أقلام حرة

الكتابة في عصر العولمة

على الاغلب اصحاب الاهتمامات الخاصة المتعلقة بتلك المطبوعات(ثقافية-سياسية-اجتماعية) والتي تكاد تكون محصورة بين المؤوسسات الرسمية والمدنية وبعض الجماعات والطبقات المثقفة ونخب اجتماعية معينة، حيث بدأت دور النشر تعاني من ازمة تسويق وتوزيع الكتب التي اصبحت طبيعة نشرها وطباعتها اكثر كلفة من السابق مع وجود الادوات ومواد واجهزة الطبع المتطورة، 

ان عصر الانترنت-النشر الالكتروني ينتشر ويتسع ليشمل كل بقاع الارض بصورة ميسرة ومفتوحة على الجميع، وتعتبر الوسيلة الارخص والانجح والاسرع في التواصل مع مختلف القضايا الدولية والاقليمية والمحلية لاي بلد، وهي ايضا وسيلة معرفية شاملة لاتختصر الاحداث ولاتعتبر او تعتمد منهاجا خاصا ولاتحدها اية حدود وقيود الا تلك التي تتعلق ببعض قيود الرقابة التي تفرضها بعض دول العالم الثالث،  بل هو عالم مفتوح على جميع المجالات دون استثناء

 

ان عولمة الكتابة او الكتابة في عصر العولمة تنقسم في مجمل عرضنا هذا الى قسمين اولهما مختص بنوعية الكتابة والاسلوب الذي يستوعب الافكار والقضايا المطروحة في محتوى وفحوى الكتاب المعد للنشر من خلال اختصار والضغط المدروس لحجم المطبوع ، من اجل مراعاة وقت القارئ ومستواه الفكري الذي تعود ان يستمع الى ادوات العولمة الحديثة التي نقلته الى عصر التمدن والتحضر(البث الاذاعي والتلفزيوني-النشر الالكتروني-الترجمة.الخ)، بالتالي الانسان في عالمنا وعصرنا الحالي لايحتاج ان نبدأ معه في طرح فكرة معينة الى ان نستعمل الالف-الى الياء لكي نقول قصدنا الذي يمكن ان يأتي من خلال معلومة رصينة ودقيقة وقصيرة،  لكنها مفهومة وتعادل صفحات عدة من كتابة عصر ماقبل العولمة، كذلك يجب ان لايعتمد على اسلوب السرد المطول واتباع اساليب اكثر فاعلية وعملية في ايصال الفكرة والمعلومة، صحيح ان بعض المجالات الثقافية تعتمد اصلا في بناءها الفني على تلك الاساليب السردية كالرواية مثلا ولكنها ايضا يجب ان تخضع الى عصرنة الفكر في الكتابة

 

اما القسم الاخر من هذه الاطروحة الثقافية هو من خلال الانفتاح الجديد الذي يجب ان يتبعه اي كاتب معين في طرق اي موضوع من المواضيع العامة التي يمكن ان تخدم اعادة البناء الثقافي الاجتماعي الصحيح،  الذي يعتمد على مناقشة وتحليل تجارب الاخرين الذين يمكن ان يكونوا قد سبقونا في مجالات متطورة عديدة، وهي ايضا محاولة جادة لاشراك المجتمعات والشعوب المغلقةاو المنغلقة التي بدأت تتسرب اليها الثقافات والعادات الغريبة عنها عبر بوابات عدة ، من خلال بث الافكار الهادفة التي يمكن لها ان تطور وتغير بنية بعض العقول الصعبة المتقاعسة عن النهوض من وحل التخلف والجهل الموروث، وتعمل على دمج تلك الخبرات العالمية في مجالات التطور الثقافي والاجتماعي وتحديثة وفق رؤيا عصرية ملتزمة بالثوابت الاخلاقية للمجتمعات التي تمتلك خصوصيات مقدسة كالشعوب المتدينة وبالاخص المسلمين، حيث كان الدين الاسلامي هو الدين الاشمل والاوسع فكرا وثقافة وقد ختم الديانات بالتسامح الديني الاجتماعي، فهو عبارة عن مجموعة منظومات اخلاقية انسانية عالمية تبحر في كل المجالات وتفتح  ابواب عدة  امام العقل للحوار والنقاش والاختلاف والتواصل والتعايش السلمي بين الاديان والشعوب والامم المختلفة، لذلك يمكن ان نستعمل تلك المفاهيم مع  الادوات والمواد الحديثة التي وفرتها للجميع تكنلوجيا المعلومات وعصر الاتصالات والمواصلات لكي تخرج الكتابة الجديدة بحلة الثقافة العصرية المتجددة ولكن بشكل اخر وبحجم اقل حتى لاتهجر تلك البوابة الثقافية الاصيلة من قبل الاجيال المتعولمة القادمة

مهدي الصافي

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1082  الخميس 18/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم