أقلام حرة

مراد غريبي: لا خير في كثير من أقلامهم!

السؤال الجدلي الذي يفرض نفسه كثيرا في مدارات الصحافة العربية خصوصا على العديد من الصحف الخليجية هو: لماذا توظف أقلام لأجندات اجنبية، ولماذا لا تستحي اقلام فتبيع ذمتها للاساءة والاستفزاز للشقيق العربي والمسلم؟

 الصحافة العربية تئن بأوزار كتاب لا همَّ لهم سوى السمسرة واللهث وراء الدولار والدرهم، مسكين ذلك الكاتب الذي يشهر قلمه ليسيء لبني جلدته ويتقن التفاهة والرداءة التي صارت عنوانا بارزا للعديد من المنابر الاعلامية العربية للأسف خاصة الإلكترونية التي تنعت بالذباب بل حتى الذباب انظف منها.

ما تشهده الصحافة العربية في خضم التحولات والانجازات والرهانات في العالم العربي والمواقف البطولية للعديد من البلدان العربية التي تؤمن بأن الوطن العربي قضية مصيرية ومسؤولية العرب ككل من طنجة إلى مسقط ، وأن فلسطين وكل المعذبين في الارض هي مسائل تقرير مصير وحقوق شعوب في العيش الكريم، إنه “الايدز الإعلامي” الذي يظهر بعلاقات غير شرعية بين كتاب لا حياء لهم ولا خير فيهم إلا ببعض أسمائهم التي لو نطقت لتجردت منهم، في ظل هذا الفيروس العفن في جسم الصحافة العربية، اصبحت قواعد العمل المهني والأخلاقي شعارا فارغا يباع للجهة التي تدفع أكثر على حساب الشرف والنخوة والاصالة والاخوة العربية، وهذا عين الإفلاس لكتاب قاربوا السبعينيات ولا يزالون في أسواق المؤامرة يعتاشون لزعزعة البلدان الشقيقة وبث الفرقة والفتنة بين بني الوطن الواحد وبين الأشقاء. لقد بلغ الامر بكتاب أصحاب المشيخة إلى التدخل في شؤون البلدان بلا خجل ولا ادنى حكمة ارضاء لأسيادهم وفق منطق "الزعران رهن سيده"، ليس من عادتي الرد على أقلام التفاهة، لكن واقع الصحافة العربية في ظل هكذا كتاب الفجور والبهتان، ليثير موضوعاً شائكاً، بحق وهو طغيان الدناءة على الوعي والحكمة والجد المهني.

جميعنا يعلم أن ما يخطط وتحرك أحجاره في العالم العربي من محاولات زعزعة أمن البلدان وضرب اقتصاداتها واضعافها وتسقيط محاولاتها للنهوض بالامة العربية والسعي لافساد كل مبادراتها الاستراتبجية، كل هذا معروف مبرمجه ومموله ومحركه في الجغرافية والاقتصاد والعالم الافتراضي، لكن الدول العربية الرشيدة والواعية والمسؤولة والمخلصة لشعوبها ولامهات القضايا في عالمنا العربي، تاريخها العميق والنظيف والثري هو الذي يحكي عنها قبل ان يكتب عنها كاتب تؤجره، بل لها ابناؤها الاشاوس الذين رضعوا حب الوطن والامة والاسلام والعروبة وفلسطين والمظلومين فولاؤهم للوطن لا جدال فيه ولن يبيعوا كرامتهم واصالتهم بدراهم معدودة أو عديدة..

موضوع الايدز في الاعلام العربي والصحافة تحديدا كما وصفتها، هي إشارة إلى معاناة الأمة مع هذه الظاهرة التي احرقت الأخضر واليابس وبات نجومها يسمسروا في مجالس التطبيع والتطويع، بدل العمل على ردم فراغات بلدانها ولم شمل اوطانها ورأب صدع اقتصاد بلدها المباح من قبل شركات التجويع والنهب والفوضى، فصاروا أسماء تتهافت على مكاتب السفارات من أجل نيل دفعة اولى للعب دور او اداء رقصة اعلامية ضد الاشراف الذين ينبض قلبهم ثورة ضد الفساد والطغيان والهيمنة والاستدمار .

ظاهرة الدناءة التي انتشرت في اوراق كبرى عناوين الصحافة العربية بشكل كبير، ازاحت الستار عن فوبيا الرجال الذي أصاب العديد من اشباه العرب.

وبإطلالة سريعة على محتويات مقالات كتاب "التطبيع الدفيع" بلغة أشقاءنا المصريين، نجد أنها باتت تقتات على إثارة الفتن واستفزاز الكرام الذين صمتهم رحمة وقولهم ثورة، الذين عقدوا العزم ان لا ذلة في قاموسهم، حيث تنامي ظاهرة الدناءة في الاقلام المأجورة والمسعورة هو نتيجة لـمتغيرات وتطورات مهمة جداً حدثت على المستوى العربي والعالمي قبل 7 اكتوبر من العام الماضي وبعده ، حيث انتقلنا إلى اقتصاد العزة والشهامة والكرامة الإنسانية عامة والعربية خاصة.

لقد كانت الصحافة تتيح الشهرة للأشخاص على أساس جودة الأفكار وقوة الطرح والمنطق ، لذلك في السابق كانت الدناءة صعبة الحصول والتحقق وتكاد تكون حالات نادرة جداً، ولا ريب عرفت الصحافة في الغرب والشرق حالات من الاقلام الموظفة لحرق البلدان وتسقيط الكيانات والمؤسسات لكنها ظلت شبه منعدمة أمام الضبط المفروض على الصحف في إلتزام المهنية والموضوعية ، لكن مع موجة حرب الجيل الرابع والخامس اصبح المعيار هو التمويه المنتج.

للفوضى في نطاق محدد من المجال العربي لا لشيء لأن هذا -المجال العربي-معطل لرهانات التطبيع والاستدمار والهيمنة.

من هذا المنطلق، يبدو الحديث عن الصحافة العربية المعاصرة في بعض صور أحراز كتابها قلبت السحر على الساحر لأنها شر اريد بالعرب تحت مسمى خير ينسب زورا للعزيز الحكيم بل هو مكر لا خير سوى في اسمه ولا يحق المكر الا بأهله ..و أهل مكة أعلم بما يصلح لها والذي جاء بالصدق وصدق به فاولئك هم المتقون.

***

مراد غريبي

 

في المثقف اليوم