أقلام حرة

عبد الرضا حمد جاسم: الاطفال والثوار والماء

الماء يُغطي اربعة اخماس الكره الأرضية وهو اساس تركيب الاجسام الحية/ من الماء كل شيء حي والماء الوسط الذي تجري فيه وبه كل الفعاليات الكيمياوية في اجسام الكائنات الحية وهو يضم/ يحوي خزين هائل من الحياة المتنوعة ولا توجد يابسه خاليه منه حتى الصحارى.

الطفولة عماد الحياة ومستقبلها والحافظة للثوابت والمتغيرات الوراثية والناقلة لها والدامجة اصولها وفروعها وطفراتها وهي الجيل القادم لكل جيل فلا يوجد جيل خالي منها.

الثوار هم شُعلة الحياة وبُناتُها والمحافظين عليها والمضحين في سبيلها ولا توجد بقعه ارض خاليه من الثوار او اثارهم.

الماء تكّون ويتكون من اتحاد عنصرين مهمين هما الهيدروجين المتفجر وحامل الطاقة الهائلة ومشعل النيران والاوكسجين الاساسي للحياة واللازم لأي اشتعال. والطفل نتج من اتحاد او اندماج حيمن ذكري واحد من مليون حيمن... وهو الأكثر هيجاناً/ طاقة (نسبياً) مع تلك البويضة الوحيدة الهادئة الساكنة والتي لولاها ما تم الاخصاب لأنهاواحدة في الأعم الاغلب من الحالات.

والثائر نتج عن اتحاد فكرة ثوريه تحمل طاقة الحياة وربما هائجة انتجتها الإنسانية لإيقاف الظلم والاغتصاب والتهميش أي تعديل مسار الحياة السائدة... والثوار اشخاص فاعلين محبين للحياة مضحين في سبيل حق.

الماء والطفل والثائر جاءت على ذكرها كل الكتابات القديمة منها والحديثة وكانت محور كل الفلسفات والأديان.

للماء ذكريات في كل مكان حتى التي تبدو للعيان انها خاليه منه... ذكريات حفرها في الصخور والسهول والوديان والمدن والحضارات في انسيابه او ثوراته وهياجه.

(تتوهم تصد الماي الحجار...دقق زين بيها تلكَه الاثار...الماي يذل الحديد يحوله زنجار)

الطفل حفر ذكريات طفولته في خلاياه وخلايا من عاش قريب منهم او معهم وهو مسالم بريء محب للحياة ونقائها ويشيع الفرح والبهجة في نفوس الجميع اينما حل ولكنه عندما يثور يقلب السعادة الى مأتم... وكل طفل يحمل ذكريات الطفولة مرات عديده ذكرياته وذكريات اقرانه وذكريات اطفاله عندما يكبر.

(الطفل والماي والثوار......زينه للحياة او منجم اسرار وأفكار)

والثائر انسان هادئ محب للحياة مضحي يحب الماء والاطفال ويترك ذكرياته في في جماد المكان وفي الزمان وفي النفوس...وعندما يفارقهم او يفارقونه تبقى تلك الذكريات تُعاد وتُطرح في مناسبات عديده ولكنه اذاغضب او شعر ان هناك ظلم وعسف يثور ويزلزل الارض تحت اقدام الطغاة وتهتز لثورته العروش والكروش والصولجانات والتيجان...

 (يتوهم ظلم يركب ظهور الناس...الثوار سوو حديد الظلم كوم حجار)

كم مرة بكى الثائر لوحده او امام رفاقه بكاء الاطفال وكم مره تمنى ان يكون له طفل ليتبع خطاه وكم مره شعر بالسعادة وهو يقترب من منبع ماء ليروي عطش رفاقه وكم مره تصرف الثائر كما الطفل عندما يصل مجرى نهر ليرتوي ويستحم ويتأمل وكم ثائر سقط في طريق الذهاب الى منبع الماء او مجراه او في طريق عودته وكم مره سقط وهو يحمل الماء على  ظهره ليمتزج الماء مع دمه الطاهر.

ضفاف الانهار والعيون والينابيع والسواحل تشكلت قربها وفي محيطها تجمعات حضريه. واقيمت حضارات وانتجت مدن وقيم وخدمات وثوار وأطفال. وللطفولة ضفاف بُنيتْ عليها حياة الأسر وهي أدات ربط الاجيال ومستقبل الحياة . والثائر بنى ويبني بعرقه ودمه وعمله مواقف كثيره حفرها في الحضارة البشرية سواء في حياته او مماته.

قيل عن الماء الكثير ويقال وسيقال شعرا ونثراً بوجوده او عدمه والطفل يتغنى وتغنى به الجميع وعندما يغادر الطفل طفولته سيقول فيها لمن يأتي منهم. والثائر قيل ويقال عنه الكثير بحضوره او غيابه مِمَنْ عايشه او مِمن لم يلتقيهم او يراهم والماء والطفل والثائر لهم صور راسخه في مخيلة كل انسان محب للخير والسعادة .

الماء ساحر يشعر الناظر اليه بالأمان والاطمئنان ويسمع مع حركته موسيقى يتفنن في استنتاجها او تخيلها وينقل صور سقف الكون وكل ما يتحرك فيها فوقه ويمزج الوان المحيط.

والطفل يُشْعِر الناظر اليه بالأمان والطمأنينة لما يحمله من براءة وينقل صور الغير من المحيطين به من ملامح او مشاعر او مؤثرات.

والثائر رغم تحسسه للمكان والزمان فهو يثير مشاعر الغبطة والثقة والنصر والامل في المحيط الذي يتواجد فيه ويشيع الامان بسَهَرهِ على حماية الناس والقيم ويقدم دائما المساعدة والفرح للغير رغم عذاباته وقلقه.

الماء يطفئ نيران الحرائق ونيران العطش ونيران الجفاف والطفل يطفئ نيران القلق ونيران التوحم ونيران الطلق والثائر يطفئ نيران الظلم ونيران الاستبداد.

الماء لا يموت بل يتحور/ بتحول الى حالات اخرى متحمل اوجاع ذلك خدمة للحياة فلو شعر ان الحرارة تلهب الناس وتزعجهم يمتص ما يستطيع ليتحول الى بخار لينعشهم وعندما يشعر ان الاجواء تميل للبرودة يتحول ذلك البخار الى ماء/مطر لتعم فائدته على مساحه اكبر من تلك التي كان قريب منها وعندما يشتد البرد يمتص تلك البرودة او يمنح الحياة الدفيء بان يعطي طاقه ليتحول الى ثلج/ جليد يتجمع وينتظر متحمل الوحشة والصمت ليذوب مره اخرى ليسقي ويروي وينعش وينشر الخير والحياة ويعزف معزوفات ويغذي الحياة المائية بالأوكسجين اللازم لها ويعطيها غذائها .

والطفل لا يموت لان كل يوم اوكل لحظه هناك طفل جديد ليتحول في مراحل العمر الى ان يعطي طفل جديد ليجدد الحياة وينقذها من الشيخوخة فتراه متحول متجدد ومجدد.

والثائر لا يموت فموته يودي الى تكاثر الثوار وازديادهم ويتحول الثائر من شخص عادي معتنق فكر الى صانع او مجدد للفكر فكل يوم شيء جديد واسلوب جديد...رغم الصعاب حيث ما ماتت ثوره بموت ثائر.

شح الماء يثير القلق وينشر الجوع والجفاف والمرض ويترك اثار مرعبه على الحياة وتنتشر اخبار ذلك في كل مكان ويدعوا للتفكير باستغلاله بأمثل صوره واعادة استعماله وتقنين استخداماته وابداع طرق جديده للمحافظة عليه.

وشح الطفولة يودي الى القلق العام والخاص وتبتدع طرق لإنتاج الطفولة والمحافظة عليها وتنميتها لان هذا الشُح يؤدي الى جفاف المجتمع بالشيخوخة.

وشح الثوار يثير القلق لأنه يؤدي الى تكاثر وانفلات اعداء الحياة ويؤدي الى جفاف التفكير وتشققه وشيخوخته.

الطغاة في كل العصور يحاربون الحياة ويحاولون قطع الماء عنها بتلويثه وتجفيف الانهار، وتدمير الزراعة ويحاربون الطفولة ويمنعون عنها اسباب الحياة والنمو الطبيعي ويخنقون احلامها بشكل مباشر ضد الطفل او غير مباشر ضد الماء واهل الطفل ويحاربون الثوار لانهم حماة الحياة ومجدديها وهم حماة الطفولة والمدافعين عنها وعن احلامها تلك الحرب تتم بشكل مباشر وفردي للثائر بتعذيب اطفاله او تهديده ليبتعد عنهم او بقطع سبل العيش والمعيشة.

(ما جّذب طفل لو صاحله بدار

لو مهضوم لو محروم لو مفطوم...غصب يتلوه محتار

ماكو طفل...طلع فد يوم ويه اشرار بس هوايه شفنه اطفال ثوار

الطيب يجمع طيب...طيب الطفل طيب الماي والثوار

ذك بحسن نيه وذوله بحسن نيه وقوه وإصرار).

***

عبد الرضا حمد جاسم

 

في المثقف اليوم