التعليم شفهيا وكتابيا

- إعادة تأهيل كل العاملين في القطاع التعليمي (والمؤسساتي مع مرور الزمن) للتحدث باللغة العربية الفصحى

- تعليم الطالب الكتابة والكلام (الخطابة) في جميع المواد النظرية

- جعل التفكير المنطقي والإبداع الحر هدف التعليم في المراحل الأولى

- تأخير تعليم اللغات الأجنبية حتى صفوف متأخرة نسبيا (السابع)

- الاكتفاء بلغة إجبارية واحدة هي الإنكليزية تبدأ بالمرحلة الإعدادية

- إدخال اللغتين التركية والفارسية كلغات اختيارية في المرحلة الثانوية

- تعليم اللغات الأجنبية بأسلوب المعاهد الخاصة، عن طريق تقسيم اللغة إلى مراحل معيارية وتقديم امتحانات الطلبة بالتعاقد مع معاهد عالمية للتحصل على شهادات معترف عليها في فحص التاسع والباكلوريا لمستوى b1  b2

- الاهتمام بمادتي الفنون والموسيقى والعمل على تأهيل الطلاب على حسب قدرات كل مدرسة بشكل خاص، وربط هذه النشاطات بالتعاونيات الاجتماعية (أندية شعبية)

- النظافة (حملات تنظيف)

- توزيع النسبة الأكبر من الطلاب على المدارس المهنية بعد انتهاء المرحلة الثانوية أو المرحلة الإعدادية

* تأمين معاهد مهنية في مختلف المجالات وتوزيعها بما يتناسب مع المراكز الصناعية والزراعية وبالأخص البلدات وليس مراكز المدن (نظام المواصلات!)

* إجبار الشركات الخاصة على توظيف نسبة من المتدربين (20%) أو دفع ضرائب إضافية

* فتح مكتبات عامة ومراكز أنشطة رياضية على حسب إمكانيات البلديات مع اعتماد نظام اشتراك شهري وسنوي

* توزيع الجامعات والكليات على مراكز المدن والبلدات الثقافية وليس اعتمادا على الحجم

* استبدال أسماء الجامعات بأسماء متعلقة بمضمون الجامعة والثقافة (جامعة تشرين!)

* تخطيط توزيع الكليات الجامعات على مستوى المشرق العربي وليس على مستوى الأقطار:

- الإبقاء على الجامعات القطرية الحالية

- العمل على افتتاح جامعة مشتركة بين دول المشرق العربي

- حث الجامعات الخاصة على فتح فروع في دول المشرق العربي الأخرى

- مراعاة الإمكانية المادية والبنية التحتية لكل قطر

- العمل على تبادل نسبة لا تقل عن 20 % من الطلاب في مراحل الجامعة

- العمل على تبادل نسبة لا تقل عن 50% من طلاب المراحل العليا

- تأمين عروض خاصة بالطلاب متعلقة بأنشطة رياضية وفنية وسياحية على مستوى المشرق العربي

* التخطيط لتبادل الطلاب مع إيران وتركيا

* العمل على حث تركيا وإيران على تعليم اللغة العربية في المرحلة الثانوية والجامعية

* حث إيران وتركيا على فتح معاهد تقنية في دول الهلال

* فتح مراكز ترجمة مشتركة بين بين إيران وتركيا والمشرق العربي

* التخطيط لتبادل واستقبال الطلاب العرب

* تأسيس معاهد موسيقية مشتركة بين العرب والإيرانيين والأتراك

* تأسيس معاهد موسيقية خاصة وربطها بالأندية الشعبية والاجتهادات الفردية

* تأسيس مركز معلومات مشترك وجعله مفتوح بالنسبة للطلاب

* تأسيس مراكز ترجمة متخصصة في ترجمة الموسوعات العلمية الكبرى بمختلف فروعها

* العمل على قاموس عربي مشترك بأحجام واختصاصات مختلفة مع مراعاة تطوير اللغة العربية

* تأسيس دوريات رياضية في المشرق العربي وتسليمها لشركات خاصة لتديرها

* تأسيس معهد عالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها مع تقديم شهادات بمعايير عالمية لمختلف المستويات

* افتتاح والحث على افتتاح مدارس تعليم لغة عربية في دول المهجر

* افتتاح والحث على افتتاح أندية ثقافية في دول المهجر

***

بيان محمد اليوسف - سويسرا

في المثقف اليوم