أقلام حرة

صادق السامرائي: الأنين والتداعي الحزين!!

الواقع الإكتئابي للحياة في ربوع أمتنا، يستحضر ما هو مؤلم وسيئ وحزين ومُبكي، لأن الآليات النفسية الناجمة من الطاقة الإكتئابية تتسبب بإجتذاب ما يتوافق معها.

فالشخص المكتئب تغمره الذكريات المتفقة مع مزاجه اليأساوي السوداوي المبلس، فتعزز إنغماسه في الكآبة والحزن الشديد، وتخندقه فيهما لدرجة يصعب إنتشاله منهما.

والأمة فيها إنتاج إبداعي متنوع مرهون بالآليات الإكتئابية، من الأغنية إلى الشعر، والكثير مما تبوح به النفوس وتكتبه الأقلام وتصدح به الحناجر، حتى تحول الإبداع إلى بكائيات ولطميات، وساد الرثاء والإبلاس على وعي نخب الأمة.

ولهذا تجد الكتابات الحزينة الباكية ذات رواج وتسويق كبير، بينما لو كتبت بمفردات التفاؤل والأمل، فأنه سيكون في عداد المهملات، وسيُنظر لصاحبه على أنه "بطران"!!

هذه السلوكيات مطلوبة لتخميد الأمة وكسر إرادتها، وتجريدها من الإحساس بالحياة وقيمتها، ودفعها نحو النشاطات الموتية المتوافقة مع المزاج السلبي الفاعل في دنيا الأجيال، فيكون لثقافة الموت سوقا رائجة، ولثقافة الحياة أعداء هائجة، وعلى هذا الناعور الدامع الدامي تدور الأيام، وتغيب الأحلام.

والمشكلة أن نخب الأمة من المفكرين والفلاسفة والمبدعين بأنواعهم، إلتهمتهم آفة القنوط واليأس، وهيمنت على عقولهم غيوم الإحباط وفقدان الأمل، وعدم التفكير بما هو إيجابي وصالح للتفاعل المقدام مع الحياة، بل راحوا يتدحرجون في وديان الويلات والتداعيات، ويبثون الحسرات والأنين والرثاء والندب وجلد الذات.

وبموجب ذلك لن تجد ما يساهم بتعزيز إرادة الحياة، وما هو شائع النيل من الحياة والترحيب بسلوكيات الموت بأنواعها.

فهل من مزاج حياة طيبة، يا أمة تفاءلوا بالخير تجدوه؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم