أقلام حرة

علاء اللامي: العدوان الأميركي الجديد في قلب بغداد وهوان حكامه

لم يمر العراق في تاريخه الحديث، ومنذ قيام الدولة العراقية سنة 1921، بحالة من الهوان والذل واسترخاص دماء أبنائه ومن التبعية والفساد ونهب ثروات البلاد وتحكم الأجنبي ربما إلا في السنوات الأولى من العهد الملكي والذي لم يكن يخفي تبعيته للاستعمار البريطاني فهو حكم مستجلَب من خارج العراق.

ورغم تبعيته المعلنة فقد اضطر النظام الملكي البائد إلى إلغاء تجديد معاهدة بورتسموث وإلغاء المعاهدة الأصلية لسنة 1930 (المعاهدة العراقية البريطانية) تحت ضغط الانتفاضات الشعبية العارمة التي قادتها القوى الاستقلالية بقيادة اليسار وخاصة انتفاضة وثبة كانون سنة 1948. أما الزعامات الطائفية الحاكمة اليوم فترفض مجرد التفكير بالخروج من التبعية الأميركية وإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقَّعها نوري المالكي مع الرئيس الأميركي أوباما! ومعلوم أن هذه الاتفاقية قد تقرر بموجها سحب معظم القوات الأميركية المحتلة سنة 2011 بعد أن هزمتها المقاومة الشعبية شرَّ هزيمة والإبقاء على الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية الأميركية على العراق لتوفير الحماية للزعامات الانتهازية الطائفية في الحكم.

يمكن للمراقب المحايد أن يستنبط إنَّ المعادلة الجيوسياسية لحكم العراق التي وضعتها إدارات الأميركية وسارت عليها الزعامات الشيعية وحليفتها الكردية العراقية ومن التحق بهم من المقاولين العرب السنة وباركتها المرجعية الدينية ومقاولاتها العتباتية وبعض القوى العشائرية المتلقفة للفتات من المتساقط من مكينة الفساد والإفساد هي كالتالي استنباطاً:

* لكم - يا ساسة المحاصصة الطائفية والعرقية - حكم العراق والتمتع بحمايتنا لكم حتى من شعبكم إذا انتفض عليكم ولكنه حكم بلا سيادة ولا استقلال ولا كرامة ولنا كل شيء بما فيه أرواحكم!

* فإن قلتم لا أو فكرتم مجرد تفكير بالرفض أو الاعتراض والخروج من تحت المظلة الأميركية ضيعتم الحكم والتمتع بأموال الفساد واستبدلناكم بغيركم أو فرضنا عليكم الحصار الشامل!

هذه هي معادلة الحكم في عراق اليوم بكل صراحة ووضوح والأدهى والأمر هو أن النخبة "المثقفة" العراقية في غالبيتها ومعها محازبو الليبرالية واليسار المزيف الانتهازي إما أنها مستقيلة من "السياسة ووساختها" أو أنها تصفق للعدوان وتشمت بضحاياه وتتمنى المزيد من سفك الدماء وتدافع عن مبرراته لأن الحاكمين الطائفيين حرموها من حصتها في الحكم ومغانمه!

فأي مشهد عراقي هذا وإلى أين يتجه؟

***

علاء اللامي

في المثقف اليوم