أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (63): إلى محكمة العدل العليا

على إثر القضية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا ضد دولة الاحتلال بشأن عملية الإبادة الجماعية التي ترتكب في غزة من قبل دولة الاحتلال ٢٠٢٣_٢٠٢٤ أصدرت محكمة العدل العليا حكما مفاده الآتي "يلزم "إسرائيل" باتخاذ "تدابير مؤقتة" لحماية الفلسطينيين في غزة والامتثال لاتفاقية منع الإبادة الجماعية". وكان من المنتظر أن قرارها الذي سيصدر عبارة عن اتخاذ إجراءات طارئة فقط حيث أن قضية هل ارتكبت دولة الاحتلال إبادة أم لا يحتاج إلى سنوات للفصل فيه.

لكن هذه المحكمة ولأنها هي الهيئة القضائية الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة فهي للأسف لا تملك سلطة واسعة لتنفيذ أحكامها ولم ولن تشكل يوما أي ضغط على دولة الاحتلال والدليل أن الحكم الذي أطلقته حبر على ورق فالإبادة لم تتوقف بل أن حدة عمليات القصف ازدادت، وكأن تلك المحكمة قد أعطتها الضوء الأخضر لتستكمل بشكل أكثر وحشية من ذي قبل.

فهل يعرف من أعطى الضوء الأخضر معنى شعور أن تكون مسجى على أرضية مستشفى خرج أو يكاد عن الخدمة وعشرات الشظايا تنهب جسدك؟ هل عاش من أطلق الحكم شعور أن تبتر ساقك أو أي عضو آخر دون مخدر فتعيش حالة من الهذيان بسبب الألم فقط لأن دولة الاحتلال تمنع وصول أي مساعدات طبية وغيرها للقطاع؟ هل عاش شعور أن تسكن في خيمة وينام أطفالك جياع وسط البرد وعلى الوحل؟ أن تفترش رصيف لا يرحم وصرخات الأطفال تملأ فضاء القلوب وتقطع نياطها كل لحظة؟ أن تكون طبيبا فينفد ما بين يديك من مستلزمات ضرورية وصولا إلى الماء النظيف، تنتقل من جرح إلى آخر دون تعقيم لا لشيء إلا لأن تلك المستلزمات عزّت على أهل غزة؟

فأين هي هذه المحكمة وأين عدلها الذي تتبجح به وجملها تائهة، تعترف بالعدل ولا تحكم به؟

لكن لا غرابة في الموضوع فأمريكا التي صنعتها استخدمت الفيتو ثلاث مرات ضد غزة وأطفالها منذ ٧/أكتوبر آخره ضد قرار قدمته الجزائر إلى مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار لدواع إنسانية. فكيف ننتظر منها أن تحكم لصالح غزة؟

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم