أقلام ثقافية

شمس الدين العوني: في سياق تجربة الفنانة التشكيلية والباحثة صابرة بن فرج

سير جمالي بين الفن والبحث والابداع والابتكار تقصدا لقول ما في الذات فنيا وجماليا.. ذات ترى في الفن مجالا طافحا بالكثير من رغباتها والحلم..هذا الحلم الذي هو بمثابة أرضها الملونة والمزدحمة بالرؤى..و الأفكار..

قدمت عملا فنيا مميزا جماليا وأسلوبيا ضمن فعاليات الدورة الثالثة لأيام قرطاج للفن المعاصر ..

الفن بما هو عالم بأسره حيث الذات الفنانة في حوارها المخصوص تجاه الذات والآخرين والعالم في ضروب من التقصد والتشوف والحلم أمام عالم بتبدلاته القديمة والحديثة اذ تبرز العناصر والأشياء كينابيع لتوليد الرؤى والأفكار وما به تسعد الذات وهي في جوهر اشتغالاتها الانسانية والوجدانية والجمالية بكثير من حرقة النظر والسؤال ...و القلق المبين.

انها لعبة الفن الدالة الى الدواخل وهي تزخر بالرغبات الجامحة حبا في القول والافصاح وفق تعبيرية تنحت من ظاهر التفاصيل حوارا ملونا بممكنات الفن من تلوين ورسم مثلما تملي علينا هذه التجربة التي نحن بصددها والقائلة بالابداع الفني في رصد الأحوال على هيئاتها الشتى حيث الفكرة وتقاطعات التعاطي معها لينتهي الأمر الى ما يشبه سحرا سرديا ديدن الذات المنتجة له الذهاب بعيدا في دروب الفن وبخصوصية وتفرد هما العنوان المشتغل ضمنه والمبحوث عنه ليصار الى حلم مفتوح...

هكذا هي الممارسة الفنية التي نظرت الى بعد من أبعادها وفي زاوية من زواياها المتعددة فنانة عملت من سنوات وضمن شغفها الفني المأخوذ بالرغبة في الابتكار والبحث الدائم ليصير العمل الفني عبارة الذات .. ذات الفنانة وهي في عنفوان اشتغالها على بهائها التشكيلي المتقصد والموزع على أعمالها الفنية المنجزة من سنوات فضلا عن الغوص في بحار البحث الأكاديمي لأجل منجز يفصح عن خصائصه وبضفتين مهمتين عموما في مجالات الفنون التشكيلية...2031 صابرة

ولع فني وذهاب ضمن الآفاق الجمالية تجاه الطفلة حيث المسافات الملونة بين الذكرى و الاستعادة والحلم في كون يمضي من الذات ليعود اليها في تجواله مع الآخرين.. حلم مزركش وفضاء ملون بما فوق واقع النظر وهو ما ترنو اليه منجزة اللوحات متعددة أحوال الفتاة في ضرب من الارغام على القراءة واعادتها والنزر ومداومته بتعدد الأسئلة عن الفكرة والأسلوب وتفاصيل العمل ..الموضوع..التيمة.

.. وهكذا هي اللعبة الفنية الجمالية عند الفنانة التشكيلية والباحثة صابرة بن فرج التي تقدم عملها الفني في سياق رؤية تعمل عليها بعيدا عن الاعتباطية والعفوية فاللوحة لها كونها الجمالي والتعبيري في سياقاته المتخيرة من قبل منجزتها التي ترنو الى الاضافة ضمن عملها الفني الدؤوب حلما بتجربة ثرية ومؤثرة في مسارات الفن التونسي المعاصر، وكذلك في المشهدية التشكيلية الوطنية والعربية .

الفنانة والباحثة صابرة بن فرج كانت لها مشاركات فنية وثقافية في عدد من الفعاليات ذات الشأن الفني الجمالي فضلا عن معارضها الفردية ومشاركاتها في المعارض الجماعية الى جانب المساهمات العلمية والنقدية في الندوات الأكاديمية كما كانت لها مشاركة متميزة لفتت اليها أنظار الفنانين والنقاد وجمهور الفن التشكيلي وطلبة الفنون الجميلة في فعاليات المعرض الدولي الذي نظم في إطار أيام قرطاج للفن المعاصر في دورتها الثالثة خلال شهر ماي الفارط بعد استمرارها لخمسة أيام بمشاركات واسعة تونسية وعربية ودولية ضمت عددا مهما من الفنانين وأصحاب الأروقة الخاصة التونسية والعربية والعارضين ضمنها بالمناسبة.و من خلال قراءة لعملها المشاركة به وهو "حوار" من خلال وسائط مختلطة على قماش، والحجم: 120 * 75 سم نلمس في تعاطي الفنانة صابرة معه فنيا وجماليا جدية فائقة فهو عمل فني تميز بأسلوبه ومضامينه ضمن حيز من الاشتغال الفني تخيرته صابرة وعملت عليه حيث الفن لديها عناصر جمال وابتكار ورسائل وجدانية وإنسانية متعددة ضمن عنوان الفن كحالة إبداع وإمتاع....هذه المشاركة النوعية للفنانة صابرة تمت بحضورها ضمن قرطاج الثالثة للفن المعاصر في إشراف لوزارة الشؤون الثقافية وبعيدا عن هذا العمل الفني المميز تعددت أعمال الفنانة والباحثة بن فرج . هذا وتواصل الفنانة التشكيلية تجربتها ضمن العمل والنشاط، حيث مشاركاتها المتعددة في المعارض، فضلا عن الفعاليات الثقافية والجمالية...و ضمن التعاطي والرأي الفني بخصوص تجربة الفنانة صابرة " ... لاحظت لأول مرة موضوع الطفولة. فكانت مجموعة من اللوحات التي تم إنتاجها باستخدام “تقنية مختلطة” وذلك بين عامي 2014 و2017. حيث نرى أن هناك فتاة صغيرة وغالبًا من الخلف وأحيانًا في أوضاع أخرى ويصعب التعرف عليها، إن لم نكن نعرفها على الإطلاق ومظهرها ونموذجها. الثابت الآخر لهذه السلسلة هو الخلفية المتنوعة التي تظهر عليها الزخارف المرسومة   وربما أيضًا "منقولة" مثل الملصقات، وهذه الزخارف قادرة على أن تكون "واقعية" إلى حد ما فيما يتعلق بالتقليد المحاكى لإعادة إنتاج المرئي. . لقد قلت "خلفية" ولكنها في الواقع عبارة عن تشابك يسمح فيه الورق الشفاف بشكل أو بآخر بظهور هذه التفاصيل ويمكن للمرء أن يقول إن كل شيء "مقلوب" بدلاً من استحضار "الطرس"- عنوان معرضي الفردي الأول في عام 2017. ومع ذلك، لا يمكن رفض هذه الفكرة بشكل كامل لأنه إذا كان الأمر يتعلق بالفعل باستحضار الطفولة، فهناك بالضرورة عملية استكشاف من خلال الطبقات المختلفة من ذاكرتها، مما يعيد في بعض الأحيان تعبيرات طفولية وأحيانًا الصور، وأحيانًا الرسوم التوضيحية مثل تلك الموجودة في بعض الموسوعات، أو حتى جوانب أخرى من البيئة التي عاشت فيها...ثم تتبادر إلى ذهني عدة إشارات: الحلم الذي تظهر لنا فيه الذكريات مرتبطة بشكل مختلف بتركيبات غالبًا ما تكون غامضة؛ بعد ذلك، من هذه الإشارة الأولى وهذه المرة إلى مجال الفن، تظهر السريالية نفسها لأن إحدى أساليبها كانت على وجه التحديد الارتباط الحر، الذي اقترحه سيغموند فرويد في البداية لتعزيز ظهور الذكريات المؤلمة المحتملة. لكن في الممارسات الفنية، تأخذ هذه الارتباطات منحى أكثر عمومية ولا ترتبط بالضرورة بأحداث غير مرغوب فيها. باختصار، إن جزءًا من تاريخنا المشترك هو ما نجده في هذه السلسلة من اللوحات التي تستحضر العصور الأولى لوجودنا...". تجربة مفتوحة على عوالم هي آفاق العمل الفني للفنانة صابرة التي عانقت منذ ولادتها بحر روسبينا نظرا وامتلاء لتنهل من تفاصيل المهدية حيث الاقامة ولاحقا مشكلة فكرتها الفنية التي قادتها الى حضورها البارز بحثا وفنا ومشاركات متعددة فهي حاليا أستاذة مساعدة متعاقدة بالمعهد العالي للفنون والحرف بالمهدية بعد سنوات من التدريس لمادة التربية التشكيلية بالمدارس الاعدادية كما كانت لها أنشطة بعدد من النوادي والتربصات على غرار نادي الفن التشكيلي، إختصاص رسم زيتي بدار الثقافة إبن شرف بقصور الساف والتربص في ورشة الحفر في إطار ملتقى الإبداع الفني والحرفي بالمكنين و. تربص في ورشة صناعة الأقنعة بالمهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالمنستير في دورته السادسة عشر وصولا الى القيام بتربص بحث علمي بجامعة باريس 1 (بتيون سوربون) / institut  سنة2018  مع تجربة التنشيط في ورشة الفنون التشكيلية بالمركز الثقافي والرياضي الجامعي يحي بن عمر بسوسة والمشاركة في ورشة الرسم الزيتي المنظمة من طرف المندوبية الجهوية للثقافة بأريانة بمناسبة اليوم العالمي للزيتونة وكانت لها مواكبات علمية منها مواكبة محاضرة تكوينية مقدّمة من طرف الأستاذ "Bernard Darras"  تحت عنوان: "Formation polytechnique et pedagogie de projet en Master métiers du multimedia interactif" المنظمة في إطار الندوة الدولية "تدريس الفنّ والتصميم والوسائط".و بخصوص معارضها فقد كانت بين الفردية والجماعية ومنها

المعرض الفردي بعنوان: "طرس/ Palimpseste" سنة 2019برواق دار الثقافة ابن شرف بقصور الساف. والمعرض الجماعي في إطار الملتقى الأول للفنانين التشكيليين بالمهدية سنة 2014 والمعرض الجماعي حول التراث المنظم في إطار المهرجان الدولي لفلم التراث بسوسة برواق المتحف الأثري والمشاركة في المعرض الجماعي "الواصلة" المنظم من طرف إتحاد الفنانين التشكيليين بالمركز الثقافي محمد معروف بسوسةسنة 2019 و المشاركة في المعرض الدولي الجماعي "الدّولِي يُنْجَزْ" المنظم في إطار أيام قرطاج للفن المعاصر بمدينة الثقافة تونس والمشاركة في المعرض الدولي الجماعي "ثلاث نقاط بعد النقطة" المنظم من طرف الرابطة التونسية للفنون التشكيلية بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون خلال سنة 2020 والمشاركة في المعرض الجماعي "بدايات" برواق المكتبة الوطنية بتونس و المشاركة في "صالون الحمامات الأول للفن الراهن" برواق المدينة للفنون المنظم من طرف الجمعية التونسية للفنون البصرية والمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس  وفي العروض القياسية قدمت سنة 2016 عرضا قياسيا بعنوان"الكلام عليك والمعنى على جارك" في إطار الأيام الدراسية والتطبيقية للمسرح والفنون المرئية بالعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة..و بخصوص مشاركاتها العلمية فانها عديدة ومنها المشاركة بمداخلة علمية تحت عنوان: "الطرس: طمس وترميم للذاكرة الطفولية" في الندوة الوطنية "عفوية الطفل وعقلنة الفنان" المنظمة من طرف "جمعية إبن رشد للفكر والإبداع" وذلك في إطار مهرجان علي بن سالم للفن التشكيلي بالقلعة الكبرى سنة 2018 ...و المشاركة بمداخلة علمية تحت عنوان: "التكنولوجيا الحديثة في الفنّ التشكيلي العربي وإشكالية التلقي" بالندوة الوطنية "الفن المعاصر بين المضمون والتقنيات" المنظّمة من طرف الرابطة التونسية للفنون التشكيلية سنة 2018 والمشاركة بمداخلة علمية تحت عنوان: "المحسوس المُعزز وخصوصية التواصل في تجربة "سينوكوزم" الرقمية" بالندوة الدولية "أي محسوس في الفنون؟" المنظّمة من طرف الجمعية التونسية للجماليات والإنشائية "ATEP" والمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالكاف، جامعة تونس، جامعة جندوبة وجامعة باريس8 سنة 2021  ولها اسهامات من خلال مقالات علمية منها صدور مقال لها بعنوان "الحياة المعاصرة: من خلال قراءة لأسلوب التبسيط في أعمال الفنان التشكيلي التونسي وسام العابد" في مجلة "فنون" التونسية الصادرة عن وزارة الشؤون الثقافية سنة 2019 وصدور مقالها بعنوان "منزلة العمل الفني والمشاهد من خلال قراءة في تجربة الفنان البصري وسام العابد" في مجلة "التشكيلي" المغربية وهي مجلة دورية تهتم بالفنون الجميلة الصادرة عن مدارات للثقافة والفنون خلال سنة 2022...و لها بحوث جامعية منشورة منها بحث جامعي منشور في صيغة كتاب بعنوان "الصورة الفيديوغرافية والحميمي المصغّر: تقليص واحتواء" عن دار نور للنشر. ومن مشاركاتها في الملتقيات الثقافية نذكر مثلا المشاركة في ملتقى الشعراء الطلبة بالمركز الجامعي للتنشيط الثقافي والرياضي برقادة القيروان والمشاركة في ملتقى المبدعات العربيات بجنان بومرداس...و هي حاصلة على عدة جوائز منها الجائزة الأولى في إطار المشاركة في المسابقة الجهوية للفن التشكيلي بين المدارس الإعدادية والجائزة الثانية في إطار المشاركة في مسابقة الرسم المنظمة من طرف جمعية البحث والمعلومة حول السرطان للمركز التونسي وذلك تحت شعار "le cancer vu par l’artiste".كما أنها شاركت في تنشيط البرنامج الثقافي والفني المواكب لمعرض تونس الدّولي للكتاب سنة 2017 وفي الأمسية الفنية الثقافية ليالي رمضان 2017 بنادي الكشافة بقصور الساف والإشراف على ورشة الرسم التوعوية والتحسيسية الموجهة للأطفال بالمدرسة الإبتدائية إبن خلدون والمشاركة في ورشة "الرسم الزيتي" المنظمة في إطار سمبوزيوم عيد البحر للفن التشكيلي بالمهدية واقتنت لها الدولة من خلال وزارة الشؤون الثقافية عددا من الأعمال الفنية في نتاسبات متفرقة منها لوحة بعنوان "تمثلات"، التقنية: ألوان زيتية على قماش، المقاييس: 80/60 صم، 2013، في المعرض الجماعي المنظم في إطار الملتقى الأول للفنانين التشكيليين بالمهدية ولوحة بعنوان"خربشات في الذاكرة"، تقنيات مزدوجة على قماش، المقاييس: 1.20/1.80 صم، 2014، في المعرض الجماعي "مقامات جمالية" ..

تجربة فنية ومسار مفتوح على البحث والحرص على الابداع والابتكار تقصدا لقول ما في الذات فنيا وجماليا..ما في ذات الفنانة صابرة بن فرج التي ترى في الفن مجالا طافحا بالكثير من رغباتها والحلم..هذا الحلم الذي هو بمثابة أرضها الملونة والمزدحمة بالرؤى.. والأفكار.

***

شمس الدين العوني

في المثقف اليوم