أقلام حرة

حسن حاتم المذكور: نموت.. وتحيا الأضرحة!

1 ــ في الأزمنة المعتمة والواقع المعاق، تتمرد الأسئلة على ذاتها، لتترك اجوبتها، تتخمر على ارصفة المهزلة، العراقيون وفي مسيرات مليونية، يبحثون عن ذاتهم التالفة، لا يعلمون من هم، اين كانوا وما عساهم ان يكونوا، يسكبون حياتهم في اضرحة ميتة، ليعيشوا امواتاً في نعش الأنتظار، كي يكون لهم، نصيباً مريحاً في الأخرة، او ان يعود المهدي الغائب ليعوضهم عن موتهم في الدنيا، دون  ان يكلفوا انفسهم، لترجمة واقعهم الكئيب، وهم يرون ان معظم انصار المهدي على الأرض، لصوص وارهابيون وقتلة مجهولين، وبدلاً من ان يوحدوا صفوفهم، في مسيرات ثأرية ساحقة، لأستعادة حقهم المشروع، والمغيب منذ أزمنة بعيدة، لكنهم يوغلون في عبثية الأنتظار، وهم يرون مدعي نصرة الأمام الغائب، والأمام الحاضر،لا ينتظرون مثلهم، بل افقروهم واذلوهم، وسرقوا حتى الشحيح من ارزاقهم، ولم يفكروا ان يغرزوا، رأس رمح مسيراتهم المليونية، في صدور لصوص وارهابيي البيت الشيعي، وحثالات المنطقة الخضراء، لو فعلوا ذلك، لبارك لهم الأمام علي واولاده واحفاده (ع)، خطوتهم الوطنية والأنسانية تلك، وأطلق عليها ثورة الحق، على باطل المذاهب.

2 ــ شخصياً لا زلت ازور ضريح والدي وجدي، وعندما اكون في بغداد، ازور تمثال لزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، لأنه يستحق، ولم اتخلف عن زيارة مرقد الأمام علي في النجف، ومرقدي الأمامين الحسين والعباس(ع) في كربلاء، تلك الرموز في ذاكرتي، لكنهم كانوا، اما انا فلا زلت حياً، ومن حقي ان اعيش، واكون سعيداً قدر المستطاع، ولي حق كغيري في الثروات الوطنية، واكافح اللصوص والقتلة المجهولين، ولا اقبل ان تكون، حصة الأخرين، شيعة ام سنة ام كرد أكثر من حصتي، كمواطن عراقي، ولا اقبل ان تستقطع الحكومة، والوسطاء المزعومين، الخمس من رغيف خبز عائلتي، ليتعيش على جوعنا الكسالى والمتطفلين، مهما كانت مظاهرم والقابهم، انها لصوصية وسرقة، وانها واحدة من اكاذيب وابتزازات، لا يقبلها العقل العراقي، حتى ولو كانت مشرعنة بمنطق التخريف.

3 ــ الأضرحة أسسماء في الذاكرة، نجلها ونحترمها، ومن الحماقة ان نمنحها حياتنا كي نموت، او نسمح لمن يرتدي أسمائها، ان يعبث بحاضرنا ومستقبل أجيالنا، ومثل ما هم تحت الأرض منذ مئآت السنين، فنحن لا زلنا احياء على الأرض، ويجب ان يكون لنا نصيب من الضمانات الصحية والأجتماعية، وحق العمل والتعليم وقدر مقبول من الرفاهية، ومن الحماقة ان نقبل الجوع والجهل والأذلال قدر لنا، تلك اشد مظاهر الكفر، وعلينا رفضها و التمرد عليها، علينا ان نحترم عقولنا، ونكون على قدر من الوعي، لنعرف الطريق الى الله، لا أن يدلنا عليه الوسيط المحتال، ولكي لا نتعثر، وتدمينا اشواك التخريف الشعوذات، فلا شيء يستحق التضحية غير الحياة، ومن لم يمت من اجلها، سوف لن يكون شهيداً، تجار الدين  ساديون، يسيل لعابهم على فائض الأرامل، وحتى الأيتام ان اتسعت سراديبهم للرذيلة، أهلنا كانوا أنيقون في التعبير عن مشاعرهم، وهم يزورون مراقد أئمتهم، وقد يتوقفون عند كنيسة، ليضيئون في اروقتها شموعاً للسيدة العذراء مريم، كي تحقق لهم "مرادهم" طلباتهم، وهكذا مع موروثات اصحاب الديانات الأخرى، أنذاك كانت صحة العقل الجمعي على ما يرام.

4 ــ الأنسان العراقي، عليه ان يستعيد عقله، ليصبح جديراً في الحوار مع ذاته والأخر، واعادة قراءة تاريخه، ثم اصلاح واقعه، وعليه ان يعلم، ان الحياة للأحياء، ويتجنب ان يرمي عمره، في ضريح لأمام ميت، وعليه ان يعلم، ان رجل الدين كسول يتطفل على ارزاق الأخرين بكل الوسائل،  بدعة "الخمس" فساد صريح، واحياناً الجزية عبر الأبتزاز غير المباشر، وهنا يحتاج رجل الدين، الى مجتمع غير متعلم، من اجل استغفاله كي يمرر شعوذاته، مع احترامنا لمشاعر الناس، فالضجة التي اثيرت، حول حرق اوراق من القرآن الكريم في السويد، ومع انها مدانة، يفتعلها من خذلوا الدين واسماء الله، عبر فضائح فسادهم وارهابهم، واغلبهم قناصة وقتلة مجهولين، في جميع الحالات، يمكن اعادة طبعً الصفحات التي احرقت، لكن هل يمكن اعادة طبع حياة الشهداء، الذين قتلوا برصاص مجاهدي البيت الشيعي، أهلنا في الجنوب والوسط، يطلقون على انفسهم "شيعة علي"، ويقتدون بعلمه وحكمته وعدله ونزاهته وكفائته وشجاعته، وكذلك وطنيته وانسانيته، وفي نفس حضاري يعبرون عن مشاعرهم واحزانهم، تجاه مصاب أئمتهم، أما ما يطفو الآن، على مستنقع فضائح ألفساد والأرهاب، فليس الا "شيعة الدولار" البارعون في تدمير العقل العراقي.

***

حسن حاتم المذكور

في المثقف اليوم