أقلام حرة

صادق السامرائي: الكتابات الإعتباطية!!

إعتباطا: دون سبب أو علة

لكي تكتب عليك أن تقرأ، وتتقن العربية، وفن الكتابة وأساليبها، أما التوهم بالكتابة فحالة متوطنة وصارت كالوباء، بسبب التقنيات الجديدة التي نهرت الأقلام ودعت إلى هيمنة الكي بورد.

وبموجب ذلك تنتشر المقالات الإعتباطية التي لا تستند على أدلة وبراهين، وتشير إلى مواقف إنفعالية ورؤى عاطفية خالية من المنطق والسببية، وتكيل الإتهامات وحسب، ولا تجد فيها ما يساهم بتقديم وجهة نظر مقنعة، وهي رجم بالغيب لا غير.

كتابات تنسف كل شيئ دون أدلة وطرح مقنع، وتحسب أنها ستوهم القارئ بما تذهب إليه من تصورات، هدفها الجوهري النيل من وجود الأمة، وترسيخ المشاعر السلبية، وتفريغ الأجيال من قدرات المعاصرة والثقة بالنفس.

فالذي يقرأ التأريخ عليه أن يكون موضوعيا وعلميا في طرحه، لا أن يلقي برأية ويجتهد في تبريره بمداد الإنفعال والتحامل، فالأحداث كما وردت إلينا مدونة تتصل بأمم خلت من قبلنا، ومن التعسف النظر إليها بعيون عصرنا، ونرميها بأحكام إرتجالية، ذات دلالات عدوانية.

لكل حدث مكانه وزمانه وأشخاصه والظروف المساهمة في صناعته ومآلاته، وليس من الإنصاف أن نتعامل معه على أنه حالة كما نراها، وكل رؤية ذات زاوبة قد تكون حادة جدا أو منفرجة كثيرا، ومهما توهمنا فيبقى الكلام من زاوية ذات درجة معينة، ولا يمكن لمن يقترب من أي حدث تأريخي أن يكون مستوعبا له بالتمام، لكن قد تكون هناك أرجحيات بين زوابا التناول والدراسة.

وهذا السلوك الكتابي يأخذنا إلى موضوع مسؤولية الكتابة وقيمتها المعرفية والتأثيرية، فلابد لها أن تكون ذات مرام طيب، وتوجه صالح يفيد المجتمع ويرمم ما تآكل في أعماق الأجيال بسبب الهجمات التدويخية الهادفة للتغفيل والتجهيل، وتعزيز المشاعر السلبية والنفور من الذات والهوية.

وبسبب غياب المحررين وتسابق المواقع على نشر ما يردها من الموضوعات، إختلط حابل الكلام بنابله، وتبعثرت المعاني وتطشرت المفاهيم، وصار العمل قولا منطوقا أو مسطورا، وعندما تتفحص الواقع تجده خاويا محشوا بالنكبات والتداعيات المريرة، الداعية لمزيد من التقهقر والهوان.

فهل لنا أن نحترم الكلمة، ونكتب بصدق ومسؤلية وأمانة تأريخية؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم