تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: الغيب والدين!!

الغيب مرعب، والبشر من أشد المخلوقات رعبا من الغيب، ولهذا لا يوجد بشر لا يمتلك منظومة عقائدية مطمئنة عن معنى الغيب، حتى الذين نصفهم بالإلحاد لديهم منظومتهم الفكرية التي تفسر لهم الغيب.

ولا نعرف عن المخلوقات الأخرى، لكن الرعب من الغيب يتوطنها، فهي تتحرك وفقا لما فيها من الطاقات والغرائز والإندفاعات، ونهاياتها في مجاهيل الغيوب، التي لا يمكن أن يجيب عليها بيقين أي مخلوق آخر.

وبالنسبة للبشر فأنه وجد ضالته المريحة في الأديان، ولهذا فأنها رافقته مع أولى خطواته فوق التراب، وربما سبقته، وكأنها منظومة عقائدية ترشده إلى ما سيؤول إليه.

والأديان تطورت مع البشر وغادرت بداياتها لتصل إلى ذروة قدرات العقل البشري على الوعي والإدراك.

وعلى مدى أكثر من عشرين قرن، إنطلقت مناهج ومذاهب وفرق وجماعات، وفقا لما تمليه عليها قراءاتها لنصوص كتبها السماوية وغير السماوية، فكل جيل له منظاره المعرفي، ولكل غاية وسيلتها في الكتب المعتمدة في الأديان.

وهي حمّالة أوجه ويمكن تبرير الخير والشر بما جاء فيها من نصوص، وبتأويلات وتخريجات تخدم الغاية وتحققها.

فلكل سلوك ما بين طرفي الخير والشر ما يبرره في الكتب التي تعتمدها الأديان.

مهما تكن بواعث المآسي والويلات!!

فهل أن هذه السلوكيات من مناهج الغيب الفاعل فينا؟

الرعب من الغيب هو الأصل والأديان وغيرها من المعتقدات هي النتيجة أو الضالة التي يبحث عنها البشر، وقد يصدقها ويؤمن بها، أو يسفهها وتتسبب له بقلق مرعب أيضا.

فالبشر بين رعب اللاغيب والغيب، وهذه محنة وجودية عجزت عن حلها الأديان والمعتقدات، لكن الكثير منها تحاول أن تشيع الطمأنينة في النفوس البشرية، وتخفف من روعها، لكن البشر يبقى في حالة رعب من الغيب يتناسب عكسيا مع درجة إيمانه بما يعتقد به !!

وحقيقة البشر تتكشف عندما تحين منيته، ويجد تفسه أمام يقين الموت!!

وذلك من علم الغيب، وإن الله علاّم الغيوب!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم