أقلام حرة

ثامر الحاج امين: السفالة أنواع

عرفنا السياسة بأنها طريق لقيادة المجتمعات وأساليب تدبير شؤونها وتقديم الخدمات لها، وهذا الهدف لا يمكن الوصول اليه بدون ان يرافق ذلك اخلاق تقيد السياسة من الانحراف عن أهدافها المعلنة طبقا لرؤية افلاطون في ارتباط الاخلاق بالسياسة ارتباطا وثيقا، ووفقا لجدلية العلاقة بين السياسة والاخلاق جاءت غالبية البرامج السياسية محملة بحزمة من المبادئ والقيم الموجهة للسلوك البشري المتعلقة بتحسين حياة المواطنين ومعيشتهم ودعم الشرائح الفقيرة منهم، ورغم ما جاء في هذه البرامج من وعود تتحدث عن ضرورة اشاعة الديمقراطية ومنح الحريات للشعب الا ان بعض السياسيين اخذ بالسياسة الى مستنقع الفساد والتلاعب بمصائر حياة الشعب واستباحة حقوقه وتدمير البلاد، وبسبب هذا السلوك المنحرف تعرضت السياسة الى أبشع انواع النقد والكراهية والتشكيك والقطيعة من قبل جمهور واسع خصوصا لدى المجتمعات التي شهدت أنظمة سياسية مارست القمع ضد معارضيها وسرقة قوت الشعب بدون ان يفرق هذا الجمهور ببن رسالة السياسة ومبادئها وبين القائمين على تطبيقها، فالتطبيق سلوك بشري خاضع للأهواء والأطماع والطموحات غير المشروعة لذا من الخطأ ان نحمّل السياسة كل ما يصيب الشعب من ويلات، انما يتحمل الشعب نفسه وزر ما يصيبه من شرور علي أيدي السياسيين الفاسدين وقد أشار الى هذه المسؤولية الكاتب الانكليزي "جورج اورويل " في قوله (الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية .. بل شريكا في الجريمة) وقد اثبتت التجارب ان فصل الاخلاق عن السياسة كان أحد أسباب تدهور حياة الشعوب وقيام الصراعات الداخلية فيها اذ ان السياسة بلا اخلاق تشجع على الانتهازية وتسبب الخراب والفوضى والانقسام المجتمعي، وبسبب الافعال السيئة التي قام بها السياسيون شاعت عند الناس فكرة ان السياسة والاخلاق ضدان لا يجتمعان وارتكزت هذه الفكرة على ما افرزته الساحة السياسية خصوصا في العراق من ظواهر وسلوكيات غريبة على قيم المجتمع العراقي ومنظومته الأخلاقية، فطيف واسع من العراقيين وللأسف صار لا يشعر بالخجل عندما يرتكب فعلا قبيحا، فهو يكذب ويخون ويسرق ولا يبالي بسمعته وماذا سوف يقول الناس عنه في المستقبل، وهذا السلوك يظهر بوضوح عند مراهقي وحديثي السياسة والطارئين عليها، فهؤلاء منافقون فهم بدل ان يسكتوا ويتواروا عن الانظار كي يمنحوا الشعب فرصة لنسيان ما ارتكبوه بحقه من فساد وجرائم وتخريب أخذوا يظهرون على الشاشات وبكل صلافة يزيفون الحقائق ويجاهرون بالكذب ويمجدون بزعاماتهم المسؤولة عن كل ما آل اليه وضع البلاد من تدهور طال حتى القيم والاخلاق، انهم بهذا السلوك يؤكدون سفالتهم ومن النوع المركب ذلك ان السفالة انواع ودرجات حيث يقول فيها الكاتب المصري الساخر محمد عفيفي ان الفرق بين السافل العادي والسافل المركب ان الأول يبذل كل جهده لكي لا يعرف أحد انه سافل، في حين ان الثاني لا تتم متعته الاّ اذا عرف الجميع انه كذلك .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم