أقلام حرة

المالكي...والكفاءات العراقية في الخارج

المالكي في كل زيارة له لاي دولة اجنبية او عربية يوجه دعوته المشهورة لعودة الكفاءات العراقية العلمية والطاقات الادارية والفنية وكافة الطبقات البشرية الاخرى، ويؤكد دوما على ان العراق يحتاج الى خبرات ابناءه وخدماتهم التي تصرف وتوجه  وتستثمر خارج بلدهم، كما يعدهم بأن الوزارات والمؤسسات الحكومية ستذلل العقبات وتزيلها من امامهم عند عودتهم الى ارض الوطن، وما ان يصدق المسكين العراقي هذه الدعوات ويتورط بزيارة اهله واقرباءه واصدقاء طفولته ويتقدم خطوة او خطوتين من الدوائر الحكومية وينغمس بروتينها الكلاسيكي القديم والذي لم تعد اي دولة في العالم تتعامل به، حتى تبدأ مراحل التقهقر والانتكاسة والكأبة تخيم على وجه هؤلاء المساكين المتورطين بالعودة الى دولة تسير عكس اتجاه العالم المتحضر المتطور بل عكس اتجاه التأريخ بأكمله، تبدأ المعاناة من البحث عن الية اعادتهم الى الوظيفة واحتساب مدة الخدمة الفعلية على اعتبار انهم مهاجرين سياسيين اضطهدهم النظام السابق مما دعتهم الظروف السياسية القاسية الى ترك بلدهم، ثم تدخل معاملاتهم ابوابا روتينية اخرى تبدأ ايضا بالبحث عن صحة صدور الوثائق الرسمية والتوجه الى الوزارات لاخذ موافقة المعنيين بألامر، ومن ثم تنحدر الطلبات الى دائرة الجوازات لاخذ موافقة الاقامة المشروطة لثلاثة اشهرعلى ان تجدد وكأنه مواطن اجنبي لايحمل اية صفة او وثيقة عراقية، بينما كل دول العالم التي يعترف دستورها بالجنسية الاجنبية الاخرى التي يحملها مواطنها الاصلي لاتطلب منهم ان يحصلوا على فيزة او اقامة لانه مواطن يحمل جنسيتها الاصلية، وبعد كل تلك الرحلات والعثرات والسخافات يرسل المواطن الذي جاء الى ارض الوطن وعلى حسابه الخاص لخدمة ابناء شعبه هو وعائلته واطفاله فوق سن الثانية عشر الى مراكز الفحص الايدز وهو قانون سنه البعث البائد ليشوه سمعة العراقيين الذين تركوا العراق لاسباب سياسية ، يراد منه ان يعطي صورة سلبية سيئة عن ان عراقيي الخارج اناس يتسكعون بين البارات والملاهي وبيوت الدعارة وهو يعلم قبل غيره اننا اشرف من ترك العراق، ولعلكم تعلمون ان الحكومة العراقية العاجزة عن ايجاد حلول صحية لعدة امراض منتشرة على طول العراق وعرضه، لاسيما مرض الكوليرا الذي انقرض من اغلب دول العالم، نحن ندخل اغلب دول العالم المتقدم لم يطلب احدا من المسافرين ان يذهبوا للفحص الطبي او غيره، والمتخلف عن الفحص لمدة يوم واحد بعد عشرة ايام من الدخول يغرم 125$ للفرد، اية كفاءة او مواطن عادي اواية عائلة يمكن لها ان تحن الى ارض الوطن الذي يؤذي ابناءه بهذه الطريقة البدائية ويعاملهم بهذا الاسلوب المتخلف الاهوج

ان دعوات السيد المالكي يعدها البعض دعوة اعلامية المراد منها المتاجرة بتلك الكفاءات والطاقات العراقية المهاجرة واستثمارها انتخابيا، ويعدها البعض الاخر انها دعوات لاتستند على قواعد او اسس او حتى حقائق ملموسة على الارض، الغرض منها ايصال صورة مغايرة الى عراقيي الخارج بأن العراق قد اصبح بلدا مستقرا يمكن العودة والاستقرار والعمل فيه، اما الاخرون فيحملون مسؤولية تلك الاخفاقات الحكومية في معالجة ملفات العائدين الى ارض الوطن الى الروتين الاداري المتبع سابقا والذي لم تستطع الحكومة الحالية من تغييره بسبب المحاصصة السياسية التوافقية التي تقف حجر عثرة امام اعادة بناء العراق وبناء مؤسساته الادارية والحكومية بالشكل الصحيح

ولكن على الاقل على الحكومة ان لاتطلب من الكفاءات والمهاجرين الاخرين من العودة على الاقل في الوقت الحاضر، وان لاتذهب الى دول اللجوء وتطلب منهم ابعاد العراقيين وارسالهم الى ارض الخراب والدمار والفقر والحرمان، وان تنصف ابناءها في الداخل والخارج بطريقة اخلاقية وانسانية مقبولة

 

مهدي الصافي

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1225 الاربعاء 11/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم