أقلام حرة

عقيل علي .. طائر الشعر الذي لايتوارى أبداً

بعد حياة متشظية تميزت بشظف العيش وبؤسه وبممارسة حالات من الرفض

والتمرد القصدي وربما العفوي علي السائد السيا ــ اجتماعي

 ولانغالي اذا قلنا ان عقيل علي كان شاعرا وانسانا اشكاليا وملتبساً في حياته وفي موته

 الذي قيل انه حدث بسبب رفض موظفي الإسعاف نقله إلي المستشفى

 تحت ذريعة انه كان سكراناً أو ذهبَ الظنُّ بأولئك الموظفين بأنه قد يكون إرهابيّاً؟

 تصوروا اية مأساة وأية كوميديا سوداء تحيط بالمثقف العراقي حتى وهو في لحظات احتضاره الاخيرة؟

 وعقيل علي الذي عاش حياة قصيرة نسبياً ــ 1949 ــ 2005

والتي امضي النزر الطويل منها

 يعمل خبازا في الناصرية وبغداد،

 كان قد انتج مجموعة من النصوص الشعرية الفذة

 والتي دعت صديقه الشاعر (كاظم جهاد) لجمعها واصدارها في مجموعتين شعريتين هما:

 جنائن آدم ــ وقد صدرت عن دار توبقال المغربية عام ــ 1990

 وطائر آخر يتواري وصدرت عن توبقال ايضاً عام ــ 1992

وقد قيل ان لديه اكثر من مخطوطة ومنها (جنرال بروفا)

 ــ التي تحدث هو بنفسه عنها للشاعر عبد العظيم فنجان عند لقائه به في مدينتهما ــ الناصرية ــ عام 1993

وقد قرأ له منها نصاً عنوانه (انحدرت نسوري) الذي قال عنه انه يمثل وداعه الاخير للشعر...

وكذلك لديه مخطوطة مجموعة اخري عنوانها (دم نيئ) او (فيما مضى)

 التي تحدث عنها للشاعر حسن النواب خلال لقاءاته الحميمة والنبيلة به

لقد تعرض الشاعر عقيل علي الى الكثير من الاساءات والطعنات والاتهامات ومنها التشكيك بشاعريته وكذلك انتحاله وسرقته لمنجز شاعر مجهول...ولكن ولأنه الزاهد بكل شئ كان يقابل كل ذلك بالصمت ــ صمت الواثق من ذهب وينابيع روحه وابداعها الخلاق الذي شهدنا شذرات منه ومن رسومه العجيبة خلال مبيتنا معه في غرفته الباردة في الفندق المجاور لمقهي ــ حسن عجمي ــ في سنوات العراق العجاف..

 وحتى نلقم المتقولين والمشككين بشاعرية عقيل علي حجرا يسد افواههم المتشدقة زورا وحقدا

 نقول وللتاريخ ان الرجل وعندما كان يلتقي بمن يثق بهم كان يتحدث بوعي عال عن جوهر الشعر وفهمه له

 وكان يمتلك طروحات ورؤى شعرية مهمة جدا وهي تشكل المهاد الاساسي لوعيه الشعري

 الذي كان يختزنه بلا ادعاء وبلا تشدّق كما يحلو للاخرين الظهور بمظهر العارفين والمتثاقفين

 وماهم من الشعرية والشاعرية بشئ....

 وتأكيدا لرأينا حول فهم عقيل علي الشعري نسوق مقتطفاً من شهادة شعرية مبكرة له... حيث قال:

 (لا أتعاطف مع الكثير مما يخرج هذه الأيام، ثمة محاولات عديدة تجري لتجعل الشعر عقيماً...

اكثر الشعر لدينا جسد زنخ بثياب نظيفة).

 ان الرحيل المأساوي لعقيل علي ونحن نستذكره ونحتفي بذكرى رحيله الموجعة

يدعونا لإعادة طرح جملة من التساؤلات التي نعتقدها جوهرية بخصوص هذا المبدع العراقي :

 هل كان عقيل علي ضحية نفسه بما اختاره من حياة متقشفة وعبثية عندما

أعلن "الحرب علي الضياع بالضياع"؟ كما قال احد الكتاب في رثاء عقيل؟

وهل حقاً إنه اختار "الفناء المطلق"؟ كما قال آخر؟

ام إنه "شهيد السياسة العراقية" كما قال ثالث ؟

 انها اسئلة نطرحها ونحن نشهد تساقط وصمت وموت العشرات

من المبدعين العراقيين في الداخل وفي المنافي والمغتربات

 دون ان نرى ايما اكتراث من المسؤولين والسياسيين العراقيين.

ولكننا لانعفي المتبقين من المثقفين العراقيين من طرح تساؤلات جديدة

 حول مصيرهم وحول مصير نتاجاتهم الابداعية التي

كانت ومازالت عرضة للاهمال والتغييب والضياع...فهل من مجيب؟؟؟

  

 

صحيفة المثقفwww.almothaqaf.com     العدد: 1054  الخميس 21/05/2009    (ارشيف الاعداد)

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي الصحيفة بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.

في المثقف اليوم