أقلام حرة

صادق السامرائي: العقل والدماغ!!

الدماغ عضو فعّال ومسيطر على الجسم، ولأهميته تموضع في وعاء الجمجمة، ويتألف من جزء صغير يتحكم بالوظائف الحيوية، والقسم الأكبر يتمثل بالقشرة الدماغية بتلافيفها وعُصيباتها، التي تقدر أعدادها بالبلايين، وهي ذات تواصلات وتفاعلات تخاطبية مع بعصها، وبنشاطاتها تشكل ما يمكن تسميته بالعقل.

العُصيبات المتفاعلة تؤسس لمستقبلات فكروية، تستحضر الأفكار من فضاءات وجودها الكوني، فالأفكار مبثوثة كالعناصر الغازية المعروفة، ويمكن القول أنها طاقات موجية أو فوتونية، لا تنمحي وراسخة في الفضاء الذي تتحرك فيه، ولا تنعدم أو تغيب، بل خالدة في مواضعها، ولها قدرات التعبير عن ذاتها عندما بلتقطها دماغ إرتقى إلى مدارات التفاعل الإبداعي معها.

فالأفكار بهيأتها السلوكية ومظهرها التفاعلي مع محيطها متأصلة في أكوانها المتنامية فيها، وتتفاعل حولنا وفينا.

وبعد أن وصلت الأدمغة إلى مدارات تواصلية مؤهلة للتفاعل مع مستويات متقدمة من الأفكار، فأنها أخذت تتوارد بإنسيابية وبسرعة غير مسبوقة، مما يعني ان الدنيا مقبلة على تطورات خارقة لا تخطر على بال الكثرة البشرية، مثلما لم تخطر على بال الأجيال الإنترنيت ووسائل التواصل المعاصرة.

وعندما نتساءل عن العقل، يكون حاضرا في التفاعل ما بين الأفكار والأدمغة، فلكل دماغ عقل يتصل به، ولسلامة الدماغ ونوعيته التاثير الأكبر على نوعية العقل وقدراته.

ولا يوجد عقل بلا دماغ، فالدماغ هو جوهر العقل، ومنبعه، ومنطلق قدراته على الإتيان بالأصيل.

ووفقا لما تقدم، فالتفاعل المتطور ما بين الأدمغة ودوائرها الجاذبة للأفكار، ستأتينا بما نعجز عن تصوره اليوم.

ويكمن القول أن الدنيا ستدخل عوالم إفتراضية، بموجبها سيتحقق إستحضار المسيرة البشرية من أولها لآخرها، وستتوفر أجهزة قادرة على تسجيل الأفكار الحائمة حول الرؤوس.

كما سيتمكن البشر في القرن الحادي والعشرين، من التفاعل مع الأفكار على أنها موجودات مادية، قادرة على كشف أحوالها  المكانية والزمانية ومسيرتها عبر العصور، وإستحالاتها وما حصل لها، وهي تتفاعل مع ما لا يحصى من الأدمغة التي عاشت فوق التراب.

ولربما سيتعرى الوجود بأسره، وستتوفر أجهزة للتفاعل الإفتراضي مع الأفكار، فتتمكن من إستحضار أي فترة زمنية بما تواجد فيها من أحداث، وستتحول الحياة إلى أفلام إفتراضية، بموجبها ستشاهَد الحياة في أية بقعة أرضية، وفقا لإرادة الأفكار التي سنقبض عليها، فإلى أين يسير البشر؟

وهل سيكون بصرنا حديد؟!!

***

د. صادق اليامرائي

في المثقف اليوم