تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

ثامر الحاج امين: مثقفون في ظل الحصار

خلال عقد التسعينات عاش العراقيون ظروفا معيشية صعبة، حيث شهدت تلك الحقبة حصارا قاسيا هدد حياة قطاعات واسعة من الشعب عن طريق حرمانهم من السلع الضرورية من أجل البقاء على قيد الحياة وقد تعددت طبيعة المعاناة واختلفت في انواعها وشدتها من شخص الى أخر وكان تأثيرها الأشد صعوبة وقسوة على المدمن السلبي والايجابي على حد سواء، فهو اضافة الى معاناته في توفير اساسيات الحياة من مأكل ومشرب فان عليه توفير ما يشبع رغبته في الأشياء الأخرى المدمن عليها والتي يسبب الانقطاع عنها حالة من التوتر وعدم الاستقرار، وتظهر المعاناة بشكل جلي في أوقات الأزمات الاقتصادية التي يشح فيها المال وعدم القدرة على توفير الحاجات الأساسية، وكانت شريحة المثقفين من بين الشرائح التي تعرضت لضغوطات قاسية من العوز والفاقة دفعت الكثير منهم الى افتراش الارصفة لبيع كتبهم من أجل توفير لقمة العيش لعائلاتهم، كما ان المدمن على القراءة تعذر عليه متابعة الاصدارات الجديدة والحصول على الكتاب الذي يعد زاد المثقف والنافذة التي يطل منها على الانجازات الجديدة في الساحة المعرفية وذلك بسبب غلاء اسعار الكتب، فنحن المدمنين على القراءة ومتابعة الاصدارات عشنا في منتصف تسعينيات القرن الماضي وفي ايام الحصار تحديدا أوقاتا صعبة ممثلة بشحة الطعام والمال وعدم القدرة على شراء الكتب المهمة والضرورية لإدامة تواصلنا الثقافي واشباع رغبتنا في التعرف على الاصدارات الجديدة التي يصعب علينا التخلي عن متابعتها وقراءتها وكان المال أيامها يقف حائلا امام توفيرها حيث شهدت تلك الفترة ارتفاعا كبيرا في اسعار الكتب يقابله انخفاض منسوب المال في جيوبنا، ووقتها اهتدينا انا وأحد الاصدقاء وشريكي في هذه المحنة الى حل هذه المشكلة التي ظلت تؤرقنا وهو ان نتعاون على شراء الكتاب الغالي الذي نعتقد ان جمهورا كبيرا من أصدقائنا لديهم الرغبة في قراءته ومن ثم استعادة ثمن الكتاب عن طريق دفع مبلغ نقدي بسيط لا يشكل ارهاقا ولا يتسبب بمشكلة لميزانية الصديق الذي يقوم بقراءة الكتاب وساهمنا ايضا في تذليل صعوبة الحصول على الكتب النادرة عن طريق استنساخ الكتاب وتداوله بيننا، وبهذه الطريقة تمكنا آنذاك من قراءة الكتب المهمة وعبور تلك المرحلة العصيبة والخروج من سوادها بوجه أبيض .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم