أقلام حرة

عبد الخالق الفلاح: الجوانب المظلمة في الانسان

تفكير البشرية بالسعادة بشكل عام من الامورالطبيعة ولكن تعتمد على نوع الصفات التي يمتلكونها، وبطبيعة الحال البشر مخلوقات اجتماعية، ولها حالة من الرغبة  في رفع درجة الرضا في الحياة، فعليها ان تتعلم كيفية التعامل مع الاشخاص في السلب والايجاب، وهناك حقائق تخالف احلام الكثيرين، فتغيب العقول مختارة بكامل إرادتها لتغيب الحقيقة عند البعض؛ ولهذا يعتبرمثل هذا الانسان كائن غامض على الارض في الكثير من جوانبة تصل الى الابهام، ملتبس إلى الأبد في بنيته النفسية والذهنية بعمق، بدون نقطة وضوح، متشعِّبَة ومتداخل الامكانيته في بلوغ الحقيقة التي لاتشوبها الغموض والتي قد تضع شخصا معينا ضمن إطار محدَّد، وتصنفه في نهاية المطاف على سبيل الاحتمال بالمضطرب الجوانب.

'الإنسان حكاية خارقة بامتياز، عصيَّة على الإدراك الأحادي. يضمر أكثر مما يبلور، يخفي أكثر مما يظهر، يبطن أكثر مما يكشف، ما يقوله غير ما يفكر فيه، فكره عكس سلوكه، سلوك أقرب إلى طاقة الديناميت، بل زيادة، خيرا أو شرا، تتجاذبه خلال ذاته دوافع لا متناهية، نزاعات ظرفية متباينة، تتفاعل في ذاته، بين طيات الذات الواحدة. هكذا، تتأجل هوية الإنسان باستمرار؛ لأنها مجرد ممكن يرتبط تحققه بالمحتمل، بناء عليه،'

يتضح أنَّ أكبر معركة يجدر بالإنسان خوضها في هذه الحياة، حتى يحظى افتراضا بمعنى وهوية، تكمن في سبره لأغوار نفسه وتوخي استبطانها بقصد الوقوف على جانب بحارمغاراتها الظلماء، ولكن تبقى 'النزعة الإنسانية' مثل الشجاعة والتواضع والرحمة والكرم والصبروالتسامح والنزاهة هي الصفات المميزة له والاعتقاد بأن لكل شخص قيمة وكرامة إنسانية أصيلة، ويطلق على السمة الثانية تعني معاملة الأشخاص برقي بوصفهم غاية في أنفسهم، وليس مجرد وسائل لتحقيق الربح مثلا، أو كبيادق الشطرنج، وتسمي السمة الثالثة بـ'الإيمان بالبشر' وهي الاعتقاد بأن الاعتدال في الأساس هو صلاح الناس، وأنهم لا يسعون دائما للإيقاع بك لانك شخصية قوية تستطيع المواجهة لكفاءة عقلك، لذلك، تظل باقي المعارك التالية، لأفق صراع الإنسان مع ذاته، قصد اكتشافها أولا، ثم تبيُّن ملامحها ثانية، بالتالي امتلاك الإنسان زمام مصيره الشخصي، وبلوغه على وجه التقريب مرتبة الحرية الباطنية.

في كثير من الاحيان الانسان لا تجبره سوى العواطف ... لأن النفس تحتضن ظمأً مضاعفاً فيرعبها أن لاتجد قطرات الأمل في يوما ما،إن انشغال المشاعر عن الحضور في اللحظة الراهنة وبقائها في ذلك المستقبل الموهوم قد تخلق لها كارثة  بسبب الانشغال الجانبي لانه هو السبب الرئيسي في ضعف الوعي المطلوب لحماية النفس والروح من أي صدمات أو نكبات أو سوء اختيار، بعيداً عن المشاعر التي كثيراً ما تحكمها الأوهام ليهبط الإدراك حينها إلى أرض الواقع بعد أن كان محلقاً في أعالي الوجود .. والعيون لا ترى إلا ما تشاء أن تراه، وهي الأحاسيس التي ترفض أن تعيش إلا في ما تحبه وترضاه ، ذلك هو الغباء الاختياري الذي تمليه عليه العواطف، أما الطبيعي منه فأصحابه من ذوي المسؤوليات والطامحين لان الحقائق ستبقى غائبة عنهم وبالتالي لا تعنيهم كل تلك المتاعب ولن يصحو يوماً وعيهم لإدراك الفرق الشاسع بين الحقيقة والوهم، ذلك الذي نراه اليوم في عقول البعض من البشر وخاصة  ' من توكل لهم المسؤولية وهم غير جديرين بها ' مع الأسف ولديهم الرغبة للانخراط في أنشطة خلافية مثل الغش أو الرشوة أو الكذب أو السرقة بكل انواعها .

لقد لاحظ الباحثون أن الإطار الجديد على فهم صفات الشخصية السلبية بشكل أفضل، يعتمد الى التوصل لاستراتيجيات أفضل لمعالجتها. وهؤلاء يتشبثون بغير الحقيقة بقناعة ذلك الحدس الذي ينتمي لاصواتهم الداخلية ولكن الجمال والأمل وحدهما ماثلان أمامهم و قد تُمزق وتخرس وتتبرأ من همساتهم المؤلمة. أن جميع الصفات الشخصية المنحرفة تعتمد على الميول السلبية وإن كانت بدرجات مختلفة، وهي إعطاء الأولوية لرفاهية أو سعادة المرء نفسه ومن يدور في دائرته أو نجاحه على حساب الآخرين، حتى لو كان يعني أن الآخرين  سيعانون من أبشع الصور التي تبتعد عن الانسانية..

***

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

في المثقف اليوم