دراسات وبحوث

فارس حامد عبد الكريم: مدى شرعية وقانونية الاستحواذ على المال الذي لا مالك له؟

يكثر الحديث عن فتاوى تتعلق بملكية المال الذي لا مالك له فما مصدر هذه الفتاوى في الشريعة والقانون؟ وماهو رأي السيد السيستاني دام ظله الشريف  حول الموضوع؟.

ابتداءاً ان أحكام ملكية المال الذي لامالك له موجودة حتى في القوانين الغربية والشرقية جمعاء ومتعارف عليه منذ قديم الزمان وموجود كذلك في كل  القوانين العربية وقبل كل ذلك في الشريعة الإسلامية الغراء  التي اعتبرت المال الذي لا مالك له حلال لمن يجده أولاً ويتملكه ملكية تامة حسب الأصل.

قيد: مالم ينص الشرع او الدستور او القانون على خلاف ذلك.

وكان المقصود من ذلك ابتداءاً الحق في:

*  احياء الأرض الموات:

إحياء الأرض الموات  (اي التي لامالك لها) في الشريعة الإسلامية، هو استصلاح الأراضي الموات البعيدة عن العامر وجعلها صالحة للزراعة، وحكمها لمن أحياها . لحديث النبي ﷺ: «مَن أحيا أرضًا ميتة، فهي له»، وقوله ﷺ: «مَن عمَّر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق بها»، وقد اتَّفق الفقهاء على أن الأرض التي لم يملكها أحد، ولم يوجد فيها أثرُ عمارة وانتفاع تُملك بالإحياء.

* قطف الثمار البرية التي تنتجها الطبيعة.

* السمك في الانهار والبحار

* صيد الطيور والحيوانات البرية

* الكمأ في الصحاري

* الشرب والسقي من الانهار والجداول

* آبار المياه في الأراضي غير الملوكة.

* الرمل والحصى

وهذه يتملكها كل إنسان يجدها قانوناً وشرعاً ما لم ينص على خلافه بنص صريح لأن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بتقيد هذا الأصل.

لان ملكية الدولة لهذه الأشياء  من قبيل الملكية السياسية لا من قبيل المال الخاص.

مع ملاحظة أن بعض الدول تمنح إجازات للصيد مثلاً  ولايعني ذلك ملكية المجاز لما يوجد في النهر او البحر من اسماك وانما هي رخصة تنظيمية لمنع المنافسة غير المشروعة في الصيد التجاري، وليس له ان يحتج على الصيادين الهواة ويطالب بمنعهم من الصيد في المنطقة محل إجازته، ولكن له ان يطلب منع الصيد التجاري .

* اما ملكية النفط والمعادن الطبيعية الموجودة في باطن الارض فتختلف حسب دستور كل دولة:

في الغرب فإن من وجد بئراً  نفطياً او معادن في ارضه فهي له ملكية خاصة يستثمرها بأي وجه يراه مناسباً ويدفع الضرائب عن مدخولاتها كأي مواطن عادي.

ومن اكتشف بئراً نفطياً له الحق والأولوية في استغلاله بعقد مع دفع الضرائب.

* اما في الدول الاشتراكية او الدول التي تدعي الاشتراكية فقد نصت في دساتيرها على إن الثروات الطبيعية ملك الشعب كل الشعب بغض النظر عن مكان تواجده. فنفط البصرة حسب الدستور العراقي هو ملك كل عراقي، ومن ثم لايعتبر مالاً لا مالك له.

بالنظر إلى نص الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة 111 منه، على انه: (النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات).

فاذا وجد بئر نفطي او منجم ذهب في ارضك تستولي عليه الدولة وتعطيك ثمن الارض فقط حسب سعر السوق.

* بعض الدول الإسلامية تعتبر الثروات الطبيعية ملك للعائلة المالكة ..

القانون المدني العراقي

نصت المادة 1158 منه على انه:

(1 - من حاز منقولاً او عقاراً غير مسجل في دائرة التسجيل العقاري باعتباره ملكاً او حاز حقاً عينياً على منقول او حقاً عينياً غير مسجل على عقار واستمرت حيازته دون انقطاع خمس عشرة سنة فلا تسمع عليه عند الانكار دعوى الملك او دعوى الحق العيني من احد ليس بذي

عذر شرعي. 2 - واذا وقعت الحيازة على عقار او حق عيني عقاري، وكان غير مسجل في دائرة التسجيل العقاري، واقترنت الحيازة بحسن النية واستندت في الوقت ذاته الى سبب صحيح فان المدة تمنع من سماع الدعوى تكون خمس سنوات، ولا يشترط توافر حسن النية، الا وقت تلقي الحق.

3 - والسبب الصحيح هو سند او حادث يثبت حيازة العقار بإحدى الوسائل التالية:

أ - الاستيلاء على الاراضي الموات.

ب- انتقال الملك بالارث والوصية.

ج - الهبة.

د - البيع او الفراغ).

وجاء في حكم محكمة النقض المصرية

(إن الأراضى غير المزروعة التى ذكرتها المادة 57 من التقنين المدنى القديم المقابلة للمادة 874 من القانون المدنى الحالى هى كل أرض غير مزروعة لا تكون مملوكة لأحد من الأفراد ولا تدخل فى الأموال العامة ولا فى أموال الدولة الخاصة، فهى الأراضى الموات التى لا مالك لها، كالأراضى المتروكة والصحارى والجبال، أى أنها الأراضى التى لا تدخل فى زمام المدن والقرى ولم تكن بمنزلة الأراضى الداخلة فى الزمام والتى تملكها الدولة ملكية خاصة، بل هى أرض مباحة يملكها من يستولى عليها ويعمرها، وقبل أن يستولى عليها أحد كانت مملوكة ملكية ضعيفة للدولة، وهى بهذا الوصف أقرب إلى السيادة منها إلى الملكية الحقيقية).

منشور في بوابة نقابة المحامين القضائية والقانونية - مصر

https://www.laweg.net/Default.aspx?action=DisplayNews&ID=5612

فتوى السيد السيستاني دام ظله الشريف

عن سؤال حول الموضوع

الجواب: ملكية المعادن للإمام (ع) وجواز استخراجها لكل مسلم مع دفع خمس المستخرج منها إنما هو حكم شرعي أوّلي ـ كجملة أخرى من الأحكام ومنها كون الأراضي الموات من الأنفال وجواز إحيائها لكل مسلم ـ ومعنى ذلك: أنه إنما يجوز العمل به وتطبيقه ما لم يصدر المنع الشرعي في مورده، وقد صدر المنع من سماحة السيد (دام ظله) من خلال الفتوى الواضحة التي جرى التأكيد عليها مراراً واشتهرت عن سماحته منذ بدء تصديه للمرجعية من (عدم الترخيص في مخالفة القوانين النافذة في البلد) فإن من المعلوم أن الدستور العراقي ينص على أن (النفط والغاز ملك لجميع الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات) وأن الحكومة العراقية هي التي تقوم بإدارة استخراجهما وتوزيع وارداتهما على العراقيين بشكل منصف.

وبذلك يتضح أولاً: إن النفط والغاز وغيرهما من الثروات الطبيعية الموجودة في العراق تختص بالعراقيين وليس لغيرهم التصرف في شيء منها.

وثانياً: أنه ليس لأي شخص التصرف في وارد النفط والغاز وغيرهما من أموال الدولة العراقية كالأراضي ونحوها على خلاف القوانين النافذة، ومن خالف فإنما يأكل حراماً ولا تحل له بدفع الخمس بل هو له ضامن.

***

فارس حامد عبد الكريم

في المثقف اليوم