أقلام حرة

علجية عيش: من يوقف مشروع تهويد الفلسطينيين الرُضّع؟

(اختطافهم لتنشئتهم على القومية اليهودية)

الفلسطينيون الرُّضَعِ الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جنود إسرائيل هم في خطر أكثر من الأطفال الذين يموتون أو هم اليوم مشردون خارج وطنهم، ويكابدون ألم الجوع والبرد، هو مشروع لتهويد أطفال فلسطين، وقد اختار العدو "الرُّضَّعُ " لأنهم لا يدركون شيئا مما يحدث والحرب القائمة، لأن العدو سيغير هويتهم ويعمل على تهويدهم وغرس فيهم حُب القومية اليهودية، ففي الحروب تقع أشياء كثيرة اعتداءات وانتهاكات واغتيالات لكن اختطاف الرُضّع فلم يحدث في التاريخ.

 فمشروع تهويد أبناء المسلمين قديم يتجدد،  وهي عملية ممنهجة منذ الإحتلال الصهيوني لفلسطين، ولا أحد يعلم إلى أي تيار سينتمي إليه هؤلاء الرضع بعد أن يكبروا ويصلون إلى سن الخامسة على الأقل، هل إلى التيار الأهالي أم الليفورني، أو اليهود السفارد أو الإشكناز، رغم اختلاف عبريتهم  ويعلمونه الثقافة العبرانية  كما سيعملون على تجنيسهم ، ظنا منهم أنهم سيصبحون من شعب الله المختار، وهي واحدة من  الأفكار التي ينتهجها اليهود في مشروعهم الإلهي، فضلا عن إخضاعهم لبعض الطقوس اليهودية عندما يصلون سن البلوغ، الحديث هنا عن رُضَّعِ لم يصلوا إلى السن القانوني لاستخدامهم في الحروب سواء دينيا أو سياسيا ،  وما يحدث لهم من تغيير في حياتهم، لأنهم حديثي الولادة ولا يدركون ما يحدث حولهم، وهنا مكمن الخطر لأنهم سينشأون على الطريقة اليهودية ، فيعلمونه التوراة ، والتراث اليهودي والدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي.

 وهذه التنشئة تجعلهم جزءًا من المجتمع اليهودي، وتزويده بالثقافة العبرية و يغرسون في ذهنه حب القومية اليهودية،  وتعميق فكره بالوعي اليهودي حتى يقنعونه أن العرق اليهودي من ارقى العروق و العرب والمسلمين أكبر عدوٍّ لهم، حيث  يكبر هذا الرضيع (المسلم)  وفي قلبه حقد كبير على الإسلام والمسلمين، وقد يُجنّد في الجيش الإسرائيلي ويقتل يوما شقيقه أو واحدا من أبناء بلده الأصليين دون أن يعلم أنه مسلم وتم اختطافه ، وهكذا تكون القومية اليهودية فلسفة حياة بالنسبة له، وقاعدة تبدأ من وقوفه للنشيد اليهودي، وهو يردد: إسرائيل هي وطن الأمة اليهودية،  فالمشروع الصهيوني يهدف إلى تكوين جيل من اليهود (من أبناء المسلمين)  يحبون اليهودية والثقافة العبرية وهو ما أكده دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل في المؤتمر الصهيوني الرابع والعشرين والمنعقد عام 1956م " أنه لن يكون للحركة الصهيونية مستقبل بدون تربية وثقافة عبرية لكل يهودي بوصفه واجبا ذاتيا، وقال ان حفظ اليهودية مرهون بتطوير التعليم العبري والثقافة العبرية.

 إنه الحديث عن الإسلام اليهودي ، نلمس ذلك في عمليات "التطبيع" التي تمارسها بعض الدول العربية والتي تعلن دعمها لإسرائيل، وقد صدرت عديد الفتاوي حول التحول من الإسلام إلى المسيحية إلى اليهودية، واعتبرها البعض ليس كفرا، وإن كان هذا التحول يدخل في باب الحريات الفردية وحقوق الإنسان في الاعتقاد، لكن أن يختطف أطفال رضع  ويبعدون عن أمهاتهم لأغراض لا تعني شيئا ولا تهدف إلى شيئ سوى تهويدهم،  فعملية التهويد  لها جذور تاريخية ولكن لا يمكن اعتبار كل اليهود أعداء للإسلام وللعرب وبخاصة الفلسطينيين، فهناك جماعات يهودية ضد ما يحدث الآن في غزة والقصف البشع على السكان  وهي تعارض دولة إسرائيل وتدعو إلى حل سلمي للصراع القائم بين الطرفين، فعلى سبيل المثال لا الحصر نقرأ عن منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام  (JVP)التي تأسست عام 1996 وهي منظمة شعبية تهدف إلى تعزيز السلام والعدالة والمساواة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنظمة يهود من أجل العدالة للفلسطينيين (JfJfP):التي يدعو أفرادها إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وغيرها من المنظمات والجمعيات التي تدعو إلى إحلال السلم بين الشعوب والتعايش فيما بينهم، يبقى الدور على الأنظمة العربية الصامتة والتي لم تحرك ساكنا لوقف مشروع التهويد الذي تهدف إليه إسرائيل وبكل الطرق والوسائل.

***

علجية عيش

في المثقف اليوم