أقلام حرة

فوزية بن حورية: اول الامطار الموسمية

أمطار سبتمبر اشرفت على ان تجعل تونس العاصمة مدينة البندقية العائمة وذلك لان ديوان التطهير لم يقم بدوره كالعادة والبلديات متراخية وكأن الامر لا يعنيها بالمرة وليس من مسؤولياتها اما المواطن باستهتاره وانانيته المفرطة واهماله وقلة وعيه اصبح هو المساهم الفعلي والاصلي والرئيس في تدمير البنية التحتية لشبكة صرف المياه  وانسداد البالوعات حتى انفجرت في اول أمطار سبتمبر التي لم تهطل سوى لساعة واحدة تقريبا فصارت البلاد من اول قطرات غيث شوارعها جداول بل قل انهارا وبناياتها تعوم في بحيرات والنافورات الفوارة في الطرقات. هذه النافورات التي تضخ الماء ضخا من شدة الضغط المائي. وبقدرة قدير اصبحت العاصمة شبيهة بمدينة البندقية ولأصبحت هي ذاتها لو تواصل هطول الامطار لساعات. نعم العاصمة تسبح في المياه من جراء النفايات والقمامة المتراكمة والمنتشرة تقريبا في كل زقاق وطريق ومما زاد الطين بلة فضلات السوق المفتوحة والانتصاب الفوضوي في كل مكان تقريبا، هذا الانتصاب الفوضوي وهاته السوق كليهما لا ينفد وكل يوم في تزايد مستمرعلى مدى ست سنوات فسدت قنوات صرف المياه وذاقت بها ذرعا فلفظت المياه والقتها على بسيطة الازقة والانهج والشوارع  عوض ان تبتلعها. المعضلة في المواطن الذي يؤمن ويعمل بمقولة رزق البيليك وما دامت هذه المقولة مترسخة في عقليته وسلوكه ستبقى البلاد ترزح تحت نير الاوساخ والانا العليا وما بعدي الطوفان صحيح ان اغلب شبكات صرف المياه قديمة او تعد شبه قديمة ولم تعد تفي بالغرض او لنقل غير صالحة ولكن على المواطن ان يع جيدا معنى المواطنة والمسؤولية ولا يلقي باللوم على الدولة ويقل بأنها لم تعنى بالبنية التحتية. صحيح كانت العاصمة قبل الثورة تغرق بعض انهجها او ازقتها خاصة الاسواق بالمياه كلما هطلت كمية هائلة من الامطار ولكن ما حدث اخيرا اثر نزول الامطار جعل لا فرق بين نهج وآخر وبين الاسواق وقلب العاصمة ليت المواطن يعي مصلحة بلاده ويعي مدى الاضرار الجسيمة التي تسبب فيها ضد نفسه اولا وضد بلاده ثانيا فهو الضار والمتضرر في نفس الوقت ويقول بعض المواطنين اصبح الغيث النافع كارثة بسبب عدم تقدير السلطات لقيمة البنية التحية وانا اقول حمل الجماعة عريش لو ان الدولة قامت بدورها والبلدية وديوان التطهير كل منهما قام بدوره على احسن وجه واكمله والمواطن هو الآخر ساهم بحرصه على النظافة وعدم رميه للفضلات المنزلية وبقايا اطعمة المطاعم و...و...و...وكل من موقعه عمل بجد على ترسيخ مفهوم المواطن ومعنى النظافة وعمل بالحديث الشريف "النظافة من الايمان والوسخ من الشيطان" ونحن مسلمون مؤمنون ونعرف حق المعرفة ان الاسلام مبني على الايمان وحريص على النظافة ويؤكد عليها فصلاتنا وعبادتنا لله لا تقوم الا على الطهر والاغتسال اذا كان المصلي جنب وعلى الوضوء خمس مرات في اليوم.  لكن التونسي بما فيه عمال النظافة غير مبال بالنظافة العامة كأن الامر لا يعنيه لا من بعيد ولا من قريب. لقد اصبحت بلادنا ما بعد الثورة في فوضى من النفايات والقمامة حتى انها اصبحت تزاحم وتنافس اوراق الاشجار المتساقطة على الرصيف في الخريف وبلدان عباد الشيطان والوثنيين نظيفة شوارعها... آه لقد انقلب الاية  حقا لا خير في مواطن يعمل بمقولة رزق البليك (رزق الدولة).

 

 الاديبة والكاتبة والناقدة والشاعرة فوزية بن حورية

 

في المثقف اليوم