أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (62): النساء والحرب

تعتبر النساء شريحة هشة من وجهة النظر الإنسانية، وذلك بسبب تركيبة جسدها البيولوجية الحساسة من بعض نواحي وفي بعض الأوقات في حياتها اليومية التي تكون فيها ضعيفة جسديا ونفسيا. فهي التي تحمل وتلد وتربي وتسهر على المرضى وغير ذلك. فكيف وإن اجتمعت تلك الظروف في الأزمات؟ وكيف إن كانت هذه الأزمات حرب همجية موجهة نحو غزة تحديدا؟

المرأة في غزة حُرمت من بيتها، دورة المياة بل والماء نفسه، مستلزماتها، حاجياتها الخاصة. تنزح من منطقة إلى أخرى في القطاع بحثا عن مكان آمن، تحت القصف والقنص سيرا على الأقدام وسط الركام والجثث، بمفردها بعد أن فقدت عائلتها أو مع أطفالها أو بعضهم ومن غير زوج تركته هناك تحت الردم شهيدا. ينتهي بها الأمر إلى مدرسة مكتظة للنزوح، لم تحمل معها سوى ما تلبس ويلبسون. أو إلى خيمة فيكون حظها كبيرا لأن هناك من تنام في العراء البارد. كيف تتصرف المرأة في هذه الحالة؟ ولا ماء ولا غذاء ولا حتى غطاء. كيف تتصرف تلك التي تعرضت للاعتقال من قبل جيش مُنحلّ، بل ماذا تفعل أمام التنكيل الذي يتعدى إلى التحرش أحيانا؟

والتي شاهدت أعمال العنف واختبرتها بمقتل زوج وأطفال، أم وأب وأخوة وأخوات، أمام عينها، ألن تشكل لها صدمة شديدة لها تداعياتها النفسية لفترة طويلة؟

ومعبر كرم أبو سالم ألم يكن له الأثر السلبي حين حال دون دخول المستلزمات الصحية النسائية؟ نعم كل شيء كارثي بالنسبة لشريحة النساء، والعالم يقف مكتوف اليدين يتفرج وربما يصفق لما يحصل.

أين هي اتفاقية جنيف الرابعة في المادة ٢٧ التي تلزم حتى الدول التي لم تصادق عليها. حيث تنص على أنه " يجب حماية النساء خصوصا من أي هجوم على شرفهن وخصوصا الاغتصاب والدعارة المفروضة، وأي نوع من أنواع الاعتداء غير اللائق"

غير أننا رأينا نساء في غزة قمن بكسر الصورة النمطية للمرأة. فوجدنا المراسلة التي تنقل الحدث، والممرضة التي تسهر لتساهم في إنقاذ الجرحى، والطبيبة التي تتحدى القنص وتجري لتنقذ مصاب في الطرف الآخر. والتي تقطع الحطب لتطهو لصغارها. فألف تحية لجميع نساء غزة اللواتي تفوقن على نساء العالم أجمع بصبرهن وثباتهن.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم