أقلام حرة

صادق السامرائي: لكل عصر لغته!!

أتصفح كتبا لتوفيق الحكيم (حماري ومؤتمر الصلح، أقاصيص ونوادر أشعب)، وأجدني في محنة فقدان متعة قراءتها، ولا أستطيع التواصل مع صفحاتها!!

وتساءلت لماذا؟

فوجدتها لا تلائم العصر الذي نعيشه، بأفكارها ومفرداتها والموضوعات التي تتناولها.

أنا إبن القرن العشرين وأشعر بالملل من قراءتها، فكيف بأبناء القرن الحادي والعشرين؟!!

هذه ملاحظة جديرة بالنظر ...

فما نتصوره سيبقى ويؤثر، يفقد قيمته ومعناه بسرعة غير مسبوقة في تأريخ البشرية، فالقليل مما كتب قبل قرون لا يزال يحافظ على قيمته ورونقه لأصالته، ومعظم المكتوب لا يجد له مكانا في عالم اليوم.

صديقي لديه أكثر من خمسة آلاف كتاب، وهو في خريف العمر ولا يدري ما يفعل بها، فلا أحد يرغب بأخذها مجانا ومنهم أنا!!

ولي قريب مولع بالكتب منذ صغره، ولا أدري كم من آلاف الكتب قد جمع، فوجد نفسه على شفا حفرة من الضياع والحيرة، يريد مَن يأخذها ويؤسس مكتبة بها، وما تقدمت مؤسسة أو جامعة وتعهدتها، وأظن أولاده سيتخلصون منها بسرعة، لأنها تشغل حيزا كبيرا في البيت.

يُقال أن هارون الرشيد فكر بالخلاص من الكتب التي جمعها أجداده في بيت الخلافة، فأرسى دعائم بيت الحكمة، أي أخرجها إلى مكان خاص بها نسميه اليوم "مكتبة"، وفي ذلك الزمان سمي " بيت الحكمة" الذي طوره المأمون وأعلى من شأنه ودوره الحضاري، فأصبح جامعة كبرى.

واليوم قادة المخترعات الإليكترونية يريدون التحرر من قبضة الورق والقلم، وسيصبح التفاعل عبر الشاشات وبواسطة الكيبورد وحسب.

فهل أن عصرنا المتسارع الفياض سيكتب تأريخا بلا أقلام؟

وهل أن كل علم لم يحوه القرطاس ضاع؟!!

ترى هل أنها فضاءات وما يسطرون؟!!

وهل "أن الكتب هي الآثار الأكثر بقاءً على الزمن"؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم