أقلام ثقافية

إيناس صادق حمودي: الوجود العربي الاسلامي في الاندلس

شغف الناس منذ القدم وحتى يومنا هذا بتاريخ وجود العرب في الاندلس، ووجدوا في قراءته والاستماع الى احاديثه لذة روحانية عجيبة لا يجدونها في سواها، ولعل من اسباب هذا الشغف انهم يقرأون فيه قصة رائعة للبشرية تتقلب فيها احداث الزمان، ويداول الدهر فيها بين شطرين، فهو تارة صفاء لا يشوبه كدر وقوة ونعيم وسلطان وملك كبير وتارة اخرى هم وخذلان وبلاء .

ان قصة الاندلس عجيبة حقا فيها من احاديث البطولة والاقدام ما يعجب له العجب، فيها جرأة طارق واقدام عبد الرحمن الداخل وعزيمة الناصر وعبقرية المنصور، وفيها امثلة رائعة للصبر حين البأس والتمسك بالعقيدة، ومن جانب اخر تصور لنا الاحقاد والرذائل والصراع بين الحياة والموت بين ملوك المسلمين من جانب وبين الفصائل والقبائل من جانب اخر.

(الاندلس هو الاسم الذي أطلقه المسلمون على شبه جزيرة أيبيريا عام 711م. بعد أن دخلها المسلمون بقيادة طارق بن زياد وضمّوها للخلافة الأموية واستمر وجود المسلمين فيها حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492 .)

في عهد الدرنات بين عامى (92 - 93 هـ) في الخلافة الأموية وفي عام 711 م أرسل موسى بن نصير القائد الشاب طارق بن زياد من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب يوم 30 أبريل 711، عبر المضيق الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الانتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم لذريق في معركة جواداليتي في 19 يوليو 711.. واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. وأسس الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. فقد كانت الاندلس في العصور الوسطى شعلة النور ومنار الهداية، وكانت جامعاتها بقرطبة واشبيلية وغرناطة ملتقى لطلاب العلم من الشرق والغرب، وكان فيها للادب والشعر والفنون عامة منزلة لم تكد تصل اليها امة واذا تحدثنا عن فنون العمارة والهندسة لطال بنا الكلام.

استمر الوجود العربي في الاندلس قرابة ثمانمئة عام، وعانوا الكثير من الفتن التي ادت الى سقوط الاندلس وسقوطها لم يكن سوى سقوط النجم المتلالئ الامع وانهيار الجبل الراسخ، وان دولة في الارض لم تشيع بعبرات العيون وحسرات القلوب كما شيعت  الاندلس، ولم يبك الملوك على ملك طواه الزمان كما بكوا على ملك الاندلس، ولم يقف المؤرخون وهم يدنون بحسرة خاتمة امة كما وقفوا على قبر الاندلس.

 

م.م. إيناس صادق حمودي

جامعة بغداد/كلية اللغات/قسم اللغة الاسبانية

 

في المثقف اليوم