أقلام حرة

صادق السامرائي: برستيج الكذب!!

برستيج: الطريقة الصحيحة المهذبة للتعامل واللباقة بالتصرف، والأسلوب الأمثل في مراعاة قواعد السلوك للحفاظ على الصورة المشرفة التي تستوجب الإحترام.

لا تنطق بالحقيقة لأنها تجرح البرستيج!!

السياسة ربما هي فن إجادة مهارات الكذب، ووفقا لمنطلقات كتاب الأمير لميكافيلي، وبموجب ما تم التعارف عليه في وسائل الإعلام أثناء الحرب العالمية الثانية، التي أكدت أن تكرار الأكاذيب يساهم في تحويلها إلى حقائق راسخة، وصدق مطلق، لا يقبل المحاججة.

وفي زمن الإنفجار الإعلامي والتواصلي السريع بين البشر، أصبح من اللازم أن يكون الكذب سيد المواقف وقائدها، فبواسطته تتحول الملايين إلى حالة واحدة، وقوة قادرة على تحقيق مآرب مبرمجها ومروضها لإنجاز أهدافه بإرادتها المسلوبة، وعقلها المفقود.

وعندما تستمع لقادة العالم، تجدهم يتكلمون وفقا لآليات الكذب المدروسة بعناية فائقة، والساعية إلى تمرير نوايا الذي ينطقها ويجتهد في ترويجها وإصطياد الناس بها.

وهذه لعبة معقدة أعطت أكلها في الدول الديمقراطية الداعية للحرية وحقوق الإنسان، وما تقوم به هو تدجين وترويض البشر ليكون أعمى البصيرة، ومشحون بالعواطف والإنفعالات، وفيه أجيج إندفاعي نحو الهدف الذي تمكن منه وإستحوذ على مداركه ورؤاه.

فالملايين يمكن إختصارها بواحد أو ببضعة أفراد، إستوجب تفعيلهم على أنهم يمثلون الملايين المقبوض على مصيرها بالخداع والتضليل، والترويج الإعلامي الكاذب، وفقا لنظريات وقوانين سلوكية تمتلك النفوس والعقول وتصنع الرأي المطلوب.

فالصدق يتسبب بأضرار بالغة لمقام وهيبة الدول والقوى المهيمنة، ولا بد من الكذب المنمّق المعد بدقة وعلى ضوء النظريات والقوانين التفاعلية القادرة على خداع الملايين وترويضهم، ورميهم في ميادين السمع والطاعة والتبعية والخنوع، وهم المتوهمون بأنهم يعبّرون عن رأيهم، وما هم إلا صدى لرأي زرع في رؤوسهم وتمكن من القبض على بصائرهم.

وتلك لعبة الديمقراطية في مجتمعات الكرة الأرضية!!

"ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون"!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم