أقلام حرة

العراق صاحب القلب الكبير / علي جابر الفتلاوي

لكن للاسف الشديد يلقى الصدود منهم خاصة من السعودية وقطر، وبعض دول المنظومة الخليجية، بل نقول خاصة بعض الدول الخليجية التي تحكمها حكومات دكتاتورية، وتتداول الحكم وراثيا .

تدخلات قطر والسعودية في شؤون الشعوب العربية الداخلية واضحة ومفضوحة  وتدخلاتهما في الشأن العراقي لم تعد خافية على احد، وفتاوى التكفير التي تصدر من وعاظ سلاطين هاتين الدولتين سببت في اراقة دماء الكثير من ابناء الشعب العراقي الابرياء، ورغم دعم هاتين الدولتين السعودية وقطر للارهاب في العراق  ورغم دعمهما لبعض السياسيين العراقيين المحسوبين على فكر البعث والفكر السلفي الطائفي المتخلف، المفروضين على العملية السياسية الجديدة ومعلوم كيف فرض هؤلاء على العملية السياسية من خلال النفوذ الامريكي المحتل، وممارسة شتى الحيل لابرازهم في الساحة العراقية، ومنها حيلة التزوير في الانتخابات التي جرت لصالحهم، وحيلة المحاصصة على اساس التقسيم الطائفي والعنصري، بعيدا عن صفة المواطنة الصالحة الصادقة التي تتجاوز الانتماء الديني او المذهبي او القومي  كذلك الدعم المالي والاعلامي واللوجستي لهم من هاتين الدولتين قطر والسعودية  ورغم محاولات هؤلاء السياسيين البعثيين المتحالفين اليوم مع السلفيين، والذين يسيّرهم النفوذ السعودي القطري في عرقلة سير العملية السياسية الجديدة في العراق الا ان الحكومة الوطنية العراقية المنتخبة من الشعب العراقي برئاسة السيد نوري المالكي تسير بخطى حثيثة وواثقة وقوية باتجاة التقدم في العملية السياسية وفي كل المجالات ومنها استتباب الامن والقضاء على الارهاب، والتقدم في بناء البنى التحتية للبلاد، ويجري هذا رغم محاولات بعض السياسيين المحسوبين على السعودية وقطر من عرقلة هذا التقدم من خلال مواقعهم في الحكومة تحت عنوان المحاصصة او ما يسمى هذه الايام المشاركة والنتيجة واحدة، تعويق وخلق مشاكل من هؤلاء المشاركين في الحكومة، اذ يمارسون دور الحاكم والمعارض في وقت واحد، وما لم يتخلص العراق من نظام المحاصصة البغيض لن يحصل تقدم  وستبقى المشاكل تدور في مكانها، والحل هو اللجوء الى حكم الاغلبية السياسية الفائزة في الانتخابات مثل ما هو موجود في الدول الديمقراطية الحقيقة، ثبات ونجاح الخط الوطني في الحكومة العراقية لم يكن لينجح لولا الدعم الشعبي الواسع لهذا الخط  الذي يضم كل الوان الطيف العراقي بغض النظر عن الدين او المذهب او القومية برئاسة السيد نوري المالكي .

ابدت السعودية رغبتها وكذلك قطر بعدم انعقاد القمة في بغداد تحت ذرائع شتى  وطبل معهما بعض السياسيين العراقيين ممن يتلقون الدعم والاوامر من هاتين الدولتين، رغم ان قسما من هؤلاء مشتركون وموجودون في الحكومة، لكن وجود بعضهم في الحكومة انما لخدمة مخططاتهم واجندتهم الخارجية المرتبطين بها مع هاتين الدولتين الناشزتين عن الاجماع العربي، لكن القرار اتخذ من الجامعة العربية بعقد القمة العربية في بغداد،  فأغاظ هذا القرار قطر والسعودية، اذن عليهما العمل لافشال المؤتمر بالتعاون مع بيادقهم في العراق، وبالتعاون مع بعض السياسيين المصلحيين والانتهازيين الذين يغتاضون من رؤية العراق قويا موحدا معافى، طرح هؤلاء الذين ارادوا افشال المؤتمر مقترحا لعقده في اربيل، سيما وان السيد البارزاني يعمل بكل قوة لاضعاف بغداد وجعل اربيل بديلا عنها، لاغراض سياسية ضيقة، ولما لم تنجح هذه المحاولة ارادوا التلاعب بجدول الاعمال كوسيلة لافشال المؤتمر، اذ طرحوا مشروع ادخال ملف المشاكل الداخلية العراقية والتي هي اصلا مفتعلة ومفبركة ضمن جدول الاعمال، وايضا فشلت هذه المحاولة بفضل اصرار اصحاب القرار من القادة العراقيين، كل هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع، وعُقد المؤتمر رغم المحاولات الكبيرة التي بذلت لافشاله، ونجح واصدر قرارات لصالح الشعوب العربية ولاول مرة في تأريخ عقد مؤتمرات القمة العربية، فكان بيان بغداد الذي لقي ترحيبا كبيرا من الاوساط العربية والدولية، وكان نجاح المؤتمر نجاحا للشعب العراقي  ولحكومته الوطنية، بقيادة السيد نوري كامل المالكي، ولا ننسى بتوجيه الشكر للسيد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق الذي كان له دور متميز لانجاح المؤتمر اذ اثبت انه يتصرف بعراقيته وليس بشئ اخر، وهذا هو المطلوب من كل عراقي ان يتجرد من خصوصياته الدينية او المذهبية او القومية ويعمل بالروح الوطنية . 

نجاح مؤتمر بغداد الذي عقد في نهاية اذار 2012، ازعج كثيرا بعض العرب الذين اشتركوا في المؤتمر بتمثيل شكلي بسيط، خاصة السعودية وقطر، الامر الذي دفع بهاتين الدولتين بعد المؤتمر بأن يقوما بحملة اعلامية كبيرة ضد العراق، اذ جاء تصريح حاكم قطر الذي استلم الحكم من ابيه ليس بالتسلسل الوراثي المعهود الذي يكون بعد موت الحاكم الاب، بل ازاح اباه الحاكم بالقوة وبدعم من بعض المحاور الاقليمية والدولية المعروفة، وجلس على كرسي الحكم وطرد اباه، صرح هذا الحاكم القطري الذي يتصرف ويتكلم باكبر من حجمه، بتصريحات طائفية غرضها تأجيج الفتنة الطائفية من جديد في العراق اذ اراد حمد وآل سعود اشعالها بعد ان قضى عليها الشعب العراقي بوعيه وبشجاعة حكومته الوطنية، اذ صرح حمد حاكم قطر بتهميش السنة في العراق من قبل الحكومة العراقية، الامر الذي دعى الاخوة السنة في المحافظات الغربية من شيوخ ووجهاء وعشائر ومواطنين بالرد على تصريحات حمد الطائفية المغرضة، فجاء موقفهم الوطني هذا لطمة قوية بوجه حمد وامثاله من الحكام اصحاب الدعوات الطائفية، ومشجعي الفتاوى التكفيرية ومروجيها .

بعد هذه اللطمات اخذت قطر والسعودية تبحث في سلة النفايات عسى ان يجدا ما يخفف من غيضهما على العراق، فكانت ورقة طارق الهاشمي، المطلوب للقضاء العراقي بتهمة الارهاب، وكذلك ورقة عزة الدوري اذ شوهد في بعض القنوات الفضائية برتبة مشير اليمنية، وبكاميرات قطرية وسعودية، ليلقي بيانا الى العراقيين، فيه تهديد ووعيد وشتائم، ونسيت قطر والسعودية ان الهاشمي والدوري ورقتان محترقتان لا يمكن ان يقدما شيئا للسعودية وقطر، ولا يخطر على بال احد من العراقيين ان يفكر بهما لانهما من المهملات، وجميع من يدعي بالبعث اليوم هو من المهملات والمرميات .

استقبال طارق الهاشمي، واظهار ورقة الدوري في هذا الوقت بالذات جاء بسبب الصدمة القوية لحكام قطر والسعودية بعد نجاح مؤتمر القمة العربية في بغداد، اذ خططت هاتان الدولتان لمنع عقد القمة في بغداد او تأجيل المؤتمر، لكن لم تتمكنا من ذلك وارادتا على اقل تقدير افشال المؤتمر بالتعاون مع صنائعهم في بغداد، ولم تتح لهم هذه الفرصة ايضا، فاصيب حكام الدولتين الدكتاتوريتين بالهيستريا، فجاءت تصريحاتهم غير المتوازنة للتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، للتحريض على الطائفية المقيتة التي رفضها وقتلها الشعب العراقي في مهدها، رغم هذه المواقف للحكومتين السعودية والقطرية، والتدخلات السافرة في الشأن العراقي لا زال العراق صاحب القلب الكبير باسطا يديه لاستقبال ومصافحة كل العرب، وفتح صفحة جديدة من العلاقات القائمة على المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل، مع احترام خصوصيات كل شعب من الشعوب العربية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لاي بلد من البلدان .

 علي جابر الفتلاوي

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2091 الأحد  15 / 04 / 2012)


في المثقف اليوم