أقلام حرة

الشيعة والدولة العربية في العراق

من خلال دعم الجماعات والمليشيات المسلحة العابثة بأمن البلد، ومساهمتها كذلك مساهمة فاعلة في تقوية التنظيمات الارهابية وتقديم كافة انواع الدعم اللوجستي المادي والمعنوي والمخابراتي، فهم يطبقون نفس النهج الشائع عالميا والمعروف بالحرب الوقائية او الظربات الاستباقية التي يعتقدون انها ستعمل على افشال التجربة الديمقراطية في العراق المخيفة لهم ولمستقبل انظمتهم السياسية الشمولية، خاصة انهم يعتقدون ان شعوبهم متقدمة نسبيا حضاريا وثقافيا عن بقية شعوب المنطقة،  وهي تمتلك بحكم طبيعة الانظمة السياسية المختلفة جوهريا مع الاساليب القمعية الاجرامية التي كانت متبعة من قبل النظام الدكتاتوري البائد في العراق نوعا من الحرية الشخصية والثقافية والاعلامية المحدودة

 

هكذا هي السياسة في الدول العربية التي اعتمدت منذ تأسيس الدول الاسلامية الممتدة من الشام الى بغداد،  المذاهب السنية واستبعدت تماما المذاهب الرافضة لظلم الخلفاء والحكام المستبدين، وكما يقال ان الناس على دين ملوكها فقد احتكرت واقتصرت الانظمة السياسية في الدول العربية على فقه ورأي وتشريعات المذاهب الاربعة، حتى كشفت العمليات الارهابية الرهيبة التي تقودها بعض اجهزة مخابرات الدول المحيطة في العراق، عن حجم الكراهية والحقد الدفين الموروث منذ ان اتخذت الدولة الاموية الاساليب القمعية لمحاربة العلويين وشيعة اهل البيت،  فسنت لها دينا اخر يقوم على سب الامام علي ع من على المنابر،  والتي الى الان لاتعتبر مثلبة ومنقصة عند البعض لاستبعاد معاوية وذريته الفاسدة عن روح ومضمون الدين الاسلامي الصحيح

 

ان اغلب العلماء ورجال الدين المنتشرين في الدول العربية يحملون افكارا تكفيرية خطرة تجاه ابناء المذهب الشيعي، وهم يقومون اليوم بتحشيد جمع من الشباب المنحرف المريض وتحويله الى كرات من النار لتقذف بسمومها فوق اجساد الفقراء، وكأنهم يمارسون نفس النهج الذي اتبعته الدول العربية بدعم وتخطيط من المخابرات المركزية الامريكية وعلى وجه الخصوص السعودية ومصر في تحشيد  الشباب العربي المظلل وزجهم في حرب النيابة عن الاقطاب الاخرين الذين يسمون اليوم بالافغان العرب في الحرب الباردة، الا ان الذي اختلف اليوم هو دخول سوريا العربية على خط المواجهة الساخن مع الديمقراطية والنظام السياسي الحديث في العراق، وهذا يعني ان الشعب العراقي اصبح من الناحية السيتراتيجية عرضة لكل تلك التوجهات والصراعات والقراءات السياسية العربية التي لاتقبل ان يصعد الى سدة الحكم من كان مستبعدا منذ وفاة الرسول الاكرم ص وحتى اليوم، ومالتدخل السعودي العسكري الاخير في حرب اليمن مع الطائفة الزيدية(الحوثيين) الا دليل دامغ على الفيتو العربي المرفوع على ابناء تلك الطوائف الاسلامية العريقة، فالحوثيون يدفعون اليوم الثمن الذي يدفعه شيعة اهل البيت في العراق، وان العنف وقسوة الحرب المستعرة ضدهم هي احد الاساليب التي يراد منها  ان تقمع  الاصوات المطالبة بحقوقها الشرعية والانسانية ولسد الابواب التي يخافون ان تفتح بوجه الظلم والاستبداد التي تتبعه انظمتهم الشمولية القاسية

 

انها تجربة ومرحلة تأريخية مهمة لبناء الدولة الديمقراطية القوية المستندة الى القواعد والاسس والمبادئ السياسية المتقدمة التي تحترم رأي الشارع وصوته الانتخابي، وان تتعامل بحذر مع المراكز الحساسة في الدولة  المعتمدةعلى الاؤسس العامة التي تحكم الاشخاص المرشحين لشغل تلك المناصب من حيث الكفاءة والقدرة والخبرة والمهارة، وكذلك العمل بحزم وبشدة مع ظاهرة الفساد  المالي والاداري، والشروع بتحديث وتطوير النظام الاداري الكلاسيكي المعقد لكافة مؤسسات ودوائر واجهزة الدولة، وتوسيع صلاحيات اجهزة الرقابة والاشراف الوظيفي ومتابعة عملها بشكل يومي من قبل المدراء العاميين والوزراء ودوائر النزاهة الاخرى

 

حيث ان السؤال الذي سيبقى على طاولة البحث والنقاش والذي يمكن ان تعززه وتثيره المخاوف المزعومة من قبل اغلب الدول العربية، حول مصير الدولة العراقية وعلاقتها بالطائفة الشيعية،  وهي بمثابة خط احمر لايقبلون لااحد ان يتجاوزه حتى وان كان خيارا جماهيريا،  هو هل تستطيع الأدارة الامريكية ان تقاوم الغزل العربي الرافض لاي دورشيعي في العراق والمنطقة، وان تبقي على وعودها المعطاة لاغلب الكتل والاطراف المشاركة في العملية السياسية الحالية،  بأن تساهم بالمحافظة على المكتسبات الديمقراطية المتحققة حتى الان، وان لاتسمح للارادات العربية والاقليمية اللااخلاقية بأن تزعز الامن والاستقرار الداخلي في العراق، وان تبعد شر وشرارتلك الدول عن ارضنا وشعبنا، ام ان هناك اطرافا داخلية مشاركة في العملية السياسية تريد ان تجر الاطراف الاقليمية والعربية الى داخل البيت العراقي لتعيد الوضع الى المربع الاول المتناغم تأريخيا مع الرؤيا العربية السياسية حول نظام الحكم الملكي اوالشمولي(المورث)

 

ان الشعب والاطراف السياسية الوطنية المشاركة في العملية السياسية الحالية، وحدهم القادرين على اعادة بناء الدولة واجهزتها المختلفة وفق اؤسس سليمة بعيدة عن المحاصصة والتوافق الاثني، وهي بأستطاعتها ان تفوت الفرصة على كافة الاطراف الخارجية الاقليمية والعربية الرافضة لمجمل عملية التغيير السياسي في العراق بأن تتدخل وتعبث بالامن الوطني والقومي

مهدي الصافي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1256 الاثنين 14/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم