أقلام فكرية

علي محمد اليوسف: قضايا فلسفية حوار تحليلي

لغة العقل

العقل هو تعبير اللغة عن معنى الوجود وليس هناك وجود يدركه العقل صوريا تمثّليا لا تحضره وسيلة اللغة. ولا يوجد ادراك تصوّري عقلي لشيء يتم بلا  تعبّير اللغة عنه .

كي نفهم حقيقة العقل علينا التسليم بخاصيته الجوهرية التي هي ماهية التفكيرالمعرفي ولا يعقل العقل ما لا معنى له كما لا تستطيع اللغة التعبير عن شيء او موضوع لا يدركه العقل في معناه لغويا تفكيريا..

ان ندرك الشيء تفكيرا بلغة ابجدية صوتية ام بلغة صامتة فكلا التفكيرين هو ابجدية صورية تمثلية واحدة لغوية يحكمها الصوت ودلالة المعنى للمفردة والجملة..

كل موجود في الطبيعة والعالم الخارجي ما لم تحتوه اللغة الصورية ويتمثله العقل لا يدرك العقل معناه ولا يعيه. ادراكات الحواس هي احساسات لغوية مجردة ينقلها الذهن للعقل لذا تكون انطباعات حسيّة تعيها اللغة ماديا.

قلت بدءا العقل تفكير لغوي بينما ذهب سيلارز الامريكي قوله الوجود لغة واضيف انا العقل جوهر لغوي ولا معنى لوجود لاتعبّر عنه اللغة. العقل ماهيته التفكير اللغوي المجرد سواء اكان مصدر ادراكاته تكوينه البيولوجي (المخ) او سواء مرجعيته انه جوهر ماهيته تجريد مستقل في تعبيره اللغوي عن مدركاته الشيئية.

في نفس الوقت الذي قال به هيجل الوجود هو الله وهي فكرة معنى لهوية الله.. واجد ان هذه التعبيرات واحدة في التعبير عن مفهوم واحد متداخل غير منفصل.

أن العقل هو لغة معنى الوجود وليس هناك وجود يدركه العقل لا تحضره اللغة تصوّريا ولا يوجد ادراك عقلي لشيء لا تعبّر عنه اللغة.

الذات بين الدين والطبيعة واللغة

صحيح جدا ان الذات كخاصية انسانية يحتويها الديني ميتافيزيقيا, عندها تصبح الذات واقعا ماديا هامشيا في العمل المنتج الذي يمثل سلطة النفوذ المالي وملكية وسائل الانتاج. . لكن الاهم ان الذات تكتسب وعيها الطبيعي للاشياء سواء اكانت تحت وصاية الدين او تحت وصاية وتسلط راس المال ووسائل الانتاج.

الذات لا يمكنها الانفصال عن الحياة والوجود المجتمعي في اسوأ الظروف والمراحل. وفي هذه الخاصيّة تتجنب الذات السقوط في الاغتراب بمضمونه السلبي في فقدان الانسان جوهر وجوده الاندماجي ضمن مجتمع منتج للحياة. الاغتراب الانعزالي الايجابي هو وعي قصدي محسوب البداية ومحسوب الوصول الى نهاية وهو ميزة غالبية الفلاسفة والعلماء والمتميزين في كتابة الاجناس الادبية.

لا تحقق الذات موجوديتها في ارتباطها بالديني الذي يحتويها في علاقة دائمية وحسب. بل تحقق الذات وجودها الانطولوجي السلوكي بالمغايرة الوجودية مع غيرها من غير وحدة تشابه المجانسة النوعية بين الذات وموجودات الطبيعة. والا اصبحت الذات موجودة في كل شيء تكوينيا وليست وعيا تجريديا في فهم الحياة. ثنائية الذات مع الروح والزمن هي علاقة يجمعها ميتافيزيقا المطلق ويفصلهما فقدان الانسان لحياتة بالممات. ولا يوجد ماهو روحي خالد ولا ماهو زمني غير ازلي خالد بفناء الانسان.

كما هي الذات وجود متحقق بوعي العقل الا انها تفقد انطولوجيتها الحسية والادراكية في نهاية الانسان بالموت. مثلما لا يستطيع الانسان إثبات وجود الروح بالجسم قبل الممات فهو اعجز أكثر عندما يبحث عن مصير الروح التي غادرت الجسد بعد الممات.

الحداثة والعلمانية

في تفسيرنا العنوان يتوجب علينا توضيح العلاقة بينهما (الحداثة والعلمانية) هل هي علاقة جدلية ام علاقة معرفية تكاملية ام معرفة متوازية في توازي احدهما الاخر. العلمانية هي بداية الخروج من معطف الماقبل حداثي وبلغت اوجها في الحداثة ووصلت قمتها المتطرفة اكثر في ما بعد الحداثة..

العلمانية واقع معيش يكفل للانسان كرامته وتحفظ له كامل حقوقه بالحرية المسؤولة ديمقراطيا التي تقوم على جملة القوانين الوضعية التي ينتفع منها الانسان.

الاستقلال في التضاد الافتعالي مابين العلمانية والدين ليست علاقة نفي لاحدهما في بقاء الاخر. لكن بينهما ترابط ميتافيزيقا الدين, وتاريخية منهج العلمانية التي تسود هيمنته على كل ما يجتنب الديني الخوض في معتركه في انقياده للعقل المادي.ما يثبته العلم لا يخوض معتركه الدين.

الحداثة لا تقاطع الديني كمقدس ولا تسعفه بالتكامل المعرفي معه. لذا يكون الاسلم ان يحكمهما الاثنين نوعا من التوازي الاستراتيجي الذي يحفظ الاستقلالية لكليهما. من الخطا التفكير ان منجزات العلم ستترك الجوانب الروحية النفسية يقررها الاستفراد التدين الوضعي ويقرّه مستقلا به وحده..

اسبينوزا والالحاد

ورد في ويكيبيديا الموسوعة في دفاع هيجل عن الحاد اسبينوزا ما يلي" ان هوية الله مع الطبيعة تلغي فكرة الله. والاصح ان هذه الهوية تلغي الطبيعة. وبدلا من اتهام اسبينوزا بالالحاد ان لا يسمى بالالهية بل يسمى بالكونية او اللاطبيعية بحيث لا يكون للكون وجود في ذاته. لان كل ما يوجد انما يوجد في الله."

اجد في تعبير هيجل حول توضيح معنى مفهوم وحدة الوجود لدى اسبينوزا تحليلا دقيقا سليما في تفعيله العقل  معرفة دلالة هوية الخالق. ويذهب بعض الفلاسفة ان اسبينوزا له من الاعتقاد بالله ما يكفي او يزيد.

هيجل حينما استعار فكرة (هوية الله) المتجانسة مع الطبيعة على انها تلغي فكرة الطبيعة كانت فكرة صائبة تنظيرا لكنها خاطئة واقعيا. هذا لا يعني ان اسبينوزا لم يفهم الفرق بين هوية الله في الطبيعة التي هي مرتكز فلسفته بوحدة الوجود. وبين هوية الله الميتافيزيقية في مرجعية ما تقوله الكتب المقدسة والمعجزات الدينية..الطبيعة ادراك محدود غير كوني نهائي لا يجوز الاستدلال به في الغاء هوية الله الميتافيزيقية غير المحدودة لا بالصفات ولا باللامتناهي.

***

علي محمد اليوسف

في المثقف اليوم