ترجمات أدبية

سيرغي يسينين: بلادُ المَسرّةِ، ذاتُ اللون السّماويّ

قصائد مترجمة للشاعر الروسي الكبير

سيرغي يسينين

Сергей Есенин

ترجمة: إسماعيل مكارم

***

بلادُ المَسرّة، ذاتُ اللون السّماويّ

«Голубая да веселая страна…»

لقد ضحيتُ بشرفي لأجلِ الأغنية.

أيتها الرّيحُ البحرية، ليكن هبوبُكِ خفيفا −

ألا تسمعين كيف البلبلُ يخاطبُ الوردَة؟

**

ألا تسمعينَ، ها هي الوردة تتمايلُ وتنحني –

سَيكون لهذه الأغنية صدى في القلبِ.

أيتها الريح البحرية، ليكن هبوبُكِ خفيفا −

ألا تسمعين كيف البلبلُ يخاطِبُ الوردَة؟

**

أنت − طفلة ٌ، لا أحد يجادلُ في ذلك،

وأنا ... ألستُ أنا شاعرا؟

أيتها الريحُ البحرية، ليكن هبوبُكِ خفيفا –

ألا تسمعين كيف البلبلُ يخاطبُ الوردَة؟

**

أيتها الغالية ُ هيلا، سامِحيني.

كثيرة هي الورود التي نصادفها على الدرب،

كثيرة هي الورود التي تتمايلُ وتنحني،

وردة وٌاحدة فقط، هي التي تبتسم ويتملكها الوَجْدُ.

**

دَعينا نبتسمْ معا، أنتِ وأنا .

لأجل ديارنا الغالية الجَميلة.

أيتها الريح البحرية، ليكن هبوبُكِ خفيفا –

ألا تسمعين كيف البُلبلُ يخاطِبُ الوردةَ؟

**

بلادُ المَسرَة، ذات اللون السَّماويِّ.

نعم قدمتُ حياتي كلها لأجل الأغنيةِ،

ولكن لأجل هيلا، في ظلال تلك الأغصان

ها هو البلبلُ يعانِقُ الوَردَة.

ربيع 1925

***

هذا اللونُ الأزرقُ السّاحرُ

«Несказанное, синее, нежное…»

هذا اللونُ الأزرقُ الساحرُ...

ها هو موطني هادئ بعد تلك الرّعود، والعواصف،

وروحي حقلٌ واسعُ المدى،

يتنفسُ عَبقَ العَسَل ِ والورود.

**

لقد خمدتْ جمرتي، اشتغلت الأعوام شغلها،

وما قد حدثَ وانقضى لن أطالبَ بعودته،

سَهمُ العمر مرَّ كعربة خيل روسية جامحة

جابتِ بلادَنا كلها

**

عرفتِ الأنحاءُ كلها عَجاجَ خيلهم وضجيجَ السّنابكِ

ثم غابوا كأنَ ذلك حدثَ بإشارةٍ من الشيطان.

اليومَ هنا في ديرالغابة هذا

يُسمَعُ حتى كيفَ تسقط الوريقة الصّغيرة.

**

أصوتُ الجُلجُل هذا؟ أم هو الصّدى البعيدُ؟

كل هذا يملأ الصّدرَ بهدوء.

قفي أيتها الروح، لقد عَبرنا وإياك

ذلك الدّربَ الهائجَ، وما قد قدّرَ لنا

**

سندرسُ بتأمل ما قد رأيناه..

ما حَدثَ، وما جَرى في البلادِ،

سوف نسامحُ من أهاننا بمرارة

بذنب آخرين أو بذنبٍ مننا.

**

أتقبّلُ كلّ الذي كانَ وما لم يكن،

ولكن مع الأسف، أن يحصلَ هذا في العام الثلاثين –

كانتْ طلباتي في سنّ الشباب قليلة،

إذ حَشرتُ نفسي في دخان الحانة.

**

لا عَجَبَ بذلك فشجيرَة البلوط، التي لم تثمر بعد

تنحني كما العشبة في الحَقلِ...

آه إنها مرحلة الشباب، إنه الشبابُ المُتحَمّسُ،

الشبابُ الذهَبيُّ، النزقُ.

1925

***

هذا البيتُ المُتواضِعُ

Низкий дом с голубыми ставнями

يا بيتنا المتواضع بتلك الدرف بلونها السّماويِّ،

لن أنساكَ أبدا .. لن أنساكْ، −

ليس من زمن بعيد

انقضت فيك تلك الأعوامُ في مرحلةِ العتمة.

**

حتى يومنا هذا أرى في المنام

حقلنا، والمروجَ، والغاباتِ،

حيث قد غطاها ذلك الدّمورُ الأغبرُ

من سماواتِنا الشّمالية الفقيرة.

**

لا أتقنُ لغة التعجّبِ

ولكن لم أرغبْ أن أضيعَ في الأبعاد النائية،

غير أنّي ربما أحتفظ في صدري دائما

بتلك الرّقةِ الحزينة للروح الرّوسيةِ.

**

كم أحببتُ طيورَ الغرنوق الغبراء

وأصواتها الفريدةَ في تلك الأبعاد القاحلة،

إذ أنها لم تجدْ في تلك الحقول الواسعةِ

حباتِ القمح، التي تغنيها من جوع.

**

رأت فقط أزهار شجرةِ البتولا،

وأشجارَ الصفصاف المعوجّةَ العارية،

ووصل إلى مسامِعِها صَفيرُ

قطاع الطرقِ القاتِلَ، المُخيفْ.

**

حاولتُ أن لا أحبّ،

ولكن لم أجدْ إلى ذلك سَبيلا،

تحت هذا لغطاء السَّماويّ من الدّمور البَسيط

غالٍ عليَّ كثيرا هذا النّواحُ.

**

لذا مثلما الأيام تمُرُّ

هذه الأعوامُ غيرُ الفتية...

يا بيتنا المتواضع بتلك الدّرف بلونِها السّماويِّ،

لن أنساكَ أبداً.. لن أنساكْ.

1924

***

على متكأ الشباك زهور

«Цветы на подоконнике…»

الزهور على متكأ الشباكِ،

زهورٌ.. زهورْ

تعزفُ على هارمونيكا

هل تسمعين، أنتِ، هل تسمعين؟

تعزف على هارمونيكا

وماذا في ذلك؟

تعجبني شامتان

على الجبين الجميل

آه كم أنت ناعمة..

قاسٍ أنا..

أقبّلُ بخشونة

اللّونَ الأحْمرَ على شفتيكِ

لماذا تتملصين منّي أيتها الصبية اللعوبُ؟

تريثي..لا تهربي ..

قفي أيتها الرّوح التعبة،

اِنسي.. اِنسي..

**

كم هي غبية

كما غيرها.. ومثل تلكَ.

لذلك تبقى سنيغوروتشكا (1)

من دنيا الأحلام.

1924

***

........................

هوامش ومصادر:

1) سنيغوروتشكا في الأسطورة الروسية هي حفيدة الشيخ موروز، وهما معا يقدمان الهدايا للأطفال عند قدوم رأس السنة الجديدة، صورتها دوما جميلة بل رائعة.

2) ملاحظة: تم ابقاء عناوين القصائد بالروسية لتسهيل عمل الباحث .

1.Сергей Есенин. Собрание сочинений в двух томах Том 1. Москва. Советская Россия.1991 г.

2.Сергей Есенин. Собрание сочинений в двух томах Том 2. Москва. Советская Россия. 1990 г.

في نصوص اليوم