أقلام حرة

الشباطيون .. وسائل دنيئة لغايات شريرة/ حسن حاتم المذكور

 في 08 / شباط / 63 وعلى صدر بغداد ذبح المشروع العراقي لثورة الرابع عشر من تموز 58  .

أكثر من خمسة عقود، تواصل الزعيم عبد الكريم قاسم شهيداً خالداً في ضمائر العراقيين، واستمر 14 / تموز مشروعاً وطنياً في وجدان الخيرين، بينما انتهى القتلة فطائس على أرصفة تاريخ الخيانات .

في هذه الذكرى الأليمة اعتدنا ان نكتب شيئاً نجدد فيه الولاء لأهداف ثورة الرابع عشر من تموز ونخلد فيه ذكرى الزعيم، ظاهرة وطنية إنسانية قد لا تتكرر في التاريخ العراق، وقبل البدء قرأت مقالتين واحدة للكاتب الدكتور عبد الخالق حسين والآخرى للأستاذ حسن الخفاجي جعلاني اكتفي بهما  كوني لا أستطيع الإضافة ولا ارغب التكرار وكلاهما الأكفأ على مليء العيون عندما يكتبا عن الوجع العراقي .

هنا اتفق معهم تأكيدا لقناعتي، ان كانت ثورة 14 / تموز 58 والزعيم عبد الكريم قاسم يشكلا مشروعاً وطنياً يتحرك في شرايين الملايين من داخل المجتمع العراقي، فأن الانقلاب الدموي في08 شباط 63 كان مشروعاً طائفياً عرقياً يتحرك خيانة في شرايين الردة لطغم البعثيين والقوميين العنصريين وجميع المتطفلين على ضعف العراق ومعاناة العراقيين .

 إضافة لعقود الخيانات وبشاعات الحروب والحصارات و وحشية التنكيل، تلك التي تشكلت منها الهوية المخزية لجيل شباطيي ما قبل السقوط عام 2003، فجرائم التفخيخ والتفجير وزراعة اللاصقات والعبوات والأحزمة الناسفة الى جانب استيراد وتفخيخ البهائم الانتحارية وإعمال تخريبية كثيرة تعمم الخوف والرعب والفوضى في نفوس العراقيين، تلك الجرائم النوعية، تشكل الهوية التدميرية لشباطيي ما بعد 2003 .

مثلما اشرنا، ان ملائكة الخير والحق لثورة 14 / تموز 58 وقائدها الزعيم عبد الكريم، تتحرك مشروعاً عراقياً وطنياً داخل شرايين المجتمع العراقي، فشباطيي الشر والباطل للمشروع الطائفي العرقي، يتحرك خراباً داخل شرايين الشباطيين الجديد من ورثة انقلاب 08 / شباط / 63 الفاشي .

أنها مسيرة تناقضات وصراعات وصدامات مصيرية مضنية بين الخير ممثلاً في المشروع الوطني للتحرر والديمقراطية وإعادة الإصلاح والبناء، وبين الشر والباطل للمشروع الطائفي العرقي للغدر والخيانة .

الشباطيون الجدد، ومهما اختلفت وتلونت وسائلهم، تبقى غاياتهم كوارث دامية ترافق حاضر ومستقبل العراق، إن لم يتم اجتثاثها فكرياً وسياسياً وعقائدياً وتنظيمياً، تماماً كما فعلت بعض الدول التي عانت من نازييها وفاشييها وشمولية انظمتها كما يعانيه العراق اليوم من بعثييه وقومييه وعنصرييه .

مع جل تقديرنا واحترامنا ودعمنا لحقوق المتظاهرون وتأييدنا لمشروعية مطالبهم، غير ان الذي يحدث يثير الأسى والريبة، فذات الوسائل للغايات الدنيئة لانقلابيي 08 / شباط / 63 تتكرر الآن خبثاً وخديعة ونفاقاً تحت تصرف القوى السوداء داخلياً وخارجياً والتي نظمت ودعمت ما يسمى بحركة أو انتفاضة وثورة شباب 25 شباط، حيث لم تبق الوقائع والأحداث ثمـة شك حول مشبوهية ما يجري، فقط ما يحتاجه البعض حد مقبول من الانفتاح على الآخر وقدر من الموضوعية وتجنب التعامل بالمتحجر من القناعات والمواقف الجاهزة والتي تشكل أحيانا عقد وقيود تكبل البصيرة وتمنع تحرر الذات.

سؤال كبير لا زال موساً معلقاً في بلعوم الكثير من المخلصين  .

إي مشروع جرى ويجري الآن في شرايين اليسار العراقي قديمه وجديده ... ؟؟؟،  ورغم الدماء الزكية والأرواح الطاهرة التي قدمتها قواعده وكوادره دفاعاً عن المشروع العراقي للتحرر والديمقراطية وأمن ورفاهية الإنسان العراقي، فالمتاجرون بالتاريخ النضالي العريق، الذي صنعته قوافل من شهداءه، وكذلك المتطفلون على التضحيات الجسام لجماهيره، لازالت تتبضع المكاسب المجانية الطارئة وتتصيد في العكر من مياه الفرص التي يستهلكها ويستغني عنها الأخرون، وتتخذ من الهزائم والأنتكاسات وتفريخ الأزمات نهجاً ومأزقاً لا ترغب الخروج عنه على المدى المنظور .

الى يومنا هذا والحالة لا زالت مكلفة محيرة، عملية اجهاض للأجوبة الناجعة قبل ولادتها، لتبقى التسائلات المشروعة للحريصين والضحايا عاقرة لا تلد اجوبتها .

أخيرا : ليبق مشروع 14 / تموز للتحرر والديمقراطية وإعادة أعمار الوطن والإنسان طريق الخيرين، كما سيبقى المشروع المشبوه لمغامري انقلابيي 08 / شباط / 63 طريقاً لطغم الردة والخيانة، وبين الطريقين مفترق لا يمكن العودة إليه، كما لا يمكن الوقوف عنده محايداً سلبياً أو مراقباً مشكوكاً بصدق نواياه .

 

15 / 02 / 2012  

    

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2032الخميس 16 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم