أقلام حرة

القادم .. أو ما يخشاه أعداء مصر / عبد الباقي قربوعه

وكذا مخزون تجارب النخب السابقة، فإما هو الآن يجدد، أو يطور، أو ربما يلغي نظرية ليرقى بأخرى حتى يستمر الإنتاج على جميع مناحيه الإنسانية، الإنسانية التي هي في تعطش متواصل للذة والجمال والفائدة.

إن اتساع رقعة الغوغائية تجر إلى نسيان الهدف، ونسيان الهدف يضعف من قوة الرغبة في الحياة، وضعف الرغبة في الحياة يعطل منابع الإبداع في عقل الفرد، ويتلف فيه مسالك الانفراج والمرور نحو الأسلم والأصلح فيما يحقق السعادة والطمأنينة للناس كافة.

الدولة المصرية لها السبق في صناعة الحياة، ولا لأحد الفضل في الإشارة إلى هذا الأمر، فالقرآن الكريم تكفل بإضاءة مصر الدولة قال تعالى: "قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ" (الزخرف51) وأكد مصر العمران العتيد قال تعالى: "وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوَّءا لقومكما بمصر بيوتاً" (يونس 87)، ورسم مصر العطاء والخيرات قال تعالى: "اهبطوا مصراً فإنَّ لكم مَّا سألتم" (البقرة 61)، وأسس مصر الطمأنينة والأمن قال تعالى:"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" (يوسف 99).

المصريون أكثر عراقة في الاعتماد على المعرفة الفطرية، والنموذج الأفضل في التعبير عنها بالمنجزات سواء العمرانية أو الفنية على مدى الحياة السابقة، ومما لا ريب فيه أن هذه القدرة الخلاقة لا تزال في لا وعي كل فرد مصري، كما أكد هذه الظاهرة الباحثون فيما يعرف بـ(اللحاء الجديد) من مجموعة أجزاء المخ، هذا الجزء المسؤول عن استقراء الماضي واستحضار الذكريات، وبالتالي توظيفهما في جميع مجالات راهن الحياة.

إن ما تشهده مصر الآن لا يتعدى حمى الجسد المنتفض من مرض عضال، والمشهد يعبر عن حالة صحية رغم ما يفرزه من شوائب على مستوى الحياة العامة، فالقادم أو ما يخشاه أعداء مصر ثورة أخرى على مستوى انفعالات الفرد الواحد، هذا ما تمليه بشكل حتمي المرحلة القادمة، ليبرهن المصري أنه مصري، المصرية التي تعنيها النصوص القرآنية السابقة، فوجود الإرادة سر أودعه الله في بقاء الأهرامات، والخبز سمك لعوب على سطح وادي النيل، ومن المؤكد أن زعماء مصر أدباءها وفنانيها لن ينقلبوا على الروح المصرية الزاخرة بالإبداع والعطاء، فلا تزال خطاباتهم ونصوصهم وأغانيهم في دماء المصريين.

 

عبد الباقي قربوعه/ روائي جزائري.

 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2016الثلاثاء 31 / 01 / 2012)

في المثقف اليوم