أقلام حرة

صادق السامرائي: القياسية!!

القياس: رد الشيء إلى نظيره، ويأتي بمعنى المقارنة.

آلية تفكير رسّخها التكرار في عقول الأجيال، فلا تستطيع التفكير والإتيان بأصيل، إذ عليها أن تركن إلى أسلوب المسطرة، لتقيس ما تريد على ما عاش قبلها.

أي أن عقلنا قياسي.

ولهذا تجد العديد من نخب الأمة لا يقدمون ما ينفع، لأنهم يكررون ذات السلوك القياسي المبني على ما تراكم من رؤى وتصورات بهتانية باطلة.

وهذه الحالة تشمل مناحي الحياة ومعارفها، وتجدنا في الوقت الحاضر نتخذ من الآخر مقياسا  وسندا، فلا نكتب موضوعا إلا وإعتمدنا على مصادر أجنبية لتعزيزه، وتحديد صلاحيته ومقبوليته.

ونخشى الإنطلاق من واقعنا لنكشف ما يعوزنا، وعليه فالواقع يتأسن ويرزخ في مستنقعات الخراب والدمار، وعدم القدرة على الإتيان بصالح.

والعجيب أننا نتفاعل بآلية إعتمادية على ما هو قائم، ولا نريد الإستثمار بعصرنا وطاقاتنا المتوفرة في مكاننا.

والأغرب من ذلك لا ننظر لنشاطاتنا إن لم تكن مرهونة بمقاسات سابقة لها، وباترونات تتوافق معها لتبدو متلائمة مع رؤيتنا للحياة.

وبهذا الأسلوب ننكر وجودنا ونمحق عناصر ذاتنا، وننطلق في مسيرات التبعية والخنوع والتداعي في أحواض الآخرين، الذين يكرّسون سلوك الإستحواذ والعدوان على وجودنا ويأخذون ثرواتنا، ونحن صاغرون، نتوسلهم ونبجلهم ونتعبد في مقامات دجلهم وبهتانهم الرجيم، حتى صار الدين شخصا مقدسا يدوس على ما يشير للدين وهو الأعلى والأقدس، ومن أنداد رب العالمين!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم