أقلام حرة

المخللات والتعليم .. آراء في العملية التعليمية العراقية / رحيم محمد الساعدي

عن استعادة مواكبة التطور العلمي العالمي يصطدم بتراخي الآلة التعليمية والإنسان العراقي على حد سواء .

وأصبح التعليم في العراق يعمل وفق مبدأ إسقاط الفرض وتشبه هذه الحالة بعملية تصنيع المخللات لان ترك الخضروات من دون حفظ لا يؤدي إلى فسادها حسب بل إلى امتدادها إلى المجتمع وإفساده من زاوية الصحة والبيئة والاقتصاد وتلافي ذلك الفساد يأتي عن طريق حفظ المواد من العفن وإذا كانت هناك تنمية أخرى فيصار إلى استثمار تلك المواد بتشغيلها ومن هذه الفكرة يمكن الاستدلال على قضية  التعليم في العراق فهي ومنذ زمن طويل لا تعدو عن كونها أشبه بتخليل الخضروات كي لا يصيبها العفن  فالطالب بشكل عام يحفظ في الجامعة لكي لا يجنح إلى الانحراف فنراه بعد فترة قائدا لعصابة لسرقة السيارات على سبيل المثال . وهو أمر منطقي فالفرد الذي لا يشغل بشيء سيما غير المنتج أو المثمر سيشغل بأشياء أخرى لا تخدم المجتمع أو تخدم بلده، فكريا وثقافيا وتعليميا والعراق ما يزال – كما نلاحظ - على الأقل بنسبة الأعم الأغلب غير مستثمر لطاقات طلابه .

وعملية التحنيط تلك والتي توافقت مع إزاحات فرضتها البيئة والسياسة والصراع والغلبة لا تمثل الطموح التنموي الحقيقي لبلد محطم مثل العراق، ولا تكفي ربما حتى البعثات التي ترسل بين فترة وأخرى .

قد يقال ان سبب ذلك الحروب والدمار وهجرة الكفاءات أو بفعل تأخرنا حضاريا وعلميا أو إننا مشروع للاحتلال مذ خلق الله البشرية، ولكنها تبريرات لا تستخدمها الدول الأخرى كما فهمنا من فلسفة التاريخ وتخطيطات المستقبل،وهو ما يعني أيضا ان قدرة المفكر العراقي لم تستطع ان تحرره من كثير من الآلام والخسارات والضياع وقد يكون الاعتراف بهذه لحقيقة المرة خطوة للبدء بتنشيط آلية تعديل المنهج

ولست بصدد مناقشة المفكر العراقي فان له وقتا آخرا ولكن ما يثير اليوم هو تحطيم قيود التعليم في العراق ولا ادعي ان سابق التعليم كان أفضل بل ان ما يصادفها اليوم من إخفاقات سببها عرقلة الماضي ومخلفاته .

ومع هذا فكان الطموح هو النهوض بتخطيط جديد وطرق مختلفة ومناهج إحداثية تتلاءم والواقع العراقي، وقوانين وتشريعات تقدم تصورا شاملا وأسس ثابتة بخطط خمسية يتشارك فيها أبناء الوطن الواحد على حد سواء .

إن النظرة العامة للطالب لعراقي وسلوكه اليوم تشير إلى انخفاض في المنسوب التعليمي والسلوكي والفكري والتنموي للطالب العراقي وذلك سيؤدي إلى جملة من النتائج ربما ابسطها أن يتحول إلى آلة لا جدوى منها سوى امتلاك شهادة يستطيع من خلالها إثبات أهليته في المجتمع الوظيفي ورفع منسوب الفائدة المادية المستقبلية،ان البداية يجب أن تكون مقلوبة نوعا ما وهي  تنطلق من :

المرحلة الأولى (وتبدأ من تحضير المستقبل)

1.    توفير العمل المناسب والواقعي والمنتج والذي سيقوم به الطالب العراقي .وهو ما يجب ان توفره كل الوزارات وتتعاون على تحقيقه .

2.    تحويل منتج وعمل الطلبة بعد التخرج إلى مادة فاعلة في المجتمع في شقيها المادي والمعنوي .

3.    خلق حالة من المنافسة في الابتكار والتطوير .

المرحلة الثانية (وتبدأ من الحاضر)

وهي جملة من التحضيرات الخدمية والمنهجية وتغيير المناهج وتفعيل الدرس الحقيقي لأجل العلم الحقيقي ومتابعة الحركة العلمية العالمية وإرسال البعثات واستعادة شخصية الطالب والأستاذ على حد سواء وتوفير الأمن والتزام المهنية .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2182 الأحد 15/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم