أقلام حرة

وأصبح للدعارة أكاديمية في إسبانية فما رأي شوقي!؟

حينما نتذكر المدرسة في الزمن الجميل نقوم ونضرب التحية للمعلم لنوفه التبجيلا، وقد كاد في نظر أمير الشعراء أن يكون رسولا.. ولكن الطلاب كبروا وسرجوا الخيول لتنطلق بهم في دروب الحياة الصعبة، فبعضهم أخذهم العلا إلى رفعته، وآخرون باتوا يترقبون الحظ بين الحفر، وكثيرون سخروا من مقولة أحمد شوقي فرسموا الهرم وفي قمته عين حورس، وتحزموا بالدولار، ثم وضعوا على رؤوسهم الجوفاء قرني الماعز، وتطوقت أعناقهم بسلاسل ذهبية حملت نجمة فينوس الخماسية، ساجدين لشيطان الرغبات،ليتخرجوا بذلك من مدرسة العصر القائمة على مقولة ميكافللي أستاذهم الفذ" الغاية تبرر الوسيلة" متمنطقين بمقولة البقاء للأقوى، وقدوتهم شيطان القوة، الذي حدد معالمه الفيلسوف الألماني نتشه، وطبقه النازي الأول هتلر، وتعلم منه الصهاينة الذين استلهموا من فاوست العربدة ، وتسويق الكذب وتعلموا كيف يقتلون ثم يسوقون أنفسهم ضحايا، ومارسوا الدعارة السياسية وصارت الدعارة الأخلاقية بطولة مارستها وزيرة خارجية الكيان الإسرائيلي ليفني، وتبلورت الأخلاق النسبية إلى درجة أن الاختلاف على القاعدة والمنطق أصبح حرية شخصية؛ لذلك سكتت الحكومات في العالم وخاصة الوطن العربي عن المواقع الإباحية التي مثلت ثلثي المواقع على الشبكة العنكبوتية، فيما ثبت بأن أكبر روادها هم العرب، وهي في نظري دعارة مقنعة، إذ تمثل مدرسة الدعارة الأولى بمفهومها الأدق، ويقدم لها الحماية ساسة ماسونيون يرمون من وراء ذلك إلهاء الشباب عن أزماتهم، ولا ننسى في ذات السياق كيف صار للمثليين حقوق مشروعة، فيما تحول السحر بأنواعه إلى منهاج تعليمي يدرس في مدرسة مخصصة للسحر أسست مؤخراً في شيكاغو، لا بل تحولت إسبانيا إلى صاحبة الريادة في منهجة الدعارة وتحويلها إلى سياق تعليمي لرفد الاقتصاد الإسباني بخط إنتاجي جديد يقوم على الدعارة، وذلك لتخطي الأزمة الاقتصادية، فافتتحت مدارس لتعليم الدعارة في إسبانيا! فماذا نقول لشاعرنا أحمد شوقي الذي قال في المعلم: "قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا" وقد صار المعلم في مثل هذه المدارس قواداً، والسياسي الذي سمح بمثل هذا النوع من المدارس قرن ثور، بالطبع لن يكون المعلم رسولاً يقتدى به.. في زمن يقف على قرني الماعز الماسوني، ويستضيء بنجمة الشيطان الخماسية وقد تحول الإنسان في محيط عين الحقيقة التي ترصع قمة الهرم الماسوني بيدقاً لا حول له ولا قوة.. وصار الجسد يبنى كي تداعبه أنامل الشهوة وقد جردته من العاطفة وطردت منه الروح.. ربما في نظرهم تكون الروح والأخلاق جميلتين لكن الجسد ذلك المرتع الشيطاني ألذ وأمتع. هكذا يوفقون بين الأخلاق المتضاربة، وكان دائماً الجنس هو الوسيلة الأنجع في تقويض بنى المجتمع بكل قيمه الروحية ومبادئه وقوانينه لفرض قيم انقلابية تأخذ توصيفاً أخلاقيا نسبياً يقترن بالحداثة والحرية الشخصية. فما هي الفلسفة الجنسية في إطاريها الأخلاقي والجنحي؟ إنه العلم المعني بدراسة الجنس باعتباره سلوك بشري، نابع من إرادة حرة ومدفوع بلذة ورغبة حسية، الأمر الذي جعل من فلسفة الجنس سبيلا لتحليل المفاهيم والقضايا والمعارف ذات الصلة بكل أشكالها، ونقد تطبيقاتها قياساً على ما وضعه الفلاسفة من مبادئ حاكمة وقيم ضابطة لممارسة الجنس بين الذكر والأنثى، وإلى مثل ذلك ذهبت موسوعة (Routledge Encyclopedia of Philosophy ) فهي تؤكد أن فلسفة الجنس من الفلسفات التطبيقية التي تعنى بتحليل المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة المباشرة وعنايتها بالوقوف على دلالتها في الممارسة، شأنها في ذلك شأن فلسفة العلم والفن والقانون. ومن أهم الكتب المعاصرة التي تناولت فلسفة الجنس بالتعريف السابق كتاب (The Philosophy of Sex) لنيكولاس باور، ووراجا حلواني، وآلان سوبل، وكتاب (Philosophy of Sexuality) لدون ماريتا. ولكن لممارسته شروط ينبغي التقيد بها من أجل سلامة المجتمع في إطار الدين والقانون وفلسفة الأخلاق.إلا أن التوجه من قبل مؤسسات دولة حرة كإسبانيا إلى السماح لمنظمات مشبوهة بتأسيس مدرسة تدرس الجنس والدعارة في إطار الفنون الجميلة فهنا لا بد من دق الجرس والتحذير مما هو أخطر، والانتباه إلى التسلل الماسوني نحو منظومة الأخلاق التي يتوافق عليها الجميع والتي تنسجم مع منطق الأشياء وتراعي منظومة الأخلاق الإنسانية. فيطرح السؤال نفسه فيما لو سيندرج في نطاق مناهج هذه المدرسة مساقات أخرى قد تأخذ صفات أخلاقية هي في الأصل منافية للاعراف حتى في إسبانيا، لتتحول الدعارة إلى ثقافة متنوعة لها ضوابط تندرج في إطار الأخلاق المفروضة على المجتمع قانونياً رغم منافاتها للأعراف المتفق عليها دينياً ووضعياً، لنتوقع فيما بعد إسقاطات كارثية مفروضة على مجتمعات خاضعة على مستوى العالم، بمساعدة التقنيات الحديثة والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الإجتماعي؛ فتنقلب الموازين رأسا على عقب حينما نفاجأ بتشريعات تسمح بمثل هذه المستويات على نطاقات جامعية تخرج طلبة في سياقات الدعارة السياسية والعسكرية والثقافية!؟ فكل شيء محتمل وممكن تحت عنوان الحداثة والحرية بلا حدود. لنعود بكم إلى مدرسة الدعارة في إسبانيا، إذ يصف المؤرخون الدعارة بأنها أقدم مهنة في التاريخ، وربما تعمل مدينة فالنسيا على وضع إطار أكاديمي لها من أجل تخطي الأزمة المالية في إسبانيا، أو هكذا برر المشرفون عليها كما تناقلت وسائل الإعلام الإسبانية. فقد افتتحت مدينة فالنسيا اكاديمية لتعليم المبادئ الأساسية لمهنة البغاء حيث تتضمن الدورة دروس نظرية وعلمية وفي نهاية التدريب توفر الاكاديمية العمل لطلابها. ويشترط لقبول المشتركين الا يكون المهتمون بالأمر خجولين وان يتمتعوا بحضور مميز وان يكونوا راشدين. وتبلغ كلفة الدورة 100 يورو ومدتها اسبوعا كاملا وقد انتسب الى الاكاديمية حتى الآن 95 طالبا وطالبة تتراوح اعمارهم بين 19 و45 سنة. واثارت اعلانات الاكاديمية غضب بعض السكان ما جعلهم يتقدمون بشكوى امام المحكمة المحلية، كما تم فتح تحقيق قضائي للتأكد من عدم وجود جرم اعمال منافية للقانون، وأتى الحكم لصالح الاكاديمية، خصوصا ان الطلاب راشدون ما يحيد عن الاكاديمية جرم ارتكاب اعمال منافية للقانون. هنيئاً للماسونية بفرسانها الجدد اللذين تفوقوا على فرسان المعبد مفرغين المضمون الروحي للكأس المقدسة وترجمتها في اطار مفهوم العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى المنفتحة على كل خياراتهم قلباً للموازين والأعراف.

 

بقلم بكر السباتين

 

في المثقف اليوم