تكريمات

المثقف في حوار مفتوح مع الاديبة وفاء عبد الرزاق (11)

wafaa_abdulrazaq2خاص بالمثقف:الحلقة الاخيرة من الحوار المفتوح مع الاديبة وفاء عبد الرزاق، لمناسبة تكريمها من قبل مؤسسة المثقف العربي، وفيها تجيب الكاتبة على اسئلة الاديب والصحفي: ابراهيم خليل ابراهيم، والشاعرة جوزية حلو، والاسئلة الختامية لصحيفة المثقف.

س146: إبراهيم خليل إبراهيم،أديب وصحفي / مصر: المبدعة وفاء عبد الرزاق .. زرت العديد من الدول فما هي شهادتك على الثقافة واهتمام الناس بالقراءة فى تلك الدول؟ وما هي شهادتك على الأدب والإبداع والمبدعين فى هذا العصر؟

ج146: في الدول الأوربية يختلف الوضع عنه في دولنا العربية.. فمثلا شهادتي عن باريس ولندن والسويد وهولندا وسويسرا وبراغ وألمانيا حيث عملت أمسيات شعرية في بعضها.. منذ أول وسيلة نقل سواء في الحافلة أو القطار تجد أغلب الركاب منهمكين في القراءة حتى حين خرجوهم من العمل متعبين لا يتعبون من الكتاب بل يجدون متعتهم بين سطوره.. وهذا يدل على قيمة الكتاب والتواصل مع المبدعين وحبهم للمعرفة...في السويد زرت متحف نوبل وشاهدت الاهتمام الكبير من الزوار من كل بقاع الدنيا وبصراحة تمنيت أن أجد اسمي بين الشخصيات ذات المشروع الثقافي والإنساني والعلمي.. وحلمت ..

* في زيارتي للمغرب لاحظت اهتمام الناس بالمبدع وتقييمهم بحيث يسهلون له أية عقبة .. في إحدى المشاركات بمهرجان جمعية الأوراش للشباب، المهرجان السابع في مدينة زرهون،،،ومهرجان جمعية البلسم للثقافة والتربية والفن في أبي جعيد، تأخرت في الوصول إلى مكان المهرجان لأسباب متوقعه وهو تأخير مواعيد الطائرات المغادرة طالما وجهتنا إلى المغرب لأنه حصل التأخير عدة مرات معي.. كان بانتظاري الشاعر إبراهيم قهوايجي والشاعر أحمد أعشبون فسرنا مسرعين من مطار مدينة الدار البيضاء إلى زرهون.. لابد من مواقف تفتيش حين الانتقال من مدينة إلى أخرى، لكن الشرطة بمجرد أن يكلمهم الأخ أعشبون بأننا شعراء عرب ووجهتنا مهرجان شعري يفتحون لنا الطريق:

- يا حي، ياحي الشعر والشعراء،، وكذلك في سيارات الأجرة .. من هنا أقيم هذا الشعب الرائع في أخلاقه وعلاقته مع الآخر ومن حب ابسط الناس وظيفة أستطيع أن أقيِّم الباقين.. في معارض الكتاب التي تصاحب المهرجانات تجد الكثير من الشباب يهتمون بالكتب ويسألون عن الكتـَّاب طالبين تواقيعهم وهذه ظاهرة مبشرة بالخير،، هناك شعب بالفطرة مثقف نتيجة إرثه الثقافي المتراكم والذي انعكس على الطباع والسلوك اليومي .. حين التقيت بمثقفيهم وجدت التواضع والكبر .. هاتان الصفتان جعلتاني أرتبط بأغلبهم صداقة وإخاء ومحبة وبقينا نتواصل حتى يومنا هذا...

* في زيارتي لسوريا الأمر مختلف لم أذهب إلى مهرجان بل بدعوة من جريدة الحبوبي التي يشرف عليها الشاعر العراقي عباس الموسوي وقتها وباهتمام من الكبير الشاعر مظفر النواب وحضوره الأمسية.. كانت أمسية مختلفة عن الأماسي العادية من كثرة الحضور ونوعيتهم، كما لاقت قصائدي الشعبية استحسان السوريين حيث كنت أتوقع صعوبة اللهجة الجنوبية عليهم ..سوريا مركز أكثر دور النشر،، وقتها كنت أبحث عن دار أطبع عندها كتبي ولم أجد المساومات التي تمر علينا هذه الأيام من دور النشر الأخرى..شعب محب للقراءة ومحب للمبدعين بعشق ويصادقهم بقوة

رغم بعض انطباعات من هنا وهنا لم ترق لي لكن التصرف الشخصي من أفراد لا يعني الجميع،، تلك التصرفات نجدها في كل دوائرنا وشوارعنا العربية،، وقد ذكرت انطباعي عن هذه السلوكيات في روايتي(أقصى الجنون الفراغ يهذي حيث تبدأ الرواية من تلك المحطة.. سورية،، أول انتقال للبطلة من أرضها العراق)..

* في البحرين،، البلد الكبير بمبدعيه وناسه الطيبين والأصيلين كانت لي دعوة من النادي الثقافي الأهلي.. بصراحة،، البحريني يخجلك في تعامله وكرمه وترحابه وحبه النابع من الصدق في دواخله.. بلد لم تسمع فيه إلا الطيب ولم تشم منه غير رائحة الطيب .. لم أستطع نسيان تلك الأمسية الضاجة بالحضور المثقف الراغب لمعرفة القادم بعشق للثقافة وحب لمعرفة المزيد..

التقيت بخيرة مثقفيه وما أكثرهم دون تحديد أسماء كي لا يغضب مني أخوتي في باقي العواصم الثقافية فهم كثر ومحبتهم أكثر مما يتوقعون..

لكن الشعب البحريني مثقف سلوكا وأخلاقا وعلما وثقافة....وكما ذكراهم ما تزال عامرة في روحي ذكرى تلك الأمسية مازالت موضع مقارنة لما يحدث من أماس في البحرين لنجاحها وفرحهم بي وفرحتي بهم...بحرين الطيب ذكرتني في مدينتي البصرة باقتراب اللهجة وطابع المنازل وملابس الأمهات وأغطية رؤوسهن ... بحرين بصرتي الثانية..

* في زيارتي للأردن مدينة إربد أقمت أمسية شعرية في رابطة الكتاب الأردنيين..الترحيب كما يقال من الباب إلى المحراب.. مثقفون بمنتهى الروعة والتقدير لضيوفهم،، إضافة إلى الكرم الأردني وقلوبهم المحبة بصدق..

* في الإمارات.. هذا الشعب الذي عشت معه ثلاثين سنة منذ أول لحظة دخلت أرضه وأنا في السادسة عشرة لم أشعر بالغربة فأهله أهلي وبيوتهم بيتي وناسهم ناسي، ما يوجعهم يوجعني وما يفرحني يفرحهم.. الثقافة فيهم في نفوسهم وسلوكهم إضافة إلى تطلعاتهم إلى كل ما هو جديد في الثقافة والتكنولوجيا وإقامة أكبر المهرجانات الثقافية العالمية والعربية ويستقطبونها من كل بيوت العلم والثقافة والمسرح والسينما.. وفي معارض الكتاب التي تقام على أراضيهم تجد حشدا كبيرا طيلة أيام المعرض وما يسرني فيه كثرة الشباب والشابات لذلك أصبحت الإمارات عاصمة للثقافة والفن والإبداع.. ليكمل الله عليهم مسيرتهم ويهنئ شعبه المثقف وغير المثقف..

* في زيارتي لمصر.. شاهدت شعبا حيويا بشكل مدهش الشوارع حية للصبح لا تنام،، الكلام بصوت عال أينما تمر بحيث أتوقعه لي حين أسير بينما المنادي ينادي شخصا في الطابق الثالث من العمارة،، صخب في كل شيء..لا أحب المدن الصاخبة لهذه الدرجة..لكني أحببت شعبها الطيب المتواضع وأدباء يقدمون الخدمة الثقافية دون أن تسألها منهم.. شرفاني الشاعران الدكتور حمدي شتا والشاعر الكبير شيخ شعراء مصر محمد الشهاوي في حضورهما أمسية تكريمي وأمسية نقاش روايتي في مكتبة أولاد علام.. وكرم الصديق الوفي دائم الوفاء أحمد طايل، وربيع مفتاح والغالية ميرفت واصف مدير عام الدعم الإعلامي بوزارة الثقافة التي تركت أثر الورد في روحي، ومحبة الأستاذ عبد المنعم تليمة في مكتبه بصحبة المبدع أحمد زرزور،، وسامي النجار .وهناء سيف الدين وسحر جابر.. صديقات ومبدعات وأصدقاء عشت وقتا ممتعا وصادقا معهم في كل لحظة لم يصبني أي شك في أحد أو أتوقع أي إساءة من أحد..كنت صادقة مع الجميع إلا بعض المفاجئات غير المتوقعة. بصراحة لم أجد الغرور أو التكبر لدى أي مبدع مصري..إلا نادرا وحين أخبر صديقا عن شخص ما تكبر يستغربون ويعيبون عليه ذلك قائلين : هذا ليس مصريا. وحضرتك أخ إبراهيم كنت ومازلت نعم الأخ والصديق...كثيرون أنتم لا تسعكم هذه المساحة ..

والثقافة في مصر أكبر من أن أبدي رأيا فيها..

أخيرا مهما اختلفت الطباع والثقافات تبقى الكلمة تربطنا جميعا لأن وجهها الوحيد لا يختلف عليه اثنان.

أما شهادتي عن مبدعي العصر فصعب إيجازها هنا لأنه علي الالتزام بتناول كل بلد ومبدعيه وهذا صعب إيجازه.. لكني أقول أن لهم علاقة بالصفات التي ذكرتها عن البلدان فالأرض الثرية تثري ناسها وبالثراء يقدم المبدعون فنهم من الصغار حتى الكبار... لكن هناك فارق كبير بين بلد وآخر بطريقة الاهتمام بمبدعيه ومد العون لهم وتقديم كل الفرص المتاحة لوصولهم لهدفهم الثقافي الذي بدوره يثري البلد ذاتها ثقافيا وإنسانا وحضورا عالميا وعربيا.

س148: جوزيه حلو: شاعرة لبنانية / فرنسا: "ما هو الإبداع الأدبي اللبناني بنظرك بشكل عام والنسائي بشكل خاص ؟"

(في المطلق وفي الواقع وعلى الساحة الأدبية العربية)

ج148: الإبداع الأدبي اللبناني سيدتي غني عن التعريف بمدارسه ورواده .. فنحن تتلمذنا على مدارس لبنان الشعرية ابتداء من عصر النهضة وتتبعنا تجاربهم لما أرسته من مفاهيم حول تطور القصيدة حتى يومنا هذا..وكنت ومازلت معجبة بجبران رغم الفارق الزمني أشعر انه خُلق لكل العصور..ومثله أنسي الحاج،جورج جرداغ،شوقي أبي شقرا، يوسف الخال، سعيد عقل،، خليل حاوي وغيرهم مما لا تسع المساحة لذكرهم جميعا .

الشعر والأدب بصورة عامة يملك عافيته في لبنان لأنها تعطي الحرية بحيث يصبح المبدع حرا مع نفسه والحرية سر نجاحه في الكتابة.. بينما في أغلب الدول العربية تنقصنا الحرية كي نقول كلمتنا..

تخيلي صديقتي لو قررنا طباعة رواية أو ديوان شعر يتحدث بجرأة تأتي لبنان في بالنا قبل أي مكان....حتى حرية الصحافة والمطبوعات مرتهنة بما يملكونه في لبنان من صدق والصدق يأتي من حرية الفكر والقلم.. لبنان تشبعت فيها الثقافات العربية ومثلها في مصر والعراق..لكن مع فارق الحرية، في مصر مُنع من الأسواق والمكتبات كتاب (ألف ليلية وليلة) تخيلي أين رجعنا وفي أي زمن نعيش.. في العراق وأغلب الدول العربية يتحسس المبدع رقبته قبل أن ينشر قصيدته..

الشاعرات في لبنان جزء من هذا الواقع الحر فيكتبن الوجع الجميل والحزن الهادئ ثم يكتبن أنوثتهن أو حسهن الأنثوي بأحلام بريئة ليس فيها المحرم أو الخائف من قادم مجهول ..

شكرتني أختي عن نزع القناع في الرد على أسئلة أخي الغالي مسحن العوني .. وأنا أشكر أخي محسن فقد ضرب في العمق والصميم وأعطاني فرصة كي أتحدث عن الأقنعة وما أكثرها في زمننا الصعب وما أسهل ممارستها في الحياة..ستصدر روايتي السماء تعود إلى أهلها قريبا من فرنسا وإن شاء الله تصل إليك لتتعرفي على كشف المستور فيها وبحرية مطلقة حتى باختيار المفردة.. وقد لامني بعضهم في جلسة نقدية في مكتبة أولاد علام في القاهرة لاستخدامي كلمات تمس الجسد لكنهم لا يتعاملون مع النص واللغة التي تحدثت عنها على لسان غانيتين.. ترى بأية لغة سيكون كلام المومس وكيف؟ هذه الحرية في العالم العربي يخافونها ويهابونها رغم دواخلهم تبحث عن ذلك .. بنفس اللحظة تكلمنا عن موضوع منع كتاب (ألف ليلة وليلة) رفضهم الرفض وتقبلهم لغة ألف ليلة وليلة الممتلئة بالجنس شيء عادي،، لكنهم لم يستسيغوا كلام غانيتين في روايتي.. هذا التناقض ضعيف في لبنان أو غير موجود..لذلك سأعيد طبعها ثانية في لبنان لتنتشر وربما يقال عنها الكثير حسب ذائقة القارئ وحريته مع نفسه.

ذكرت كل الأشياء التي لها علاقة مباشرة مع الجمال وتسألين ما حاجتكِ إلى ذلك؟

أنا أبحث عن الجمال المطلق أو البياض وكتبت كثيرا عن البياض ولي مشروع في خصوصه وقلت من يريد أن ينضم إلى مشروعي يتصل بي لنخرج إلى العالم بشيء جميل مختلف لا يمسه الرصاص والإبعاد والتهجير ولا يمسه القبح بأي أشكاله ...عالم ناصع منه ننطلق لنزيح ستائر كست قلوبنا وحياتنا بالسواد،، لا أقول الكمال لكني أحلم به وأتمنى أن يقف مبدعون ومبدعات معي لسماع صوت البياض وتخيل لونه..

رغم الإخفاقات مازلت مصرة على تحقيقه..

شكري الجزيل لحضرتك وأتمنى ممن يقرأ ويرغب في الانضمام لما ذكرته يراسلني .

س148: المثقف: كيف تلقت العائلة الكريمة نبأ افتتاح ملف تكريم الأديبة المتألقة وفاء؟ هل ثمة مشاهدات تذكرينها؟

ج 148: القمر الذي نشتاق إليه نحن أصحاب القلم ونرتجي منه أن يخترق جدراننا ليخرج معنا إلى كل الساحات والشوارع معلنين عن حب حقيقي.

مبادرة المثقف في تكريم المبدعين هي هذا القمر المُنتَظر، خاصة ونحن نعيش عالم الأقنعة والوجوه التي تخفي خلفها أشكالا مرعبة.

أول من فرح بهذا الخبر هو زوجي رفيق العمر على السراء والضراء وأصبح مدمنا للمثقف ومتابعا لما يكتبه الأخوة من إهداء ونقد ودراسة.

ولسِعة ثقافته كان يدرك جيدا من قدم نقدا استوفى المادة المطروحة ويشيد  بجهود أغلبهم.. وبهذا الحس أيضا أدركَ مدى انفعال بعضهم وتفاعلهم مع النصوص وخاصة ديوان (من مذكرات طفل الحرب) وله وجهة نظر تجاه هذا العمل:- هذا عمل عالمي وإنساني ويستحق فعلا الكتابة عنه بكثافة كما فعل أخوتي مشكورين... أما أولادي الثلاثة الذين تعودوا على سماع كل جديد من أعمالي كان ردهم الآتي:

- نشكر المثقف من قلوبنا لكن يا ماما أنت تستحقين الكثير والنقد مقصر في حقك منذ زمن.. فأجيبهم:- ليس النقد،، بل كتبي لا تصل إلى الجميع وأغلبها صدر في لبنان والأردن ومصر والعيب في دور النشر التي ترمي كتبنا على الطرقات وباعة الصحف غير مدركة قيمة ما عرضته على الأرصفة...

حاولت ابنتي الصغرى الكتابة ببعض ما تجود عليه أحاسيسها بطريقتها الخاصة.. فهي تلحن أشعاري.. تختار بعضها حسب ما تجده ملائما للتلحين،، أهدت لي لوحة رسمتها وكتبت عليها أشعاري القريبة من روحها كما قدمت أغنية بصوتها الشجي تعبيرا عن فرحتها.

(أغنية الغالية)

يل غالية يل غالية بغداد ها يل غالية

رايد أشوف بيوتـ? وسطوح أمِّي العالية  

يل غالية.

بغداد غنِّي بمنجلي

بغداد لا لتـْهوني

لأفديـ? بالعمر المضى

وعمر البـ?ـى بس كـُوني

غصبن على عيون التعب

أحْوي لحبايبنا رطب

أمِّي بهوا? تكحِّلتْ

بيـ? وصفت متغالية

....

بغداد يا بعد الولد

بغداد أمِّي وكل هلي

ميلي على كتافي حِمل

ميلي عـَـلَي واتدلِّـِّلي

بغداد يا حبَّابة

ندهي أبوي وبابه

وإبني يجي بـ?فـَّه حِلِم

يملي الجرار الخالية

  يل غالية.

أما ابنتي" نهار" الطبيبة في السويد..عبر الهاتف كنت أسمع خفق قلبها والفرحة تملأ أنفاسها: - أمي هذا التكريم لكل الأسرة واشكر مبادرة المثقف،، كما أني أخبرت زملائي الأطباء، لي أم تفتخر فيها الأسرة كلها.

في جلساتنا وسهراتنا الأسرية كثيرا ما اقرأ أشعاري ومرات حسب طلب زوجي ويرافقني ابني "خالد" في العزف على عوده الرخيم وتكون أجمل أمسية مختصرة الجمهور..يعزف ارتجالا متأثرا بما أقرأ...يعطي كل مفردة حقها من العزف لأنه يعيشها. وبعد الانتهاء يقبلني على رأسي وأحتضنه ثم يحتضننا زوجي فرحا بما تحتويه أسرته من إبداع ويقول:

- (هاي شـ?د آنه محظوظ وما أدري بنفسي) نقلتها إليكم بصوته ولهجته العراقية لتصبح ذات وقع جميل مثل وقعها في نفوسنا.

س: 149: المثقف:كيف وجدت الأديبة وفاء عبد الرزاق ملف التكريم في المثقف؟ وكيف كانت حفاوة الأصدقاء من السيدات والسادة، كتاب وقراء؟؟

ج149: أحسب أن كتابتي عن إحساسي في التكريم ستكون ناقصة إذا لا يشرفني أخوتي في المثقف وخارج موقع المثقف.. وبصراحة استجابوا متفضلين علي وفرحين جدا ويبدو اجتمعوا كلهم على كلمة واحدة (أنتِ تستحقين هذا وأكثر) منهم قالها لي مباشرة كأصدقاء ومنهم من ذكرها في نقده وتفاعله مع النقود والدراسات ومنهم من تابع بشغف.. رحلة ملف التكريم كانت رحلة باتجاه الأوطان.. وقفت عند الكتابات حرفا حرفا، فوجدت فيها الصدق الحقيقي وليس الصدق المستعار..

كلماتهم حفرت في روحي وفي أرض أعمالي بأنواعها، وسأملأ جيوب القادم من أعمالي التي مازالت طفلة أو فكرة،، أو مَن في طريقها إلى اكتمال صباها..

القادم يردد:- كانت لنا حكاية تكريم،،كانت لنا حمامة،، الآن لنا سماء...

ولتسمح لي صحيفة المثقف أن أهدي الأحبة كلهم بعضا من ود على طريقتي وأتمنى أن أترك لهم أثرا كما تركوا أثرا في روحي وأرض إبداعي...

** المحاورون ( المثقف،،نوال الغانم،،سلام كاظم فرج،،ذكاء عبد العزيز،،حمودي الكناني،،سنية عبد عون،،فائز الحداد،،د عبلة الفاري،،ولاء كاظم،،صادق العلي،،شاكر الغزي،،محمد يوسف،، محمد علي محيي الدين،،فاتن الجابري،،وداد فرحان،، د محسن العوني، جوزية حلو،،إبراهيم خليل إبراهيم).

** إهداء لوحات (نوال الغانم،، د مصدق الحبيب،، خالدة نيسان، ابنتي ليالي).

** شهادات حية (مظفر النواب،،عذاب الركابي،،د حسين أبو سعود،،محمد الرفرافي، خالد شويش القطان، طلال معروف، ملاذ اسماعيل،عبد الرحمن الوادي،،علي ريسان،، هاني نديم، صادق العلي،، فاطمة العراقية،،إبراهيم خليل إبراهيم،،نهى حسن،،يوسف إسماعيل شغري،، عبد السلام العطاري،،فاطمة محمود،،برهان شاوي،، د محمد ياسر شرف،،عدنان الدوسري،،أحمد طايل،،رؤى بازركان،، فاطمة بو هراكة،،يسري راغب شراب،،كاظم السيد علي،،فائقة النعيمي،،مشتاق الدليمي،،راهبة الخميسي، هاني نديم).

** نصوص مهداة (رياض عبد الواحد،، يحيى السماوي،، نوال الغانم،، يوسف إسماعيل شغري،،د ماجدة غضبان،،رانية مرجية،، د محسن العوني،،،ريما زينه،،، هيثم اللحياني،،شاكر الغزي،، صادق الطائي،،حميد الحريزي،،كريم الثوري،،فهد عنتر الدوخي،،محمود مغربي،،سعدي عبد الكريم،،هيام قبلان،،بن يونس ماجن،،د مراد الصوادقي،،فائز الحداد،،ذياب شاهين،،، خالدة نيسانـ،،،سلام كاظم فرج،،،،عبد الستار نوري،سعد الحجي،،سعود الأسدي،،بلقيس الملمحم،،سردار محمد سعيد،حامد كعيد الجبوري،،، نديم فارس،،،،جوسيان دو جازو بيرجيه).

** دراسات ونقود(د عبد السلام فزازي،،،د عبد الرضا علي،د مسلك ميمون،،عدنان الفضلي، د سعد العتباي،،، ذياب شاهين،،،د رسول محمد رسول،،د كاظم عباس القريشي،، د نادر محمد عبد الخالق،،يوسف إسماعيل شغري، د محمد العبيدي،،جبار سهم السوداني،،د منذر بشير الشفرة،، كاظم غيلان،،،فوزي الديماسي،،، د غالب الشابندر،،عبد الستار نوري،،حامد كعيد الجبوري،، د رمضان الحضري،،،صالح الطائي،،،صبيحة شبر،،محمد صالح الغريسي،،،د حاتم عبد الهادي السيد،،عبد الكريم حسن مراد،، محمد علي محيي الدين،،وجدان عبد العزيز،،قاسم الماضي،،أحمد كاظم نصيف،،عباس الحسيني،،سعد مطر عبود،،جلال التميمي،، د حسين أبو سعود،،جوتيار تمر،،جبار عودة الخطاط،،، د ثائر العذاري،، ربيع مفتاح، توفيق الشيخ حسن،،كريم ناجي،،د حسين سرمك،،د غنام محمد خضر،، د فيصل غازي محمد التميمي،، عمر الكوز).

إلى الاستاذ ماجد الغرباوي وكل هؤلاء الأحبة ومن قرأ بحب وتابع ونشر خبر التكريم في أية زاوية وموقع:

- سقف الحب أنتم وداره وجدره وأرضه..أنَّى توجهتُ ستكون عيونكم البوصلة والأمكنة..

يقولون إن الشاعر نبي.. (مدخلٌ إلى الضوء..و.. أدخل جسدي أدخلكم) .. مخطوطتان تنبأتا بضوئكم واستشفتا المدخلين....

س: 150: المثقف: هل من كلمة أخيرة؟

ج150: هي ليست كلمة أخيرة لأن البدء لا يعرف الانتهاء..

لكن لي أمنية أعرف أن تحقيقها صعب كباقي الأمنيات التي انزوت خجلا من طوفان أسئلتها..تمنيت أن يحتفي المثقف وكل كتابه وكاتباته،، وهذه الصفوة التي كتبت بصيغة الإنسان،، أن نلتقي في حفل بعد انتهاء التكريم مع المكرَّمين سابقا ونطلب من الليل أن يطول كي تشرق عليه شمسنا. ويرتدي ثوبنا..ساعتها،، سأهتف ملء فمي : - الصادقون لا يكتبون إلا بشعاع الشموس...

وأخيرا أرجو من الجميع أن يتقبل هذا النص كهدية..

(خطيئة ُالحلـُم )

أحلمُ

أحلمُ... أحلمُ..... أحياناً أحلم.

وكثيراً أسمع:

أسمعُ سكونَ العشب، يختبئ في جيب الوردة،، يوشوشُها وينظر إلي:

- أغمضْ عينكَ وتخيـَّل باقي الألوان ..

أتوجـَّهُ، لا أعرف إلى أين، فأنــَّا توجـَّهتُ أسمع:

- لا تنسَ عين الأرنب ... وتخيـَّلْ ذئباً وحشيـِّا يسجد.

أخرجُ من عين الحـلم،،، تتجسدُ أقنعة مَن حولي،، تصيرُ الألوانُ قناعاً والعالـَمُ دكــَّانا لزمن قادم، في العتمة يبيعُ ما يـُستَورَد .

أغمضُ عن قشر الواقع، أتصفـَّحُ أوراقي لعلـِّي أجدُ في طيـَّات الضوء الممكن مَن يسألْ:

- هل يبكي الأطفالُ بعد الآن ؟

الدنيا قناعٌ ولــُعـَبٌ. .. لكن لا شيء غير الواقع يعششُ في سقف الغرفة.

تـُدهشني بعض الأحيان الشَّمسُ، وغروبٌ مجنون الشَعر.. شَعرٌ أسوَدُ يغازلني .. لمَ لا يغازلني إلاّ الأسوَد؟

أخرجُ من نفسي وسجن النفس، أسندُ مرآتي على عكـَّاز الوجه،،، تشاركـُني ذاتي،، أشعرُ،، أشعرُ ببريق اللـَّحظة يغمرُني . من حقِ الإنسان بحقوقِ الإنسان أن يشعر.

هل أشعرُ، ألمسُ، أحلـمِ؟

حاشى لله، عفوكَ ربـِّي من كفر الحلـُمِ وزندقةِ بريق اللـَّحظة.

إبليسُ الحلم، يرمون عليه حجر معاصيهم ويطوفون حول الحجر الأسوَد، سبحانك ربـِّي لماذا يتبعني هذا اللـَّون ؟

  

أمزجُ فعلين معاً، ماض، حاضر، أكحـِّلُ عينَ المستقبل، أتوسل الصورة ولطفَ الصورة..... لو فكـَّرتُ مجرَّد فكرة، بتلاوة سورة آمالي حين أعدُّ القهوة ... تتوتــَّرُ سكاكين المطبخ، تـُنبـِّهُ أمَّ السَّاطور وأبا السَّاطور.. وتُأمرُ المثقـابَ وابنَ المثقابِ وجدّه:

- كونوا عند العهد وصونوا العهدَ.

- خذوا الحذرَ، كل الحذر ممـَّن يحلم.

أشعرُ بالوخز وأبر الوخز تخترقُ عينَ مسافاتي وعيني، حصن الدار، غرفة نومي، تفتح دفاتر ابني تعلـِّمه كيف يكون المستثنى .

من جلجامش حتى حفيدتنا الصغرى والكذب يغزو كوكبنا . 

ما أشجعهم.. من فعل الوخز صنعوا ساطورَ المطبخ. 

لا بأسَ.." لكم ساطوركم وليَ التـِّين "

النجمُ يطلعُ حتـَّى في الصحراء، سأدخلُ مخدعه وأحلم.

أحلمُ بالأجراس وقرع الجرس ويد تمتدُّ بجرأتها .. تعرفُ بين سجينٍ متــَّهم ٍبالصوت،،و ساطور المختار علاقة... علاقة ملح بالجُرح..... أوجاعٌ من ثـُقبِ السَّقف،،حشراتٌ تزحف،، تـُهشمُّ رأساً بالرأس وضلعا بالضلع باسم البغل الأكبر.. الثقبُ،، الحشرة،ُ، البغلُ،، علاقتهم جداً سريـِّة ....

....... هل أحلمُ هنا أمْ أكفر؟

أمرتُ الحلمَ أن يزرّر صدرَ الأشياء ويسترَها،، أن يأخذ لون َالنـَّهر،،أن يتمسَّك بالقلب، أن،، أن،، أن،، أن،،،حتـَّى باتَ يئنّ هذا الملعون وعينه على جرسٍ يتدلـَّى من رقبة كلب .

أمرتـُهُ،، لكنـَّه لم ينلْ حتـَّى جرسَ الكلب.

سألني ظـلــِّي ويحكَ:

- أتحلمُ وقت الـظـٌّهر ؟

في الـظـٌّهر، تبدو الأشياءُ غريبة، والأجراسُ لا تـُنصفُ ساعة قلبك.

قلتُ وقد طالت أذني من كثر الإصغاء :

- هذه أوَّلُ مرَّة .. أحلمُ وأقبضُ بيدي مشاهدَ ثلاثة،،أدعو عليها بقصم الظـّهْر.

أوَّلُ مشهد.. حمارٌ في مكتبه يروي عن التزوير،، وفنِّ التزوير ويشيرُ:

- تناولوا دواءَ الوصفة... و صفة ُهزّ الذيل علاجٌ للسلِّ .

-  أنهقوا قبلَ الأكل وبعدَ الأكل،، قبلَ النوم ووقتَ الصبح.

ثاني مشهد.. صغيرٌ يتوسـَّـلُ أكبرَ حارس.""".همممممممم"".

حارسُنا في نوبة ِ تهذيبٍ، يلقـِّنٌ أهمّ دروس الجغرافية لطفلٍ في داخله طفله يحلم:

- (مكانكَ اثبتْ،، لا تتحرك،، يميناً دُر،، يساراً دُر،انبطح، انبطح انبطح) وافهم.. قد يحدث حملٌ للرجل،، نعم سيحدث.

وفي مشهدنا الثالث... مئة ُمفتاح للذهب،، لا لا أكثر،، عَشرةُ آلاف فوق الألف،، أقسمُ أكثر.. أبيضُ، أسوَدُ، أحمرُ،، نفطيِّ اللون،، بعد المليون بمليون.و.................. حملها سائقُ وزير مفاتيح الدنيا لثالث زوجة.

سيدتي.. هديـَّتـُكِ العظمى سيدتي،، مفاتيحُكِ تصلح للوطن وللشعب .

احمرّت غضبا و " أشارت للسَّوط":

- لا لا،،،لا أرغب بالاثنين.

-  أريدُ وطناً يرمي سُرَّة شعبه للحوت ويصير وجهاً ضدّ الوجه.

- أو اخترْ شعباً نـدفنه حياً، كي نكتبَ أسطورته ونعلن :

- (مـَن يمشي على أربع هو الأنقى) .

ويحكِ سيـَّدة القصر،، شريان كلماتي، ومائي بساط الماء،

إنـِّي أتقاسمُ خبزي، يتنفـَّس مني الحقلُ، فأنا......

...... أنا..

أنا أصلُ الأشجار من جسدي ينهضُ شعبي يحلم بالنسرين، والنسرين بحضنه يحلم.

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

في المثقف اليوم