أقلام حرة

إيرادات نفط العراق وليمة السفهاء

غانم العنازأو متى سيحضى العراقيون بحكومة رشيدة  .. بيانات وزارة النفط العراقية لشهر تموز 2018

لقد ذكرت شركة تسويق النفط الوطنية (سومو) بان ايرادات العراق من مبيعات النفط خلال الاشهر السبعة الماضية من الاول من كانون الثاني الى نهاية تموز من عام 2018 قد وصلت الى 50 مليار دولار وان الاسعار خلال هذه الفترة قد ارتفعت الى حوالي 69 دولار للبرميل الواحد.

كم ذكر المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد بان مجموع الكميات المصدرة من موانئ الخليج العربي من النفط الخام من الحقول النفطية في وسط وجنوب العراق لشهر تموز 2018 قد بلغت 109 ملايين و847 ألفا و268 برميل اي بمعدل قدره 3.543 مليون برميل في اليوم الواحد بايرادات كلية قدرها سبعة مليارات و 597 مليونا و 348 الف دولار اي بمعدل 69.163 دولار للبرميل الواحد.

ايرادات النفط العراقي الخيالية

أولا: واذا فرضنا بان معدلات تصدير النفط للاشهر الخمسة المتبقية من عام 2018 ستستمر على نفس معدل شهر تموز البالغة 3.543 مليون برميل باليوم وان معدلات الاسعار لتلك الفترة ستبقى مساوية لمعدل سعر تموز البالغ 69.163 دولارا للبرميل فان الايرادات لهذ الفترة ستكون:

153 يوما مضروبا في 3.543 مليون برميل مضروبا في 69.163 دولار للبرميل = 37.492 مليار دولار.

ليكتون مجموع ايرادات نفوط الجنوب والوسط لعام 2018 = 50.000 + 37.492= 87.492 مليار دولار

ثانيا: واذا اخذنا بنظر الاعتبار بان وزارة النفط قد اعلنت بان معدل انتاج وتصدير نفط حقل كركوك يقدر بحوالي 200,000 برميل باليوم واذا فرضنا بان معدل سعر نفطه يساوي 70 دولار للبرميل الواحد فان:

ايرادات نفط كركوك لعام 2018 = 365 يوما مضروبا ب 200,000 برميل مضروبا ب 70 دولار

= 5.110 مليار دولار

ثالثا: لا توجد معلومات دقيقة عن انتاج كافة حقول نفط كوردستان ما عدا بعض الحقول منها حقل طاوكي الذي ينتج حوالي 105,000 برميل باليوم وشيخان 40,000 ب/ي وبشكابير35,000 ب/ي وخورمور 20,000 ب/ي وسارتا 20,000 ب/ي. ومع ذلك فان معظم التقارير تشير الى ان معدل تصدير النفط من كافة حقول كوردستان يقدر بحوالي 600 الف برميل باليوم.

فاذا افترضنا بان سعر البرميل الواحد يساوي 60 دولارا فان ايرادات الاقليم النفطية لعام 2018 تساوي ما يلي:

365 يوما * 600,000 برميل * 60 دولارا = 13.140 مليار دولارا

وبذلك يكون مجموع ايرادات العراق النفطية لعام 2018 = 105.742 مليار دولار

كما ان احصاءات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) تفيد بان ايرادات النفط العراقي خلال العشرة اعوام من 2008 الى 2017 تساوي 709.455 بليون دولار اي بمعدل 70.945 مليار سنويا.

لعمري ان هذه الارقام الخيالية لو استعملت خلال العشر سنوات الماضية بعقلانية وبايدي امينية لكان العراق اليوم بلدا مزدهرا كالازدهار الذي حدث خلال السبعينيات من القرن الماضي لا ليقبع في آخر طابور دول العالم من جميع النواحي الحضارية والتعليمية والصحية والخدمية وغيرها.

هذا بالاضافة الى اعداد اخرى من مليارات الدولارات من ايرادات النفوط التي تسرق داخل العراق او التي تسرق وتهرب عن طريق الخليج العربي او التي تسرق وتهرب بالسيارات الحوصية عبر الحدود في كوردستان.

