أقلام حرة

صادق السامرائي: النفس المخذولة!!

ومن جهلت نفسه قدره

رأى غيره منه ما لا يرى

الأمة قوية وفيها طاقات حضارية لا تنضب، والعلة في أجيالها المصروعة بالخذلان، والمقتولة بالضلال والبهتان.

فالخذل النفسي من أخطر العاهات التي تعيق وجود الأمم والشعوب وتمنعها من التقدم إلى أمام، وتدفع بها إلى ميادين الضياع والخسران.

أمة العرب علمية الطباع ومعرفية إبتكارية تنويرية إشراقية، أبحرت في فضاءات الإدراك العلوية، ووضعت الأسس الراسخة للإنطلاقات الحضارية في ربوع الإنسانية.

ليس هذا إدعاء وتقولا، إنها الطاقة الحضارية الكامنة فيها، والتي أخرجت إلى النور البشرية القابعة في ظلماتها الدامسة بين القرن الثامن والثالث عشر، عندما إستلهمت الإرادة العربية وتشربت بأنوارها، تحررت  من قيود الإستلاب العقائدي والتعطيل العقلي، فتفاعلت عقول أجيالها مع  التحديات فأوجدت مرتكزات إبتكارية، وتطلعات إبداعية مطلقة، فكان الحاضر المعاصر كما نراه، وسيكون المستقبل أبعد مما نرى ونتخيل، لأن العقول صارت تتفاعل في الذرى.

الخذل النفسي الفاعل في مسيرة الأمة منذ القرن التاسع عشر بتراكماته السلبية الإنكسارية النكبوية، أسهم في تدحرجهاإلى وديان الضياع والهلاك الشديد.

فتجدنا أمام أمة فيها معظم طاقة الأرض وقدراتها الإقتصادية وممراتها المائية، وقد تدثرت بالتبعية والخنوع والإعتماد على الغير في مأكلها ومشربها، وما تحتاجه مما يساهم في الحياة الطيبة.

بل أنها من شدة خذلانها النفسي تحولت إلى عدوة شرسة لذاتها وموضوعها فراحت تقاتل بعضها، وتستنزف ما عندها من عوامل القوة، للنيل من الآخر الفاعل في وجودها والمهيمن على مسيرتها، والمستحوذ على ثرواتها والمتحكم بقراراتها ومصيرها.

ولكي تتحرر الأمة من الخذل النفسي، على نخبها أن تتمسك بما هو إيجابي، والذين يكتبون إنشاءً نفسيا أن يتقوا ربهم  ويسلطوا الأضواء على الكتابات الإيجابية، ويجاهروا بعلم النفس الإيجابي ويبتعدوا عما هو سلبي، ومشارك بتعزيز الخذل النفسي.

والنفس كالطفل إن تهمله شب على.. حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم"!!

"والنفس راغبة إذا رغبتها...وإذا ترد إلى قليل تقنع"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم