أقلام حرة

عبد الخالق الفلاح: الانفتاح السياسي وسكة العلاقة

بشكل مباشر او غير مباشر تجعل العلاقات والتنبؤ بمستقبلها محط اهتمام الباحثين الان اكثر من اي وقت مضى فتاريخياً لم تكن العلاقات بين دول المنطقة على وتيرة واحدة، انما تميزت بعدم الاستقرار وتراوحت ما بين الصراع الفكري الى الاتفاق والسكينة ،والى مرحلة العلاقات قوية جدا في حقبة معينة، وثم الى القطيعة في مرحلة اخرى،اليوم اخذت الجغرافية السياسية في المنطقة تتغير بسرعة نحو التقارب والتودد بين الدول رغم الخلافات القوية التي عصفت ببلدانها في السنوات الخمسين الماضية

أن سياسة الانفتاح التي يتبناها العراق على محيطه الإقليمي والدولي تهدف لبناء علاقات متوازنة داعمة لجهود تخفيف التوترات والأزمات، أن العراق المستقل ذات السيادة يُمثل مصلحة مشتركة لكل المنطقة بلاشك تحتاج المنطقة إلى عراق قوي آمن ومستقر بعيدا عن التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، ويملك قرارا مستقلا في رسم سياساته الخارجية بما يخدم مصالحه الوطنية ويأخذ بنظر الاعتبار مصالح الدول العربية ، التي تؤيد وجود عراق قوي وامن ومستقر يمنح القوة والاطمئنان في ظل التحديات الكبرى لدورها وعاملاً أساسياً في تعزيز استقرارها ومرتكز لمنظومة عمل تقوم على قضايا الأمن المشترك والاقتصاد وحماية البيئة وفرص التنمية المتبادلة التي تعود بالمصلحة لبلدان كل المنطقة وشعوبها ، وكذلك يمكن القاء الضوء على قدرة العراق السياسية عموما والاقليمية وامكانياته في ظل الأجواء السياسية السائدة ونظام الحكم رغم الاختلاف والخلاف بين الاحزاب والسلطات ، والسلطة التنفيذية وما تتحمله من مسؤولية في رسم السياسة الخارجية للبلاد والمحافظة على المصالح العليا لها والانطلاق نحو علاقات خارجية اقليمية ودولية متوازنة يلعب فيها العراق دورا محوريا في بناء سياسات ومواقف ايجابية وعلاقات حسنة مع الجميع وبالتالي يكون  مركزا لتلاقي المصالح وخفض التصعيد وبناء علاقات ونسيج مجتمعي اقليمي ياخذ بنظر الاعتبار مصالح الجميع .

اليوم نشاهد تزايد فرص التقارب السوري العراقي خاصة بعد كارثة زلزال فبراير الماضي، الذي كان للموقف العراقي رسمياً وشعبياً -وما قُدم على مدار أسابيع عدة من دعم لوجستي ومساعدات إغاثية عاجلة- أثره البالغ في نفوس السوريين ومؤسساته الرسمية والأهلية ترتبط بأواصر ثقافية ودينية ولغة واحدة‌ ومصالح مشتركة، والامكانيات ممهدة حاليا لتحقيق التطور والاعمار والرخاء لشعوب هذه البلدان وعلى تطوير التعاون في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبنى التحتية لخدمة مصالح شعوبها فضلا عن تعزيز العلاقات التاريخية والثقافية والعقائدية. وبالتالي زيادة مقاومة اقتصاد البلدين ضد الدوافع الخارجية، في العالم الجديد الذي يتم تشكيله بعد تراجع دور الإمبريالية والدول التي تواجه غطرسة المتغطرسين ستكون على شفير النصر.، كما أن موقف العراق الداعم لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وما بذله من جهود لتحقيق تلك العودة بالتعاون مع دول أخرى، والجزائر والإمارات العربية المتحدة، نقل العلاقات السياسية بين البلدين من حالة الرتابة والحذر إلى حالة التنشيط والتواصل بحثاً عن قواسم مشتركة يمكن البناء عليها لفتح صفحة جديدة من التعاون السياسي، ولا سيما أن البلدين حافظا طيلة السنوات السابقة على تمثيل دبلوماسي عالي المستوى، وهذا ما يفسر الارتفاع الملحوظ في زيارات سياسيي البلدين، وآخرها زيارة وزير الخارجية السورية فيصل مقداد إلى بغداد، والاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين العراقيين.

بحسب الشواهد، فإن أشهر ما بعد الزلزال المذكور شهدت زيارات متبادلة عدة لمسؤولي البلدين، بعضها تم الإعلان عنه، وبعضها الآخر بقي بعيداً من الأضواء، وذلك بغية تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ووضعها على سكتها الصحيحة والمفيدة للبلدين، ومن المتوقع أن تنعكس إجراءات الانفتاح على 3 مستويات هي:

- العلاقات السياسية بين البلدين وما تتطلبه المرحلة الحالية من تنسيق مشترك في مواجهة ملفات إقليمية ودولية تهم البلدين معاً.

- العلاقات الاقتصادية التي تفرضها عوامل عدة، من قبيل: التقارب الجغرافي، والمصالح الاقتصادية المتبادلة، والتحديات المشتركة.

- العلاقات الاجتماعية والسياحية وما تعنيه من تسهيل عمليات الانتقال لمواطني البلدين، بقصد الزيارات الاجتماعية أو السياحة الدينية والتعاون الأهلي والمجتمعي.

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

في المثقف اليوم