فقد نشر مؤخرا فيديو على نطاق واسع يبين عملية ثقب احد خطوط انابيب النفط الرئيسية نهارا جهارا ليتدفق منه النفط كما يبين طابور طويل من عشرات السيارات الحوضية التي تنتظر دورها لتأخذ حمولتها منه. وقد قمت بنشر ذلك الفديو على صفحتي على الفيسبوك مع التعليق التالي:

(هكذا يعبث بخطوط انابيب النفط نهاراً جهاراً لسرقة نفط الشعب. ترى من وراء هذه السرقة العلنية والعبث بثروة البلاد النفطية؟؟

ايرادات نفط العراق وليمة السفهاء

الا ان مما يسف له ان الاموال الخيالية المذكورة اعلاه لم تصرف عن طريق ميزانية علمية تخصص نسب معينة منها لكل وزارة من وزارات الدولة لتنفيذ مشاريعها المعلنة ولتخضع لرقابة مالية مركزية نزيهة للتاكد من صرفها بصورة دقيقة وامينة في المشاريع المخصصة لها وليخضع الوزير المختص وكبار موظفيه للمحاسبة القانونية في تنفيذ وانجاز تلك المشاريع كما هو معمول به في كافة دول العالم التي تعتد بنفسها.

الا ان ما حصل في العراق خلال السنوات العشر الماضية ولحد الآن هو ان استبدلت الميزانية المركزية بما عرف بالمحاصصة المقيتة التي لا توزع واردات الدولة فيها على الوزارات لصرفها بمشاريعها بل وزعت على الكتل السياسية والطائفية عن طريق اقتسام وزارات الدولة فيما بينها لتأخذ كل كتلة ميزانية وزاراها لتصرفها كيفما تشاء ولمن تشاء دون مساءلة من رقابة مالية نزيهة او تدقيق لحساباتها او من اية جهة كانت ان وجدت ناهيك عن اي وازع ديني او اخلاقي او ضمير حي لتصبح سرقة المال العام عند مثل هؤلاء الفاسدين شيء يتفاخرون به في احاديثهم وعن طريق اعلان ثرواتهم الخيالية وفخامة قصورهم وفيلاتهم المنتشرة في شتى انحاء المعمورة.

لقد ظهر اكثر من واحد من قادة الكتل السياسية خلال الاسابيع الماضية يتشدق ويعترف بانه يستلم عشرات بل مئات الملايين من الدولارات شهريا ليعلن بانه زاهد فيها ينفق معظمها على الناس الذين يطلبون مساعدته الا ان انه ينكر بانه سرق معظمها لبناء قصوره وفنادقه في ارجاء المعمورة. ان ذلك المراوغ لم يذكر لنا عن مدى علمه او فهمه او كفاءته او امانته او صدقه او اية من الصفات الحميدة التي قد تؤهله لمنصبه الذي يعطيه الحق لاستلام وتوزيع اموال الشعب العراقي كيفما يشاء ولمن يشاء.

ان هذا الحال من المحال فسوف تتم نكبة هؤلاء الفاسدين كما نكب من قبلهم كل من خان وطنه وغدر باهله ونكل بشعبه لينهال على سرقة امواله كما ينهال الذباب على قطعة من الحلوى ليمتصاها عن اخرها بشراهة وقذارة تقزز النفوس.

اهمال المشاريع النافعة وسرقة اموالها

لقد نسي او تناسى هؤلاء ان هذه الاموال العامة مخصصة لخدمة ابناء الشعب كافة ودون تمييز عن طريق تقديم الخدمات الصحية والتربوية والانسانية الخدمية وغيرها لهم وانشاء المشاريع النافعة في كافة مرافق الحياة التي تؤمن فرص العمل الشريف لهم لإعالة عوائلهم وتربية اولادهم.

فكم مشروع لانشاء مصافي نفط جديد قد سرقت امواله ليبقى المواطن المسكين يقف في الطوابير الطويلة يستجدي البنزين لسيارته والغاز لطبخ غذائه او تدفئة منزله؟ يرجى الرجوع الى مقالة لنا منشورة على شبكة الاقتصاديين العراقيين ومواقع اخرى بعنوان (حوار مع الاستاذ غانم العناز حول مصافي النفط واستيرادات العراق من المنتجات النفطية؟

وكم مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية قد سرقت امواله لتستمر معها شحة الطاقة الكهربائية وتقنينها بعدد من الساعات المحدوة في اليوم الواحد ليبقى المواطن المسكين يصطلي بحرارة الصيف الحارقة التي تصل ال 50 درجة مئوية وبرد الشتاء القارص الذي يصل الصفر ناهيك عن إمكانية تضرر أطعمته المخزونة في ثلاجاته ومجمداته؟

أهكذا تترك نساؤنا قابعات في الطرقات ينتظرن التفضل عليهن بعدد من لترات الكيروسين (الكاز) وهن من يملك تلك الثروة الهائلة من النفط الذي يحتوي عليها؟؟ اليس ذلك ظلم واستهتار؟

وكم عدد المليارات من الدولارات التي خصصت لاعمار المدن المتضررة كالموصل والرمادي والبصرة وغيرها لتتبخر تلك الاموال لتبقى مئات الالوف من العوائل النازحة تقبع في الخيام بانتظار الرجوع الى منازلها؟

وكم مشروع لشق الطرق وتبليطها قد تبخرت امواله لتستقر في جيوب الفاسدين الذين نصّبوا انفسهم امناء عليها؟

وكم مشروع لبناء السدود لتأمين المياه الصالحة للشرب قد تعثرت بسبب سرقة الاموال المخصصة لها من قبل الانتهازيين ليصبح ماء الشرب صعب المنال ولكي يترك ابناء البصرة الفيحاء ام شط العرب الذي خلدته الاساطير وام بساتين النخيل ذائعة الصيت وام حقول النفط العملاقة التي يدر مليارات الدولارات ليشربوا المياه المالحة؟

وكم الوف من اطنان المواد الغذاية الفاسدة التي فتكت بالمواطنين التي تم استيرادها باثمان خيالية لتستقر معظم المخصصات المالية الهائلة لها في كروش الزمر المتنفذة الفاسدة ولتفتك تلك الاطعمة بحياة المواطنين؟

وكم وكم هناك من طرق جهنمية استخدمت لسرقة مليارات الدولارات من اموال ايرادات النفط الهائلة التي ذكرناها اعلاه؟

لقد كتبنا في احدى مقالاتنا السابقة عن هذه الاوضاع المزرية للمواطن العراقي والتي نقتطف منها ما يلي:

أفما آن الأوان لإيقاف عجلة الدمار؟

أفما آن الاوان لايقاف عجلة هذا التدهور المستمر والجنون المستعر الذي فتك ما فيه الكفاية بالعباد والبلاد فاكل كما يُقال الاخضر واليابس؟

أما آن الاوان ان نستخدم ثرواتنا الهائلة والنعم العظيمة الاخرى التي انعم الله بها علينا لنعيد بناء ما خربته حروب المعتدين وأيدي الغزاة الحاقدين ونهم الاشرارالطامعين واخطاء الكثير من الساسة الجهلة والفاسدين؟

أما آن الاوان ان نتعلم من تجاربنا الماضية الناجحة ومن تجارب غيرنا الصالحة في كيفية اعمار بلادنا واسعاد مواطنينا؟

أما حان الوقت كي تتظافر الجهود لمكافحة هذا الجهل المخزي والتخلف المزري والفقر المدقع والتعصب الاعمى والامراض المتفشية بين اولادنا واهلينا؟

أما آن الاوان كي نعيد البسمة الى شفاه اطفالنا الابرياء بعد ان ذاقوا الامرين من يُتمٍ واهمال وترويع والبشاشة الى وجوه شيوخنا التعساء بعد ان عانوا من قهر وتشريد وتجويع؟

أما حان الوقت كي يعم السلام في ربوع بلادنا بعد مضي اكثر من خمس وثلاثين سنة من هذا الدمار الشامل ليعيش الناس باطمئنان آمنين على ارواحم واعراضهم واموالهم؟ أليس ذلك ما اعتدنا عليه من قبل وما اعتاد عليه خلق الله على وجه الارض من قديم الزمان؟

أم هل يا تُرى ذلك بالشئ الصعب المنال مع توفر كافة المتطلبات الضرورية لذلك كالمال الوفير مما يدره الذهب الاسود من حقولنا الغنية وكثرة مواردنا الطبيعية الاخرى كالاراضي الخصبة والانهار العديدة والمعادن الوفيرة كالكبريت والفوسفات وغيرها؟

هذا بالاضافة الى الوفرة الوافرة من رجال السياسة والمال والاقتصاد والصناعة والزراعة المتمرسين وعشرات الالوف من الخبراء والعلماء والمهندسين والاطباء والمهنيين وغيرهم من المبدعين الذين لا زالوا متواجدين في العراق وعشرات الالوف الاخرى من امثالهم المهاجرين الذين يتوقون للرجوع الى بلادهم وديارهم واهليهم ليساهموا في اعادة اعمار بلادهم. وبعد ذلك يجب ان لا ننسى تلك الالوف المؤلفة من الايدي العاملة المتمرسة والماهرة المعطلة في العراق التي تتوق الى العمل الشريف لكسب الرزق الحلال العفيف من اجل حياة كريمة.

نعم لقد آن الاوان ان نستمع الى صوت الحق والعقل لنضمد الجراح النازفة والعيون الدامعة والقلوب المعصورة والنفوس المهصورة وندعو الى الصفح والتسامح بين ابناء البلد الواحد من اجل بناء عراق مشرق جديد ينعم فيه المواطن بالامن الوارف والاستقرار الدائم والعدل السائد والكرامة الاكيدة والعمل الشريف لكسب الرزق الحلال لبناء مجتمع يليق بابنائه الكرام.

ان ذلك ليس بالامر المستحيل فقد ذاقت بلاد كثيرة ما ذقناه واكثر من ذلك بكثير ومع ذلك فقد نهضت بفضل تكاتف ابنائها واخلاصهم وتفانيهم في اعادة بناء ما تم تدميره وخذ مثالاً على ذلك نهوض اليابان والمانيا اللتان تم سحقهما وتدميرهما تماما في الحرب العالمية الثانية.

فلنتوكل على الله ونبدأ العمل باخلاص ونطلب منه عز وجل التوفيق.

التظاهرات الحالية دعوة لتشكيل حكومة رشيدة

لقد اصبح بالامكان في هذه الايام الاجابة عن التساؤلات الكثيرة اعلاه ب (نعم لقد آن الاوان لكل ذلك) بعد قيام التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي تعصف بالبلاد في هذه الايام.

انه ليس بالشيء الغريب ان يقوم الشعب العراقي في هذه الايام من شهر آب اللهاب التي ترتفع فيها درجات الحرارة الى اكثر من 50 درجة مئوية لتفقده صوابه ، بسبب خذلان الحكومات الفاسدة والجاهلة المتعاقبة لنهب خيراته وعدم توفير ابسط الخدمات الضرورية له مما نتج عدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل وسائل التبريد ، ليهتف بالتظاهرات الصاخية مناديا بتنحية كافة الاعضاء الفاسدين في الحكومات والبرلمانات التي استلمت الحكم منذ عام 2003 وتقديمهم الى المحاكم لاصدار الاحكام القانونية العادلة بحقهم.

اننا نرى في هذه التظاهرات بداية خير عارمة تكتسح الى مزبلة التاريخ وعذاب الدنيا والآخرة كل من خان وطنه وغدر باهله وذويه وجيرانه ونكل بابناء شعبه فجوّع ايتامه ورّوع ارامله وروّع شيوخه وقتّل وشرد خيرة علمائه وأدبائه وخبرائه وحكمائه وذوي الفضل والمروءة من رجاله بعد ان قام بتمهيد الطريق امام القوات الغازية الحاقدة والغادرة لتمزيق بلاده وتنصيب مثل اولئك الخونة المارقين والاراذل الفاسدين والجهلة الاغبياء والسراق الحمقاء والطفيليين السفهاء والمرتشين البلهاء ومن لف لفهم من الصلفاء لنهب خيراته الكثيرة خصوصا ثروته النفطية واذلال شعبه.

وختاما لنا كل الفخر والاعتزاز بابنائنا الثوار الذين ندعو لهم بالنجاح في مساعيهم الخيرة لتشكيل حكومة رشيدة تعيد لهم نشر السلام والاخوة والامان بين ابناء الشعب الواحد وتعيد اعمار البلاد واصلاح حال العباد ليعم الرخاء ويتم الصفاء وتسود العدالة الوارفة وتطمئن القلوب الخائفة.

والله من وراء القصد

 

غانم الـعـنّـاز - واتفورد – ضواحي لندن

 

في المثقف اليوم